الاكراد الحالمون بدولة… هل ستتحقق بعد الاستفتاء؟

اكراد
في ظل المعارضة الإقليمية والدولية للإستفتاء الكردي، هل سيكتب له التحقق، أم سيؤجّل على غرار ما حدث في المرات الأخرى بفعل الضغوطات الدولية؟

يشغل الإستفتاء بشأن الاستقلال لكردستان العراق المزمع حصوله في 25 أيلول الحالي دول المحيط بين مؤيد ومعارض. وفيما هذا الإستفتاء غير ملزم إلا انه أثار حفيظة الدول المجاورة لها سيما تركيا والعراق وسوريا. إذ يتمحور حول استطلاع رأي سكان المحافظات الثلاث في الإقليم الكردي، وهي أربيل والسليمانية ودهوك، ومناطق أخرى متنازع عليها، بشأن ما إذا كانوا يرغبون بالانفصال عن العراق أم لا بعدما تمّ تاجيل هذا الإستفتاء عدّة مرات منذ العام 2014 بسبب النزاع بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الإتحادية العراقية.

اقرأ أيضاً: الأكراد والمصير: أبعد من استفتاء

إلا أنه اكتسبت النداءات االدائمة بهدف الاستقلال الكردي زخما في أعقاب هجوم شمالي العراق الذي شنته داعش في العراق والشام الذي تخلت فيه القوات الخاضعة لسيطرة بغداد عن بعض المناطق، ثم استولت عليها البيشمركة ويسيطر عليها بحكم الواقع الأكراد.

ورأت مجلة التايمز البريطانية أن هذه الخطة جمعت بين عدووين لدودين في المنطقة وهما الولايات المتحدة وإيران، وفي الوقت نفسه جمعت أيضًا بين بلدان لا يتوقع أن تتفق يوما مع بعضها البعض. وعلى حدّ قولها فعلى الرغم العداوة بين واشنطن وطهران إلا مسؤوليهما كانوا يترجون كردستان التي تتمتع بحكم ذاتي من تأجيل الإستفتاء. إلا أن َّ التقاء مخاوف الطرفين ومصالحهما في المنطقة، كانت نتيجته معارضة.

فتعتبر الولايات المتحدة، أن هذه الخطوة ستفاقم زعزعة الاستقرار في العراق الذي يشكل أحد أبرز امكانها للإستثمار فيه. وفيما تعتقد واشنطن أنها إستطاعت الخروج من المستنقع العراقي بقيام دولة لها إستمرارية إلا أنه سرعان ما يطرأ مستجدات تعيد الأمور إلى الوراء إن كان مع سيطرة تنظيم داعش من جهة والآن مع إنسحاب حلفيها في إقليم كردستان، المتمتع بالحكم الذاتي، ليترك دولة يشكل فيها الطائفة الشيعية الأغلبية وهو ما يزيد من إحتمال بسط إيران نفوذها عليها.

وفيما يتعلّق بإيران، فبحسب مجلة التايمز فأثبت الأكراد أنهم ناكرو للجميل على حدّ وصفها أنهم إذ لطالما قدمت إيران الدعم للأكراد ضد عدوهما المشترك وذلك أثناء انزاع العراقي – الإيراني. وهو ما إنعكس بوقوع المجازر إضافة إلى شن الرئيس العراقي السابف صدام حسين هجمات الغاز سنة 1988. إلا أنهم، ما إن حصلوا على إستقلالهم الذاتي حتى عادوا وتحالفوا مع بريطانيا وأميركا .

وعلى غرار المثل القائل “عدو عدوي هو صديقي”، اضحى أيضا الأكراد حلفاء لإسرائيل. ولم تستغرب الصحيفة أن يؤيّد أكبر منافسي إيران الأكراد في إستفتائهم؛ إذ أعربت إسرائيل بشكل صريحه أنها تدعمه، فيما تدعمه المملكة العربية السعودية في السرّ. وبحسب “التايمز” فإن كل من الرياض وتل أبيب يرى أن هذا الإنفصال يكسبهما مميزات تواجد وكيلٍ لهما يشارك إيران حدوداً جبلية ممتدة.

وجاء على لسان، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنّ “تل ابيب تؤيد وتدعم جهود الأكراد من أجل التمتع بالحكم الذاتي”.

بالطبع أوّل الرافضين لهذا الإستفتاء هي الحكومة العراقية تحت ذريعة أنه مخالفا لدستورها المعتمد في 2005، كما أنه لا ياتي بمصلحة الأكراد سياسيا ولا اقتصاديا ولا قوميا. كما يعبّر التركمان والعرب عن رفضهم أن يتضمن الاستفتاء محافظة كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها.

وفي الحقيقة يكثر معارضي الإستفتاء عن مؤيديه إذ تعارضه دول في المنطقة ودوليا، سيما تركيا، التي تبرر هذا الأمر أن أمن ووحدة العراق مرتبط بالأمن والإستقرار في المنطقة.

وفي هذا السياق، أعلن وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، أمس (الخميس)، أنه تم الاتفاق مع كل من تركيا وإيران على اتخاذ “إجراءات مضادة” فيما يتعلّق بالاستفتاء الغير دستوري. مشددين على ضرورة الوحدة العراقية. وذلك وفقا للبيان الذي صدر عن مكتب الجعفري. فيما لم يصدر عن الجانبين التركي والإيراني أي تعليق حول ما دار في الاجتماع.

أماواشنطن فقد أعادت التأكيد قبل أمس على معارضتها التامة للاستفتاء وذلك بحسب البيان الصادر عن الخارجية الأمريكية.

مشيرة إلى أن الدول المجاورة للعراق جميعها ناهيك عن المجتمع الدولي لا يؤيد هذا الاستفتاء، وقد دعت المسؤولين الأكراد العراقيين إلى الموافقة عن البديل ب بالقيام بحوار جدي ومتواصل مع الحكومة المركزية بتسهيل من الولايات المتحدة والأمم المتحدة وآخرين، حول جميع المسائل المثيرة للقلق بما في ذلك مستقبل العلاقة بين بغداد وأربيل.

اقرأ أيضاً: دولة كردية عراقية تسابق الوعود الأميركية للاكراد السوريين

وتابع البيان “في حال تمّ الاستفتاء، فليس من الممكن بعدها التفاوض مع العراق، كما سيتم إلغاء العرض الدولي المذكور أعلاه.وأشار البيان أن هذه الخطوة تؤثر سلبا على العلاقات التجارية الإقليمية لكردستان العراق للخطر، وعلى تدفق المساعدة الدولية بأنواعه.

وفيما لعب الأكراد دوراً مهما بالتصدي للإرهاب. حيث نجحوا في ضرب الإرهابيّين ضربات قاسية في سوريا بدعم أميركي واضح، وهم الذين وضعوا نصب أعينهم هدفا واحدا هو الاستقلال عن النظام، وتأسيس دولتهم المستقلة. خيبة واشنطن آمالهم.
يذكرا أن، الأكراد يسكنون في الجبال الممتدة على الحدود ما بين تركيا، والعراق، وسورية، وإيران، وأرمينيا، ويترواح عددهم ما بين 30 الى40 مليونا. ويعدون رابع أكبر مجموعة عرقيّة في الشرق الأوسط. ولأجل تحقيق اهدافهم التاريخية لعبوا دورا هاما في الصراع الداخلي في كل من العراق وسورية، ويجمعهم العرق والثقافة واللغة، رغم اللهجات المتعددة والديانات والمذاهب المتنوعة.

السابق
المعارضتان «عروبة» و«حلا بركات»: اغتيال في ذمة الأمن التركي
التالي
على وقع مقالات وردود… عاشوراء لا توّحد المسلمين في بيروت