أكّد وزير العدل سليم جريصاتي في مؤتمر صحفي عقده يوم أمس الثلاثاء 30 أيار القضايا المرفوعة من زميله في التيار الوطني الحر وفي الحكومة وزير الطاقة سيزار أبي خليل على خلفية انتقادات وتساؤلات وشبهات طرحت سياسياً وعبر مواقع التواصل الاجتماعي حول صفقة الكهرباء لا سيما وأنّ بعض المصادر السياسية وأبرزها حزب الكتائب كانت قد أكّدت أنّ الفرق في الأسعار بين ما تضمنته الخطة في لبنان وبين عقود مماثلة في دول أخرى قد تخطى الـ800 مليون دولار.
ولأن التساؤل جريمة في عهد التغيير والإصلاح، لم يواجه الوزير الشكوك حول المناقصة والشركة التي رست عليها بالوثائق ولم يبرئ الذمة التي كان أوّل من أثار الشبهات حولها “الخي القواتي” بالأدلة، بل استند إلى قانون كمّ الأفواه ومنع المحاسبة، وكأنّ أهل السلطة في لبنان تناسوا أنّهم جاؤوا من الشعب وتحت مساءلة الشعب ولخدمة الشعب، ليحملوا بالتالي كرباج القضاء الذي لا يحمي لا ناشطاً ولا رأياً في صرح عدلي مسيس.
أبي خليل لم يكتفِ بدعوى قضائية واحد، إنّما تقدم بعدة دعاوى قضائية إلى النيابة العامة الأولى ضد الذين شهروا به (على حد تعبيره) بتهمة هدر المال العام، والثانية ضد كل من اتهمه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بدفع الأموال لشركة ENI الإيطالية الراعية للصفقة.
هذا وتضم لائحة الوزير العتيد أيضاً أسماء لإعلاميين في مقدمتهم “أسعد بشارة ونوفل ضو”، ومستندات وفيديوهات لعدد من السياسيين منهم وزير العدل السابق اشرف ريفي والنواب سامي الجميل وبطرس حرب روبير غانم.
إضافة لدعوى ثالثة تقاضي صاحب أي تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي يُعتبر (بحسب الوزير والقضاء الذي يتلطى خلفه) قدحاً وذماً، وتضم هذه اللائحة أكثر من 400 ناشط بحسب معلومات الـlbci.
إقرأ أيضاً: ما قصة الخلاف بين جعجع وباسيل حول ملف الكهرباء؟
هذه الدعاوى استدعت ردوداً ممن نالهم منها “طرطوشة”، فغرّد الوزير ريفي معلقاً “إذا ابتُليتم بالمعاصي فاستَتروا . لن نسمح بأن يكون #لبنان دولة أمنية ومعركتنا هي معركة النزاهة في وجه #الفساد”.
ليضيف “يبدو أن وزير الطاقة سيزار أبي خليل ومن يقف وراءه جبران باسيل ووزير العدل سليم جريصاتي ليسوا فاسدين وحسب لا بل وقحين”.
من جهته اعتبر النائب بطرس حرب في حديث إذاعي “ما قام به وزير الطاقة سيزار أبي خليل أنه أسخف ما يمكن أن يقدم عليه مسؤول، وسيكون لي رد مفصل”، ليضيف “لقد شاهدت خلال تاريخي السياسي سخافات وتجاوزات للقانون وجهلاً، إنما اليوم تم تجاوز كل الحدود”.
إقرأ أيضاً: سيزار ابي خليل… وزير أو قرصان؟
فيما أكّد مدير مؤسسة لايف الحقوقية المحامي نبيل الحلبي في حديث لـ “جنوبية” أنّه “من الناحية القانونية له الحق بالادعاء على كل من يراه قام بتوجيه القدح و الذم ضده، وللمدعى عليهم حق تقديم دعوى افتراء بحقه إذا ما ثبتت براءتهم”.
وأضاف الحلبي “المطالبة بتقديم إيضاحات هو حق للرأي العام و للنواب على وجه الخصوص، وطلب إيضاحات حول الصفقة لا يعتبر قدحا و ذماً”.
إذاً، من حق أبي خليل الادعاء، ومن حق المعنيين تقديم دعوى افتراء، غير أنّه وكما يبدو فيسجل للعهد القوي العدد الأكبر من قضايا الرأي، فلم يشهد اللبنانيون قمعاً كذلك الذي يلاحقهم من الذين حملوا راية الإصلاح.
وكما هو ظاهر فإنّه لا إصلاح ولا تغيير، فالفساد المستشري يتمدد، وكلّ الخطط الإصلاحية التي صدحت بها المنابر لم تكن إلا حبراً على ورق!
فهنيئاً لنا لعهد لم يكن قوياً إلا عالكلمة.