السيد محمد حسن الأمين: لا مشروع حضاري جديد خارج الهوية الاسلامية

رؤية المفكرين الغربيين والمستشرقين الاجانب للاسلام تتلخص بتقسيمه لاسلام ديني واسلام حضاري، وهم يدعون ان الأخير لم يعد له وجود، وان السبب هي التيارات السلفية التي غلبت التيارات التنويرية الحداثوية في تسيير شؤون الدين.

العلامة والمفكر الاسلامي السيد محمد حسن الامين يرى انه “ليس جديداً وجود هذه الرؤية من قبل الغرب للإسلام وللعالم الإسلامي، فإن الاستشراق بأغلب مدارسه يقدم هذه الصورة عن الإسلام، وإذا كان القول بأن الإسلام الحضاري قد تراجع، فهو أمر لا ننكره بل نحن من نطالب بحركة تجدد حضاري للعالم الإسلامي وهذا يتطلب إعادة نظر في قراءة الإسلام وغاياته وتحليل الأسباب التي أدت إلى ضعف الروابط بين الإسلام والمسلمين. ولكن قليلاً من المستشرقين هم الذين يعترفون أنهم مسؤولون عن إيجاد هذا الإرباك في الفكر الإسلامي وفي الحضارة الإسلامية، أي أن الاستعمار كان مسؤولاً بالإضافة إلى عوامل أخرى عن ظاهرة التراجع الحضاري للمسلمين”.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الامين: لا بدّ من التجديد في مناهج العلوم الدينية

ويتابع السيد الامين”نتفق مع الكاتب حول رأيه بأنه لا بد من قيام رؤية حديثة للإسلام كمشروع حياة وأن يكون لهذه الرؤية مواجهتها مع السلفية الإسلامية بمعناها السلبي، ومع هذه النهضة الحداثوية للإسلام لا بد من احتكاك مؤلم بين السلفية والحداثة ولكنه منتج على مستوى الرؤية، ولا بد أن نلاحظ أن الغرب مارس درجة عالية من الهيمنة، وبدلاً من أن تقوم حركة تحديث داخل العالم الإسلامي، فقد كان الغرب موضع انبهار ودهشة من قبل بعض النخب الإسلامية الذين حاولوا طرح مشروع تجديدي غربي بالكامل، وهذا ما نسميه بالتغريب، فليس صحيحاً أن الاستشراق كان يريد إشراك المسلمين في حركة النمو والإنتاج، وإنما أراد أن يبقى العالم الثالث عموماً والمسلمون خاصة في موقع الاستهلاك، سواء للأفكار أو للإنجازات المادية.”

أما بشأن ظهور الوهابية وأخواتها في مواجهة محاولات الحداثة في القرن التاسع عشر والقرن العشرين فيرى السيد الأمين “إننا نوافق وإن كنا نتهم الاستعمار الغربي بتغليب جانب السلفية من جهة وتقديم النموذج المزيّف للحضارة والمدنية الغربية بحيث عجز كلا الطرفين، الإسلامي الحداثوي والإسلامي السلفي عن تحقيق النهضة المنشودة باتجاه التجدد الحضاري للمسلمين، غير ان حصر مشروع التقدم الإسلامي بالتخلي عن الهوية الإسلامية كما يقدمه الغربيون نحن لا نوافق عليه، ولا نرى جدوى من استنساخ تجربة الغرب استنساخاً كاملاً، والتخلي عن الهوية الخاصة، وموقفهم هذا هو امتداد للاستشراق الاستعماري”.

اقرأ أيضاً: التجديد في الاسلام: في العقيدة والتراث أم في الوعي؟

ويخلص السيد الامين في ” أن الإسلام ولو بصورة مبدأية أخذ يتجلى كهوية للشعوب التي تعتنقه، وأصبحت درجة الوعي كافية لإطلاق مشروع إسلامي جديد يستند إلى الإسلام كهوية، ويستفيد من تجارب الغرب على المستوى العلمي والتقني وهذه الظاهرة بدأت تنمو في الوعي الإسلامي النخبوي على الأقلّ. وبالتالي فإننا لا نريد أن ننكر العيوب الحقيقية للمسار الإسلامي، ولكننا في الوقت نفسه لا نريد أن نلغي من أجل ذلك الهوية الإسلامية التي يكمن فيها جوهر التقدم الإنساني وجوهر قوة الاجتماع الإسلامي، وطالما تحدثنا عن ما سميناه بالتوفيق بين الإسلام وبين العناصر الإيجابية للحداثة، وما يزال هذا الأمر محل اهتمامنا وهو في نظرنا يرتكز على أسس كثيرة أهمها قيام حوار حضاري بين الشرق والغرب والتخلص من فكرة الاستعمار الغربي من جهة، كما التخلص من حالة الدهشة والانبهار أمام منجزات الغرب في العلوم وفي أنماط السلوك.”

السابق
قانون الإيجار الجديد يؤكّد استمرار الأزمة
التالي
جميل السيّد يترشّح لرئاسة المجلس النيابي!