السيد محمد حسن الأمين: انتهاك حقوق الانسان وكرامته هو انتهاك لحرمة الامام الحسين

متابعة للمقابلة السابقة حول عاشوراء الامام الحسين مع سماحة العلامة المفكر الاسلامي السيد محمد حسن الامين التي اعلن فيها بعدم جواز الوقوف مع الحاكم الظالم تطبيقا لتعاليم الثورة الحسينية،نستكمل اليوم نقاشا يدور حول عاشوراء ومظاهرها وبعض المبالغات التي تشوبها، كما يقف السيد عند مفهوم الحرية وكرامة الانسان التي ثار من اجلها الامام الحسين.

يقول السيد الأمين: “من وجهة نظرنا أن الذكرى السنوية لثورة الإمام الحسين عليه السلام سوف تستمر وتستمر طويلاً ما دامت تشكّل مصدراً للتعبئة الروحية والجهادية والموقف إلى جانب الحقّ والعدالة بمواجهة الظلم والاستبداد.وفي تقديري أن ظاهرة الاحتفاء بعاشوراء على هذا النحو الذي يشهده عصرنا الراهن منذ أكثر من نصف قرن على الأقل وحتى الآن يختلف عما كانت تشهده هذه الذكرى تاريخياً من أشكال الاحتفال وصور الاحتفال بها.
ويلفت السيد الأمين في تعليقه على ما يرافق المراسم العاشورائية من مبالغات قائلا: “أن جزءاً من الممارسات والتقاليد التي شهدها الاحتفال بهذه المناسبة كان متأثراً عبر التاريخ بصور وأشكال مارستها شعوب وأديان أخرى في عباداتها الدينيّة، وحتى أن هذه الممارسات العاشورائية لم تخلُ من التأثر ببعض الطقوس الغريبة عن الإسلام والأقرب إلى الوثنية وإلى بعض الأديان الوضعيّة، كما أنها تأثرت إلى حدّ ما بطقوس مسيحية سابقة كانت تمارس في الاحتفاء بصلب المسيح عليه السلام وبالتالي فإنني أرى أن عادات الشعوب وطقوسها يتأثر بعضها بالبعض الآخر.
وباختصار فإن ظاهرة ضرب الرؤوس والظهور بالجنازير، وكل أشكال العنف التي تتخذ في الوجدان الشعبي صورة التعبير عن الأسى والحزن والولاء في آن واحد، هي مغروسة في الطبيعة البشرية، وهي جزء من تأثّر تقاليد الشعوب بعضها بالبعض الآخر”.

 

وعن الاسلوب الامثل لاحياء عاشوراء يؤكد السيد الامين “ان احياءها بالصورة الراهنة لا يتناسب كليّاً مع أهدافها ومقاصدها وأرى أن ثورة الإمام الحسين ينبغي أن تنتج سلوكاً مؤثّراً على مستوى حاجات الاجتماع الإسلامي وأهداف تجدده الحضارية، أي أن الاحتفاء بها يجب أن يخترق مظاهرها إلى جوهرها العميق في تحويلها فرصة لترسيخ مفاهيم العدالة والتجدّد والسعي إلى تغيير الواقع.فثورة الحسين عليه السلام لم تكن في جوهرها إلاّ صورة من صور التحدّي لواقع التخلّف والعبودية، أي هي إعلان إيمان بقدرة الإنسان عموماً والمسلمين خاصة على تجديد نمط حياتهم وسلوكهم في السياسة والاجتماع والاقتصاد وفي الأخلاق وفق جوهر التعاليم الإسلامية التي كان يعتبر نفسه بحق ممثّلاً لها بوصفه حامل أمانة التغيير التاريخي لمسار البشرية الذي اضطلع به جدّه رسول الله(ص)”.
ويتابع السيد الأمين “من هنا فإني أدعو إلى أن تتحوّل هذه المناسبة إلى مناسبة ثقافيّة وجدل عميق حول موضوع التقدّم والعدالة ونشدان حقوق الإنسان وحقوق الشعوب المضطهدة وإلى البحث عن بنية ثقافية سياسية تهدف في مستقبل السنين القادمة إلى إنتاج مجتمع تتفق مفاهيمه وقيمة وأنماط سلوكه مع المجتمع الذي كان في تصوّر الإمام الحسين عندما قام بحركته التاريخية، ولعلّ أبرز قيمة من القيم التي تتضمنها هذه الحركة هي الدعوة إلى الحرية، ولذلك فإن أشهر الألقاب التي أطلقت على الإمام الحسين بأنّه “أبو الأحرار”، بينما إذا نظرنا إلى تأثير هذه القيم في شعوبنا الموالية للإمام الحسين والمصرّة على تجديد ذكراه، فإننا بكل أسف لا نجدّن واقع شعوبنا استطاع أن يحقّق هذه النقلة النوعية نحو الأهداف السامية للثورة الحسينية”.
وعن المصلحين عبر التاريخ الذين تصدوا لبعض مظاهر التخلف التي رافقت احياء الشعائر الحسينية في بلدان معينة يقول السيد الأمين “من هنا أريد أن أنوّه بالمواقف الشجاعة لبعض العلماء المصلحين الذين حاولوا إصلاح الشعائر الحسينيّة والتخلّي عن بعض المظاهر التي لا تليق بهذه المناسبة ودعو إلى صور أكثر تقدّماً في إحياء هذه الشعائر، أنوّه بها وأعتبر أن المراحل القادمة سوف تشهد أشكالاً عديدة من التحوّل والتجديد في التعامل مع هذه الذكرى، وعلى الأخص سوف تتطوّر هذه الذكرى من كونها حدثاً تاريخياً ماضوياً إلى محاولة جادّة لاكتشاف العنصر المستقبلي فيها أو لنقل عنصر التجدّد في قيمها، فتكون مسألة العدالة والديموقراطية والحرية واستغلال الشعوب واحترام الكائن الإنساني وغير ذلك من القيم السامية هي المضمون الذي يجري التأكيد عليه في الثقافة التي تتناول ثورة الإمام الحسين بعمقها وبجوهرها الخالد وغير المحصور في مساحة تاريخية محددة، بحيث يشعر كل مسلم وكل شيعي بأن انتهاك حق الحرية والكرامة من قبل الطغاة والحاكمين المستبدين هو صورة جديدة لصورة انتهاك حرمة الإمام الحسين وحرمة مبادئه التي لا يحدّها زمان ولا مكان، وأن قضاياها حيّة متجددة ما دام الصراع قائماً بين طلاب الحرية والعدالة والإسلام النقي في مواجهة كل أشكال الهيمنة سواء كانت هذه الهيمنة في دائرة صغيرة كدائرة التشيّع أو في دائرة كبيرة واسعة تشمل مسيرة الإنسانية بكاملها.

السابق
عن تكريم السيد هاني فحص في انطلياس: رسالة حب وتقدير رغم غياب اهل البيت
التالي
حزب الله يمنع ديما صادق من طرح الأسئلة: هل بدأ كم الأفواه؟