عندما تتحوّل بلديات حزب الله إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!

ثلاث محطات متتالية عكست الجو الديني المتطرف للبلديات التي يتولاها حزب الله، فأصبح المجلس البلدي المأمور لسلطته قاضياً شرعياً، يحلل المباحات ويحرّم المحظورات..

بلديات مدنية لبنانية أم “هيئة أمر بالمعروف ونهي عن المنكر” تابعة لحزب الله؟ّ
هذا التساؤل الذي طرحه عدد من الناشطين بعدما استوقفهم في أقل من اسبوع ثلاثة تعاميم من ثلاث بلديات مختلفة تابعة مباشرة لحزب الله، من جبشيت وصولاً لعيترون، وأخيراً الخيام، ملامح لأحكام دينية منفصلة عن المناخ اللبناني وذات سطوة دينية بحتة وقواعد مشددة.
جبشيت والتي فاجأت بلديتها أحد محلات التسلية في البلدة، بأنّ عليه أن يغلق عند كل صلاة وأن يحظر الاختلاط، إضافة لـ5 نقاط أخرى، لا تطرح في دولة يحكمها قانون مدني توافق الناس عليه.
أما عيترون، فكان الشغل الشاغل لأعضاء حزب الله في المجلس البلدي هو اصدار قرار بموجب فتوى استحصلوا عليها من جهة ما ليست المجلس الشيعي بالتأكيد، ويقضي بإغلاق مسبح البلدة والذي يعد متنفساً لأبنائها لأنّه لا يجوز للنساء المتواجدات مع أطفالهن وأزواجهن مشاهدة صدور الذكور العارية علّ ذلك يحرّك شهوة ما!
إلا أنّ هذه النزعة الدينية التي يحاول الحزب فرضها بلدياً في البلدة اصطدمت بمعارضة كل من ممثلي الحزب الشيوعي وحركة أمل!

ولأنّ “الحبل ع الجرار”، وحزب الله كما يبدو قد أراد أن يفرض ما يراه هو حرام أو حلال دينياً، كانت ثالث التعميمات في بلدة الخيام، والتي منعت النساء من المشاركة في ماراثون حرمون وحصرت المشاركة بالذكور تفادياً للاختلاط!

جبشيت

غير أنّ المصيبة الحزبية التي تحاول دعشنة بعض قرى لبنان وتحولها لبلديات إسلامية، لم تتوقف عند ما ذكر أعلاه، بل امتدت بطابع ديني بحت أشاعه السيد سامي خضرا، والذي نشر مقطعاً مصوراً له يوصف من خلاله منتقدي بلديات الحزب بدواعش السفارة الأمريكية، ويموضع تلك القرارات تحت تصنيف مسائل دينية وأخلاقية وشرعية مرتبطة بالعادات والتقاليد.

إقرأ أيضاً: السيد خضرا: داعش أمريكية لضرب كل ما يحافظ على الدين في جبشيت وعيترون

هذه الأحداث انعكست مادة دسمة عبر مواقع التواصل الاجتماعية، فتساءل البعض إن كان قتال حزب الله لداعش قد انقلب عليه فأصيب بعدوى الداعشية!
وعلّق أخرون، أنّ ما يحدث يطرح العديد من الاستفهامات!
فيما سخر البعض، معتبراً أنّ لدى الحزب فيروس يمنع التابعين له من الاختلاط مع النساء.

الجدير بالذكر، أنّ هذا التوجه للقيمين على البيئة الحزبية، ليس مستجداً، وإنّما الجديد هو ترافق هذه القرارات بضجّة إعلامية وتفاعل الكتروني، أما عامل الصدمة فيظهر بتتابع التعاميم في فاصل زمني قصير، ولا بد هنا أن نستذكر بيع الخمور في كفررمان والعريضة، والرأي العام الذي ارتدّ عنيفاً ضده ممّا استدعى ضبضبة البلبلة لا سيما وأنّ ما من حزب أو تيار يتفق مع الحزب في مآربه، فحتى حليفه المقدس “حركة أمل” لم يصادق على نزعاته الدينية!

أخيراً، لا بدّ من الإشادة بالدور التنموي البائس لبلديات حزب لله والتي لم تعكس منذ 18 عاماً وحتى اليوم، أيّ نجاح إنمائي يعتد به، بل كانت مثالاً يحتذى للفشل التنموي ولصراع النفوذ، والتلوث.
لذا على الحزب أن يهتم بحاضنته إنمائياً ثم يجتهد دينيا بعد ان ينجز نموذجه التنموي في البلديات فما يحتاجه المواطنون ليس “هيئة شرعية” تحكمهم، وإنّما مجالس بلدية فعّالة تخرج من نطاق المحاصصة السياسية والاستغلال الديني إلى العمل والرؤيا والتخطيط والتحديث.

إقرأ أيضاً: قواعد السباحة في احكام الشريعة… «عيترون» أنموذجاً

ختاماً، ما يحصل ، فشل إنمائي متراكم وصوت معارض داخل البيئة يعلو، فما كان أمام الحزب على ما يبدو إلا التوجه نحو الغطاء الديني لإلهاء الناس عن همومها، فبدلاً من أن يدافع مواطنو البلدات عن حقوقهم التنموية فيعملون على مواجهة الفساد والمحاصصة، هناك ربما من يريد دفعهم للغرق في النقاش حول جنس الملائكة…هذا ما يمكن أن تخلص إليه فرمانات بلديات جبشيت والخيام وعيترون والحبل على الجرار.

السابق
العرب والمتنبي والقطار
التالي
انتصار إيران حتمي في نظر إيرانيّين!