هل قرّر الحريري والمشنوق الردّ على الهجوم والتضييق السعودي؟

أثار كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق أمس العديد من التساؤلات حول ما إذا كان الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل أدركا أن السعودية ستقصيهم من تحت جناحها داخل الساحة اللبنانية. فهل السيناريو الجديد هو القضاء على الحريرية السعودية باستبداله بالريفية - السعودية؟ أم أن الرئيس الحريري والوزير المشنوق قرّرا الهجوم على السعودية في سياق الدفاع؟

منذ استقرار الرئيس سعد الحريري في لبنان قبل أشهر، بعد 5 سنوات من النفي الطوعي – القسري، الأمني – الشخصي، السياسي – المهني…. تشير التطورات الأخيرة إلى أنّ علاقة تياره المستقبل بداعمه الأول المملكة السعودية تتأرجح. هذه التصورات لم تكن تتخطّى التكهنات السياسية، انطلاقا بشكل أساسي من الشحّ المالي الذي يعاني منه تيار المستقبل بعد “تجفيف” موارده المالية. وما تردّد عن أوضاع مؤسساته على رأسها شركة “سعودي أوجيه”، وسط معلومات عن أنّ الشركة التي كانت مصدر رزق الآلاف طوال أكثر من ثلاثين عاماً أفلست وتقوم بصرف موظفيها إلى حد وصلت الشائعات إلى أن الحريري باع، أو على وشك، بيع شركته. وفي حال صحت هذه المعلومات المتداولة فهل تعني فعلا أن السعودية تخلت عن الحريري بشكل قاطع سيما أن “سعوديه أوجيه” هي الصندوق المالي للمستقبل.
هذا في الشأن المالي، أما سياسيا فعقب عودة الحريري إلى وطنه الأم حمّلت المملكة لبنان أجمعه وزر سياسات وتجاوزات فئة معينة، فعمدت الى تجميد هبة الجيش اللبناني، ومنعت مواطنيها من زيارة لبنان والعديد من الاجراءات التي تعاقبت عليها بعد ذلك الدول الخليجية  بخطوة  اعتبرها البعض أنها كانت موجهة لقوى 14 من آذار وعلى رأسهم تيار المستقبل. وهو ما كانت قد تطرقّت له “جنوبية” آنذاك.

تجدّد الحديث عن هذا الاتجاه السعودي بعد زوبعة “طرابلس” في الانتخابات البلدية، حين بدا أن المدينة عاتبة على الحريري وخياراته السياسية، وأنّها تريد وزير العدل المستقيل أشرف ريفي للدفاع عنها. بعدما ارتفع رصيده الشعبي باتخاذه العديد من القرارات الشعبوية والمتمايزة عن المستقبل فضلا عن الهجوم على رئيس تياره السياسي، وصولا إلى تقليب الشارع الطرابلسي بوجه الحريري ودائما “تحت عباءة المستقبل” وتقدمه.
نهاد المشنوق
هذه الوقائع كانت كفيلة سابقا بطرح العديد من التساؤلات حول رفع السعودية الغطاء عن الحريري والتخلي عنه، لكن بدا أنّ الدخان ليس بلا نار. فالمفاجأة السياسية التي فجّرها وزير الداخلية نهاد المشنوق في حديثه إلى برنامج “كلام الناس”، وانتقاده السياسة السعودية “السابقة”، باعتبارها “دفعت الحريري إلى زيارة الشام وطلبت منه التخلي عن المحكمة الدولية،… لهي سابقة لم يقدم عليها أي سياسي مستقبلي، أو في 14 آذار عموما، في لبنان. وسارعت المملكة السعودية إلى نفي سلسة المواقف هذه عبر سفيرها في لبنان علي عواض عسيري في بيان أكّد أن “السعودية لم ولن تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية ولا سيما ملف رئاسة الجمهورية”.
إلّا أن هذا النفي لا يدحض كلام المشنوق انطلاقا من أن الحريري لا يقوى على المضي قدما دون غطاء اقليمي ودولي في كل الملفات. فهل عكست مقابلة المشنوق أن الحريري و”المستقبل” فقدا الأمل بالعودة تحت جناح السعودية مجددا؟ وهل السيناريو الجديد هو القضاء على الحريرية السعودية باستبداله بالريفية – السعودية؟ وهل قرّر فريق الحريري – المشنوق المواجهة العلنية؟

مصادر متابعة لنهج تيار “المستقبل” أكدت في حديث لـ”جنوبية”  أن “ما يحصل هو انعكاس لتخبط التعاطي داخل القيادة السعودية مع الجوار”. وأضاف أن “تراتبية الأحداث وصولا إلى موقف ريفي تؤكد أن لتجرؤ الأخير على مهاجمة المستقبل والحريري بهذه الحدة يعني أن هناك جهة داعمة له وتعطيه الضوء الأخضر من أجل الاستمرار بهجومه”.  مشيرا إلى أنه “ليس السعودية كلها التي تدعم ريفي انما جزء منها”. لافتا إلى أن “ولي العهد محمد بن نايف لم يشفَ بعد من حقده على الحريري”.

إقرأ أيضًا: سعد الحريري …. لست الخاسر الوحيد

كما ذكّرت المصادر “بزيارة الحريري إلى سوريا بعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري والتي جرت بضغط سعودي وكانت آنذاك ليلة نحيب. ونزل الحريري عند رغبة السعودية بعدما وعدوه بتقديم مساعدات مفتوحة إلى لبنان”.

وتوضح المصادر: “لم تكن السعودية آنذاك تقصد الايقاع بالحريري لكنّ سلسلة الأحداث التي توالت غيّرت ما كان في الحسبان”. مشيرة إلى أنّ “الأسد وعد حينها المملكة بأنه سيتخلى عن إيران إلا أنه أخل بالوعد وكذب”.

وعن قراءتها للمشهد السياسي الحالي تشير المصادر إلى  وجود “قوى محلية ناتجة من دعم خارجي، لكن في الوقت الحالي سيكون التوجه نحو قوى محلية تستدعي التأييد الخارجي وليس العكس”. وتابع: “ذلك يحصل إذا استطاع المستقبل بناء هيكليته واعادة ربط علاقة جيدة مع قواعده”. وأضافت: “نحن أمام مرحلة جديدة قائمة على قوى وحضور سياسي ودور سياسي وازن”.

واستبعدت أن تكون السعودية تتوجه لإلغاء الحريرية السياسية وقالت: “السعودية ليست ذاهبة إلى هذا الاتجاه لكن المستجدات الاقليمية والدولية تؤكد أن لبنان ليس أوّل الاهتمامات في الأجندة السعودية”.

إقرأ أيضًا: نهاد المشنوق…الصراحة راحة!
وحول ما اذا كان هناك قرار بإشعال الساحة اللبنانية من خلال استبدال المستقبل المعتدل بريفي الأكثر تشددا قالت  “الرؤية هذه فيها مبالغة في التشاؤم ولا أعتقد أن ريفي لديه هذ التوجه وأنه سيمضي بحرب داخلية على الطريقة السورية أو اللبنانية القديمة”.  ولم ينفِ أن “المستقبل أقل حدة من ريفي  لكن الأخير لم يتخل عن مبادئه بقدر ما هو ماضٍ فيها بحدة أكبر”.

من جهة أخرى، وتعليقا على الانتخابات البلدية في طرابلس رأى مستشار رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي خلدون الشريف في حديثه لـ”جنوبية”  أن “ما جرى في طرابلس ولبنان بشكل عام  هو نتيجة الحراك المدني الذي انطلق سنة 2015 ضد الطبقة السياسية بكافة أشكالها، وقد أظهرت الانتخابات البلدية الضعف والوهن لدى القوى السياسية كافة”.

السابق
ايران: «السعودية ارتكبت معصية كبرى وعليها أن تدفع ثمناً باهظاً»
التالي
تضارب على أرض الملعب بين جمهوري الحكمة و الرياضي