«مش أنا»… واعتذار!

لم تعكس الحلقات الأولى من "مش أنا" رؤية واضحة، فمنحت المسلسل طابعاً بعيداً عن الواقعية وصورة نافرة، وهذا ما أخذنا إلى القول "مش أنا .. مش نحنا".

خلافاً، لعديد من المسلسلات التي تنطلق بمشهدية قوية ثم تخذل المشاهد لاحقاً برتابة وببطء وأحداث غير مترابطة، وهذا ما شهدناه في السباق الرمضاني وفي أكثر من مسلسل، شهدت الساحة اللبنانية الدرامية بإمكانياتها المتواضعة وبالسيناريو العفوي، والأداء القوي مسلسلاً فرض أولويته ببساطة انتاجه على أهم وأضخم الانتاجات المحلية والمختلطة.

“مش أنا” حصد النسبة الأعلى للمشاهدة عبر المؤسسة اللبنانية للإرسال، ولا تزال الأنظار مشدودة إليه حتى اللحظة، والتساؤلات تتمحور حول مجرى الاحداث التي تفاجئك بغموض ممتع وبمستجدات تحاكي التشويق لا التطويل الركيك.
في الحلقات الأولى، لم يملك “مش أنا” هذه العوامل، كانت انطلاقة غير مشجعة فاستوجب الانتقاد، ولكن سرعان ما عكس حالات مجتمعية مترابطة وقصص متعددة “تشبهنا” بانسيابية وذكاء.

إقرأ أيضاً: مالكو الأبنية المؤجرة: ما تم تصويره في مسلسل «مش أنا» جزء من الواقع الأليم

سلطة المال والاستغلال، الحب، الخيانة، المشاهير، الطموح، الفقر، الزواج، السمنة، قانون الإيجارات، الفروقات الطبقية، مشكلة الكحول، الاغتصاب الزوجي، الصداقات… مواضيع طرحها هذا المسلسل على بساطته فأقنعنا بها، وتفاعلنا معها.

كارين رزق الله

كارين رزق الله، أثبتت بهذا المسلسل أنّها ليست فقط ممثلة كوميدية لايت وليست محدودة بكادر المرأة التي لا تجيد إلا الصراخ على زوجها فادي (دورها في مسلسل أنا ومرتي بأجزائه المتعددة)، وإنّما ممثلة درامية ومن الصفّ الأوّل، بل ويمكن القول أنّها تفوقت أداءً على من سبقها من زميلاتها لشاشة الدراما، بلا تكلف، ولا تصنع، ولا نوبات هستيرية، إذ كانت انفعالات “شخصية هنا” تؤدّى بطريقة حرفية لتشدّ المشاهد فيتأثر بها.
بالنظرة، بالكلمة، بالصمت، بالخطوة، استطاعت هذه الشخصية القاسية – المنكسرة أن تنقلنا معها من مرحلة النفور لمرحلة التعاطف، حتى الألم (الفكرة الخفية) كان مشهداً مدروساً لا يساوره شكوك.
بديع أبو شقرا بدوره ممثل نخبوي، وكانت الكيمياء بينه وبين رزق الله من العوامل التي أسست لنجاح هذا المسلسل بل ولتفوقه.

إقرأ أيضاً: مسلسل «مش أنا» ..مش نحنا.. ومش لبناني كمان!!
الدراما اللبنانية، أثبتت من خلال مسلسل “مش أنا” أنّ الإبداع لا يحتاج لضخامة ولا لمبالغة، كارين رزق الله نجحت في الاختبار، فكانت “نحن”، والمسلسل الذي لم يصل لحلقاته الأخيرة بعد ما زال يخفي الكثير من المستجدات التي ينتظرها المشاهد بفارغ الصبر.

السابق
قنبلة يدوية في عرسال ليلا
التالي
«قناة عربية» وراء تفاؤل «عون».. والآلية في لبنان مفقودة