البحرين: بدعة سحب الجنسية عن اية الله قاسم تهدد بفتنة طائفية

بجرم معارضة النظام دفع اية الله الشيخ عيسى قاسم ثمن اعتراضه على النظام فسحبت منه الجنسية ليصبح بلا هوية ومجرّد من كافة حقوقه المدنية. فأي قانون يسمح بسحب جنسية من مواطن مهما كان الفعل والجرم؟ الا يثبت ذلك ما تدعيه المعارضة من تمييز طائفي؟ وما هي تداعيات هذا الحكم الجائر على الأوضاع في البحرين؟

بأقسى عقوبة وأكبر انتهاك لحقوق الانسان أسقطت وزارة الداخلية البحرينية الجنسية عن مرجع الشيعه في البحرين اية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم المعارض للنظام البحريني. وذلك “في سياق مواجهة المملكة لكافة قوى التطرف والتبعية لمرجعية سياسية دينية خارجية” بحسب ما أعلنت.

وجاء في البيان، ” تم اسقاط الجنسية البحرينية عن المدعو عيسى أحمد قاسم الذي قام منذ اكتسابه الجنسية البحرينية بتأسيس تنظيمات تابعة لمرجعية سياسية دينية خارجية حيث لعب دوراً رئيسياً في خلق بيئة طائفية متطرفة، وعمل على تقسيم المجتمع تبعاً للطائفة وكذلك تبعاً للتبعية لأوامره، بحسب بيان الداخلية”.

البحرين والتي تشهد منذ خمس سنوات ثورة شعبية اسوة بما حصل في باقي الدول العربية التي عمتها ثورات الربيع العربي، وقد نادت بتحقيق العدالة و المساواة لجميع المواطنين وخصوصا الطائفة الشيعية التي تمثل الأغلبية من الشعب البحريني، لكنها على الرغم من ذلك فان حقوقها مهدورة وتعيش في تهميش وحرمان. هؤلاء الذين خرجوا للمطالبة بأبسط حقوقهم المدنية و للتعبير عن رفضهم لهذا الظلم والتهميش الطائفي.

ثورة البحرين وان كانت تنطلق على أساس طائفي كما يقول البعض، إلا أنها ثورة محقة ضد كل أشكال التمييز حيث يمنع المواطن من الطائفة الشيعية من الالتحاق بصفوف الجيش وغيره من الوظائف المهمة في الدولة . واليوم تم تجريد اكبر شخضية دينية شيعية لان صاحبها قال لا في وجه السلطة. فبماذا يختلف هذا القرار عن الاجراءات القمعية والدكتاتورية للنظام السوري الذي واجه معارضيه بالبراميل والاعتقال والقمع؟

وقد جاء قرار إسقاط الجنسية بعد أيام من حملة شرسة شنتها السلطات البحرينية ضد المعارضة حيث قامت بإغلاق مقر جمعية الوفاق، وحل جمعيتي التوعية والرسالة الإسلاميتين، واستدعاء عدد كبير من رجال الدين للتحقيق، في وقت كانت صحف المملكة البحرينية تشن هجمة واسعة ضد الشيخ قاسم. كما هددت ايران على لسان قاسم سليماني قائد فيلق القدس ان البحرين سوف تدفع ثمن ما فعلته مع اية الله قاسم. كما ندد حزب الله في لبنان بالاجراء البحريني الظالم.

عيسى قاسم

اية الله الشيخ قاسم الذي يعتبر من أهم رموز الثورة والأكثر تأثيرا يعدّ أكبر مرجعية دينية للشيعة في البحرين ولجمعية الوفاق البحرينية، التي يقبع رئيسها الشيخ علي السلمان في السجن منذ سنتين بعد ان حكم بتسع سنين بتهمة التشجيع على الفتنة.

إقرأ أيضاً: كيف علق سليماني على إسقاط البحرين لجنسية آية الله قاسم؟

هذه الخطوة لا تعتبر الأولى في سجل المملكة الحافل بقمع الحريات والمطالبين بحقوقهم، فمن لا يذكر ما أقدمت إليه السلطات البحرينية في السابق باعتقال الناشطة الحقوقية البحرينية زينب الخواجة عدة مرات لمشاركاتها في الاحتجاجات البحرينية في 2011-2012 واضطرت لمغادرة البلاد لأنها “تعرّضت لتهديدات” من جهات لم تُفصح عنها.

وكتبت مريم الخواجة بعد الإفراج عنها أنه “تمّ تهديدها بأنه سيتمّ اعتقالها مجدداً قريباً إن لم تترك البلد، وسوف تُواجه قضايا جديدة تزيد حكمها بشكل كبير، وتم أيضاً تهديدها بالإبعاد عن أطفالها، وقرّرت زينب السفر إلى الدنمارك الاثنين الماضي من أجل مواصلة العمل على القضية”.

ومريم وزينب هما ابنتا الناشط الحقوقي عبد الهادي الخواجة الذي حُكم عليه بالسجن المؤبد على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها البحرين في العام 2011.

إقرأ أيضاً: إسقاط الجنسية عن المرجع الشيعي الأعلى في البحرين الشيخ عيسى قاسم

وأُفرج عن زينب الخواجة في نهاية أيار الماضي بعدما أمر القاضي المختصّ “بوقف تنفيذ العقوبة” بحقّها، مراعاة لحالتها الإنسانية وحفاظاً على طفلها الذي كان معها في السجن

اعلان اسقاط الجنسية عن الشيخ قاسم، أثار موجة اعتراضية كبيرة في البحرين فخرجت تظاهرات حاشدة منددةً وتوافد المتظاهرون إلى منزل الشيخ في الدراز ، فيما ارتدت الجماهير الغاضبة الأكفان أمام المنزل وافترشت الأرض، تعبيراً عن الغضب والسخط من قرار النظام البحريني. كذلك خلع رئيس المجلس العلمائي السيد مجيد عباءته حيث ارتدى الكفن مؤكداً أن لا حياة في وطن من دون الشيخ عيسى قاسم. كما رفعت التكبيرات في مساجد المنطقة احتجاجاً على استهداف الشيخ، الذي خرج امامهم مكبرا الله أكبر، هيهات منا الذلة.

هواري

الصحافي والناشط المدني الزميل وفيق هواري رأى أن “القرار الذي أقدمت عليه السلطة البحرينية يتناقض مع شرعة حقوق الانسان وأن القانون يحفظ لكل مواطن حرية الرأي والتعبير واتخاذ المواقف”.

وفيق الهواري

واعتبر هواري أن “في حال معارضة القوانين المرعية الاجراء، يعاقب الجاني وفقا للقانون وبحسب جرمه ولكن هذا لا يعني سحب الجنسية منه”. وأضاف ” المبدأ العام يقول أن من ليس لديه جنسية أخرى لا يمكن سحب منه الجنسية لانه يصبح إنسانا مجردا من حقوقه المدنية وبدون هوية”. وتابع “واذا كان هذا الشخص اكتسب الجنسية في مرحلة ما فهو اكتسبها وفقا للشروط التي حددتها السلطة نفسها وهو بالتالي كمواطن ينتمي لهذه الدولة له الحق بالمشاركة وابداء الأراء والمعارضة بطريقة لا تتعارض مع القوانين المرعية الاجراء”.

واوضح ” مهما كانت أفعاله لا تصل العقوبة إلى حد سحب الهوية وجعل انسان بلا هوية وانتماء لوطن وهو له حق التعبير بالوسائل الديمقراطية”.

وخلص هواري ” هذا القرار جائر بحق الشيخ قاسم كإنسان بغض النظر عن مواقف الشيخ وأرائه ان كنا معها أو ضدها بمعارضته لسياسة النظام اذي يعيش فيه”. لافتا إلى أنه “في أوروبا المتهمون بالإنتماء لداعش والتنظيمات المتطرفة لم تصل العقوبة بحقهم إلى هذا الحد”.

فحص

مصطفى فحص

وفي هذا السياق إعتبر الصحافي والمحلل السياسي مصطفى فحص أن “السطات البحرينية إعتبرت أن “الشيخ قاسم يهدد الأمن البحريني لهذا لجأت إلى الاجراء، لكن كان من الأفضل محاكمة الشيخ قانونيا واثبات هذه التهم”. وأضاف “هذا القرار من شأنه إعطاء ذرائع لخصوم المملكة باستغلال القضية ضد البحرين واستقرارها”.

 

كما تطرق فحص إلى البيان الذي أصدره كل من حزب الله وإيران فيما يتعلق بقرار سحب الجنسية قائلا “إستمعنا بسرعة إلى تصريح قاسم سليماني وكذلك حزب الله في بيانات لا تضر الا بالشيعة و استقرار البحرين.”

وخلص فحص الى انه ” ففي الحالة البحرينة هناك من يحاول استغلال المطالب المشروعة لكل المواطنين في اجندة خاصة لها ارتباطات اقليمية”.

السابق
شبيحة من آل حمية يقفلون طريق الرسول الأعظم… والدولة تتفرج!
التالي
بالصوت:عن العقصة التي نالتها الميليشيات في خلصة الحلبية