الرئيس عون بين الاستقلال والارتهان… وماذا عن اعلان بعبدا؟

ميشال عون
لا يزال النهج السياسي العام لرئيس الجمهورية العتيد ميشال عون يشوبه الغموض، مع تبنّ أممي مفاجىء لـ"إعلان بعبدا" الذي ينأى بلبنان عن سوريا، والتشديد على وجوب تطبيقه.

خرج الرئيس ميشال عون أمس أمام اللبنانيين عموما ومناصريه خصوصا من قصر بعبدا الذي خرج منه قسرا منذ 26 عاما، عندما دكت طائرات السوخوي السورية القصر بالقنابل والذي تمنّع عون أمس عن ذكرها بالاسم في خطابه متحدّثاً عن «جنود غير لبنانيين اقتحموا قصر بعبدا». هي الوصاية السورية التي فعلت فعلها والتي كانت السبب بكسر الجنرال ونفيه إلى فرنسا برّر عون أمس التسمية بأنها الآن أصبح العداء مع سوريا غير مجدي، وهو ما طرح علامات إستفهام حول النهج الذي سوف ينتهجه عون في عهده الرئاسي. وعما إذا كان سيلتزم بـ”إعلان بعبدا” وعنوانه النأي بالنفس، الذي تشدد الأمم المتحدة للإلتزام به من أجل إبعاد لبنان من الصراع الدموي السوري، والذي أعلنت الخارجية الأميركية بشكل مفاجىء وجوب تطبيقه، وذلك فور انتخاب الجنرال عون رئيسا للجمهورية قبل اسبوع.

اقرأ أيضاً: الحكومة ثلاثينية.. وهكذا ستتوزع الحصص

وكان اللافت حوار وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، مع صحيفة “الشرق الأوسط”، اليوم الذي أشار فيه إلى أن الرئيس عون “كان حليفًا لـ(حزب الله) عندما كان رئيسًا لتكتل التغيير والإصلاح النيابي، لكنه بعدما أصبح رئيسًا للبلاد أصبح حليفًا لكل اللبنانيين”. وعن تدخل حزب الله” في سوريا قال باسيل إن “هذا وضع شائك يتطلب انسحابًا كاملاً لجميع الأفرقاء وترك سوريا للسوريين لإنهاء الوضع العسكري القائم ومحاربة الإرهاب والقيام بنظام في سوريا يرضي جميع السوريين”.

ما قاله باسيل يطرح علامات إستفهام كبيرة حول العهد السياسي الجديد الذي سينتهجه الرئيس ميشال عون؟ فهل سينأى الجنرال الرئيس بلبنان أن سيشهد الوطن هيمنة الوصاية الإيرانية المباشرة عبر حزب الله؟

وفي حديث لـ “جنوبية” مع القيادي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش رأى أن “سوريا تحت الوصاية في الأساس، وبالتالي بشار الأسد ليس في وضع سمح له ان يمارس الوصاية على احد والكل يدرك جيدا هذا الأمر بما فيهم الرئيس عون”.

ولفت علوش إلى أن “ايران والتبعية لها امر آخر، سيما أن جزء من اللبنانيين يعتبروها مرجعية لهم”. مضيفا “ونحن لا نعرف إن كانت العلاقة الرئيس عون يإيران تخوّله تحييد لبنان أو أنها ستؤدي إلى اصطفافات بوجه أشقائنا العرب”.

مصطفى علوش

وخلص علوش “علينا إعطاء عون فرصة ولا نستطيع اصدار الاحكام في الوقت الراهن، خصوصا أن خطاب القسم كان متوازنا وهادئا، صحيح انه شابه الغموض الا أنه غموض منطقي”.

من جهة ثانية، رأى الكاتب والمحلل السياسي الياس الزغبي أنه ” المشهد السياسي وفق بعض مؤشراته يفترض أن عون سيتابع السياسة نفسها التي سار عليها منذ 11 عاما”. وتابع “من المؤشرات على ذلك أولوية إستقبالاته للموفد السوري ووزير خارجية إيران”. إضافة إلى “إستبعاده تسمية الجيش السوري الذي إحتلّ قصر بعبدا ووزارة الدفاع في خطابه أمس”. واعتبر الزغبي أن “هذه مؤشرات توحي وكأنه سيستمر على النهج السياسي نفسه قبل الرئاسة”.

الياس الزغبي

ولكن الزغبي إستدرك قائلا: “الذي يدقّق بخطاب القسم يكتشف أن عون يمهد لسياسة مستقلة جديدة تنسجم مع النهج اللبناني التاريخي بالإلتزام بقرارات العربية وتحييد لبنان عن صراعات الخارج”. ولفت الزغبي إلى أن “الذين وضعوا الخطاب تعمدوا تمرير عبارات قابلة للتفسير والإجتهاد على أنها تصب في السياسة نفسها التي ينتهجها فريق 8 أذار بقيادة حزب الله مع محورالممانعة والمقاومة”. ورأى أن عبارات ثلاث وردت في الخطاب تشير إلى ذلك وهي “لن نوفّر مقاومة، والتصدي إستباقيا للإرهاب، والتشديد على المادة 8 من ميثاق الجامعة العربية”. وقال الزغبي “هكذا يستطيع حزب الله تبرير وتغطية حربه في سوريا وسائر المنطقة. وهنا تظهر الإشكالية التي يجب أن تتبلور في الأيام المقبلة حين يتمّ وضع البيان الوزاري”. وتساءل الزغبي “هل يستطيع حزب الله تكريس هذه العبارت الثلاث أو ما يعادلها في البيان الوزاري”.

ولاحظ “تمرير عون في خطابه في قصر بعبدا أثناء التهنئة الشعبية عبارة لن نكون مرتهنين لأي جهة خارجية، إلا أن عون لم يشر لحالة الأمر الواقع في الداخل المتمثلة بارتهان السياسة اللبنانية لسلاح الغير الشرعي بيد حزب الله”.

إلى ذلك إعتبر الزغبي أن “المؤشرات السلبية والايجابية بدءا من خطاب القسم وصولا إلى بعبدا، إضافة إلى تجاهل إعلان بعبدا المعلّق في صالون القصر، هذه المؤشرات تترك مجالا للتساؤلات عن مستقبل السياسة العامة وهذا ما سيظهر بالدرجة الأولى في البيان الوزاري ونوعية الحكومة التي يتم تشكيلها إذا كانت ترضي القوى السياسية التي أنتجت بتحالفها هذا العهد (تيار المستقبل، حزب الله، القوات اللبنانية)، عندها يمكن تلمّس الخط والنهج العام لعهد ميشال عون”.

اقرأ أيضاً: التسوية: لحزب الله الحرية الأمنية وللحريري الحرية الاقتصادية

وخلص الزغبي للإشارة إلى “المؤشر الإيجابي المتمثل بإجتماع الرئيس عون بممثلي المجتمع الدولي في لبنان وتشديدهم على الإلتزام بإعلان بعبدا إضافة إلى تمنّي الرئيس السابق ميشال سليمان على عون أن يفعّل الإلتزام بهذا الإعلان”. وختم “لا بدّ من الانتظار والترقب لمعرفة المسار العام في العهد الجديد”.

السابق
ما هو سرّ محبة «الهندوس» لترامب ولماذا احتفلوا بفوزه؟
التالي
ظريف: انتخاب رئيس نصرٌ للشعب اللبناني