أزمة تأليف الحكومة: القوات والاشتراكي يتصديان لاطماع باسيل

هو صراع أحجام بكل ما للكلمة من معنى، وكلمة السرّ تكمن بالثلث المعطل في الحكومة المقبلة الذي يطمح التيار الحر أن يستولي عليه رغم المعارضة الشرسة التي تقودها القوات اللبنانية بمعونة التقدمي الاشتراكي.

لا يزال مسار التأليف الحكومي يدور في حلقة مفرغة، العراقيل على حالها ولا مؤشرات توحي بترفّع القوى المتنافسة عن شروطها ومتطلباتها المتضخمة، وكان اللافت أنه ومع إستمرار صراع الأحجام بث الرئيس المكلّف جرعة من التفاؤل مبشرا بقرب تشكيل الحكومة في الأسبوعين المقبلين ما أثار علامات إستفهام حول الأسس التي إستند عليها لإشاعات هكذا أجواء، وهل فعلا سنشهد إنفراجا حكوميا؟

المعطيات المتوفرة حتى الآن توحي بأن الولادة الحكومية لا تزال متعثرة، سيما وأن العقدة “المسيحية” و”الدرزية” لا تزال تصطدم بفيتوات رئيس “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل فيما يتعلّق بشأن تمثيل “القوات اللبنانية” ومطلب “الحزب التقدمي الإشتراكي” بحصر التمثيل الدرزي به، في وقت يصرّ باسيل على حصة “حرزانة” لتياره متمثلة بعشرة وزارء بما فيها حصة رئيس الجمهورية.

اقرأ أيضاً: صراع الاحجام مستمر والحريري: ولادة الحكومة خلال 15 يوما

وكان اللافت في هذا السياق، التصريح الصحفي لرئيس حزب التقدمي الإشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط اليوم (الثلثاء) الذي إتهم فيه التيار الوطني بأنه “استملك الدولة اللبنانية واستولى عليها”، مؤكدا أن «الكرة ليست في ملعبنا، بل في ملعب الرئيس الذي عليه ان يقنع حزبه بالتواضع..”.

وفيما تعكس هذه المعطيات أن العقد الحكومية داخلية فقط إلا أن فريق 8 أذار يصرّ على وجود تدخلات خارجية تعرقل عملية التأليف، وبشكل صريح إتهم “حزب الله” على لسان عضو المجلس المركزي في الحزب، نبيل قاووق أن “التدخلات السعودية – الأميركية في تشكيل الحكومة لم تعد سرا، وباتت السبب الأول في رفع بعض الجهات السياسية المعروفة الهوية، سقف مطالبها وحصصها، وافتعال العراقيل والعقد الداخلية..”

فهل مفتاح الفرج لعملية التأليف داخلي ينقضي بمجرد تنازل هذه القوى عن تعنّتها أو إنه فعلا خارجي؟

المحلل والكاتب السياسي جوني منير أكّد في حديثه لـ “جنوبية” أن “أميركا تريد تشكيل الحكومة اليوم قبل غدٍ وبالتالي لا تدخل أميركي، أما السعوديون فلديهم حسابات أخرى تصطدم بفيتوهات الفريق المقابل، مشيرا إلى أن “السعودية تشكل غطاء قوي لجعجع وجنبلاط وفي المقابل تطالب الحريري عدم تجاوز مطالبهم”. لافتا إلى أنه “في حال تم السير بمطالب القوات والحزب الإشتراكي لن يحصل بذلك التيار الوطني على الثلث زائد واحد علما أنه بحاجة إلى 11 وزير ليحصل على ثلث الحكومة ما يتيح له التحكم بها”. مشددا “هنا تكمن العقدة بمطالبة السعودية الحريري أخذ بعين الإعتبار مطالب جعجع وجنبلاط “.

وعن المناخ الإيجابي الذي أشاعه أمس الحريري رأى منيّر، أنه “مجرّد جرعة تفاؤل لكن لا شيئ فعلي، وهذه ليست المرّة الأولى التي يؤكّد فيها الحريري على قرب الولادة الحكومية “.

وفي الختام أكّد منير أنه “على المدى المنظور لا حلحلة في مسار التأليف، قد تستغرق عام أو أسابيع أو أيام حتى يتراجع أحد الأطراف عن رأيه ويمكن القول بذلك الأزمة مفتوحة”.

من جهة ثانية، نفى مدير إذاعة الشرق كمال ريشا أن يكون هناك تدخلات خارحية تعيق مهام الرئيس المكّلف بتشكيل الحكومة، مؤكدا أنه “لا وجود لضغوطات مباشرة من قبل أميركا ولا حتى من قبل السعودية، إلا أنه ثمة موقف دولي عموما تجاه وضع لبنان وتحديدا “حزب الله” بتصنيفه كـ “منظمة إرهابية” وفرض عقوبات عليه، وبالتالي هذا الموقف العلني والصريح هو الذي يرى فيه فريق “8 أذار” ضغوطات دولية لتأخير تشكيل الحكومة”، مشيرا إلى أنه “لا يبدو من حركة الإتصالات أن الأميركيين والسعوديين يتدخلون بالشأن الحكومي بقدر التدخل السافر للمحور الإيراني والأطراف الداخلية المنتمية له ، وذلك عبر وضع شروطا مخالفة للدستور والأعراف وكل القوانين، وبالتالي كل هذه الإتهامات غير ذات قيمة”.

اقرأ أيضاً: جميل السيد يثير فتنة شيعية أم يقود توجها سوريا في البقاع؟

كما لفت ريشا إلى أن “جزءا بسيطا من تحركات الحريري تجري في العلن، مشيرا إلى أنه يعتصم بحبل الصمت ولهذا السبب يستعين على قضاء حوائجه بالكتمان، ولفت إلى أنه “لدى الرئيس الحريري مروحة إتصالات واسعة منها المعلن وغير المعلن وقد تكون الأطراف المعرقلة أبلغت الحريري تراجعها بعدما إستنفد الوقت ولم يعدّ لديها مجال لتحصيل مكاسب لا تستحقها”، مؤكدا أن “التيار الوطني لا يستطيع العرقلة بمفرده وأن “حزب الله” هو “الراعي الرسمي” للعرقلة”.

وعن صراع الأحجام داخل الحكومة، قال ريشا إن “الصيغة المتداولة حاليا مطالبة الوزير باسيل بـ 11 وزير بما فيها حصة رئيس الجمهورية أي أنه بذلك يكون قد إستحصل بمفرده على الثلث المعطل، هذا عدا عن حصة الثنائي الشيعي وسائر أطراف 8 أذار لتكون في المحصلة حصتهم في الحكومة العتيدة 20 وزيرا ويبقى بالتالي 10 وزارء لتيار المستقبل والقوات والحزب التقدمي”. وختم بالقول “من هنا تتوضح الصورة ويظهر من يعرقل فعلا تشكيل الحكومة”.

السابق
الرياشي: اللقاء بين باسيل وجعجع قد يحصل في أي وقت إذا دعت المصلحة حصوله
التالي
أبو زيد: روسيا تنظر الى ايران كدولة محورية أساسية ذات بُعْد سياسي اقتصادي عسكري أمني