رسالة مفتوحة إلى سعد الحريري

أقدمت يا شيخ سعد على ترشيح ميشال عون لتولي سدة رئاسة الجمهورية اللبنانية، وليتك لم تفعل. عللت، وبررت، وسردت... لم تُقنع ولم تقتنع.

يا شيخ سعد، ليتك بقيت في الخارج ولم تعُد لتنهي نفسك، وتنهينا قبلك، نحن أيتام “قوى الرابع عشر من آذار” – تغمدها الله برحمته، وليرحمنا معها بعدما فعلت.
في معرض تبريرك يا شيخ سعد، ذكرت الأزمات التي مررنا بها منذ إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وفي معرض التبرير تحدثت عن إتفاق الدوحة والإنقلاب عليه، حين إستقال وزراء قوى الثامن من آذار، وعلى رأسهم وزراء مرشحك الحالي عون، مسقطين بذلك حكومتك، ليخرج بعدها مرشحك ويهديك تذكرة “وان واي تيكيت”، أبقتك خارج البلاد لسنين! أتضمن يا شيخ سعد، وأنت الآن في عز ضعفك السياسي، داخليًا وإقليميًا، بأن مرشحك لن ينقلب عليك؟ مرشحك الذي إنقلب عليك حين كنت تحظى بدعمٍ سعودي، ألن ينقلب عليك بعد أن إنقلبت على قرار السعودية بمعارضة ترشيحه؟
يا شيخ سعد، في “سلة” إتفاقكم، أنت ومن وصفته بـ”حارس الإستقلال”، ماذا أسميتم تدخل حزب الله في سوريا؟ هل توافقتم على أنه دفاعًا عن لبنان؟ ولولا هذا التدخل لكانت داعش في جونية؟ أو أنكم إعتبرتموه تدخلًا لحماية المقدسات؟ أو أنك يا شيخ سعد إعتبرت سفك دماء الشعب السوري موضوعًا ثانويًا خارج السلة؟ أحدثك حارس الإستقلال هذا عن تكليل الإستقلال بترسيم الحدود مع سوريا؟!

عون و سعد الحريري
يا شيخ سعد، لم نحمل السلاح، ولن نحمله، ولكن ماذا عن سلاح حليف مرشحك؟ ألم يُوجَّه إلى صدورنا في السابع من أيار عام 2008؟ ماذا تحمل سلتكم عن هذا السلاح؟ هل إتفقتم على سحبه وتسليمه للشرعية؟ أم إتفقتم على الإعتراف به وتشريعه مجددًا في البيان الوزاري الذي سيُتلى إذا شُكّلت الحكومة التي وُعدت فيها؟ وبالتالي تشريع أي إستخدام له لاحقًا في الداخل والخارج، من لبنان إلى سوريا واليمن والعراق وحتى السعودية! أو وعدك حارس السيادة بمنع تصدير المقاتلين من لبنان إلى الجوار العربي؟!
يا شيخ سعد، أتحدثتم عن دماء شهداء 14 آذار؟ من رفيق الحريري وصولًا إلى وسام الحسن ومحمد شطح. رفيق الحريري الذي قتله النظام السوري بتنفيذ من يحميهم حليف مرشحك، ووسام الحسن الذي هدده مرشحك يومًا قائلًا “الي بيدق بالتوتر العالي بيتفحم”… أم أن سلتكم لا تشملهم؟ أوعدك حارس الإستقلال بتسليم المتهمين الأربعة بإغتيال رفيق الحريري للمحكمة الدولية؟ أم أن عون أقنعك بوجهة نظره بأن “الغاية من المحكمة ضرب الإستقرار وليس البحث عن العدالة”؟ وأن في المحكمة شهود زور “إستُعملوا للذهاب إلى محاكمات ثأرية وليس لتطبيق العدالة”؟

إقرأ أيضاً: الحريري يتبنى اليوم مرشح المحور الإيراني..فهنيئاً لجمهور «الشهيد»

يا شيخ سعد، لمرشحك صهرٌ مدللٌ، لا تُشكل حكومة دونه رغم أنه ساقط إنتخابيًا، وأخلاقيًا. صهرٌ عنصريٌ بإمتياز، إتخذ موقفًا في إجتماع وزراء الخارجية العرب، سبب بعزل لبنان عن إخوانه! وهل أقنع مرشحك صهره بالتعايش معك ومعنا؟ أم أنه لا يزال فاقد للرغبة بالتعايش مع الشريك المسلم، السني تحديدًا؟ أم أنك تنازلت له برصيدك وبالشعب كله؟ فأنت اليوم حين تغامر، لا تغامر فقط بشعبيتك وبكرسيك وبعدد مقاعدك النيابية وبريصدك كما قلت. بل أنت تغامر بفئة كاملة من الشعب اللبناني، ليس فقط الطائفة السنية، بل بكل معارضي محور مرشحك، أكانوا من جمهورك أو ضدك، أنت تغامر بهم جميعًا.
اليوم بتّ يا شيخ سعد، بنظر عون، رمز الإعتدال والإنفتاح والعيش المشترك. وبالأمس القريب كنت بنظره “داعشي بكرافات”. ولم يستحِ جمهور مرشحك برفع علم حزبك مع عبارة “ألوان داعش الحقيقية”، ورفع صورةٍ كُتب عليها “ليس بالضرورة أن يكون المتطرف ملتحي، قد يكون أصلع” في إشارة لرئيس الحكومة تمام سلام. أهذا هو مرشحك؟

إقرأ أيضاً: الحريري في ترشيح عون: رثائية موت حلم الدولة

إذا أردنا أن نعدد، سينتهي عمر عون قبل أن ننتهي، ولكن إقرأ ما أقول وتذكر جيدًا. رفيق الحريري قبل 26 عامًا، أخرج عون من بعبدا، وبدأ مسار إعادة إعمار لبنان. واليوم يا شيخ سعد، أنت تسعى لأن تعيد عون إلى بعبدا، على عكس ما فعلته “بوصلة” والدك. عون أخرجك من الحكومة وأبقاك في المنفى، منتقمًا من والدك وقائلًا في سره “أخرجني والدك وبقيت 15 عشر عامًا في المنفى، وأخرجتك وحلفائي من الحكومة وأبقيتك في المنفى ولن تعود إلى الحكومة إلا بعودتي إلى القصر الجمهوري”. لا نريد هذه الحكومة، ولا هذا التطويب للهيمنة الإيرانية في لبنان. لا نريدك رئيسًا للحكومة، التي وإن كُلفت فيها، لن يدعوك تُشكلها.

السابق
فتفت لـ«جنوبية»: المبادئ ليست للتكتكة
التالي
السيدات القوة الناعمة الدافعة للتنمية والاستقرار