كيف خرق المستقلون في الجنوب لوائح سلطة الترهيب؟

الانتخابات البلدية تمظهرت لبنانيًا، بمعركة بمواجهة الأحزاب وقوى الأمر الواقع والمحادل، فكان للمدنيين وللمستقلين دورهم وحضورهم، وتمّ "هزّ" شباك السلطة، والتحذير من أنّ الصوت المعارض أصبح أكثر نضجًا وثقافةً وحضورًا..

في بلدات الجنوب، كان المشهد أكثر تعقيدَا، فالمستقلون يواجهون محدلة متحصنة بالمقاومة والشهداء، تشيطن من يقف بمواجهتها بتهم التخوين والعمالة، وأقل ما يمكن أن يقذقوا به اللوائح المستقلة، هي صفة قلّة الوفاء للشهداء الذين ضحّوا في سبيل الوطن.

هذه هي الأجواء العامة التي حكمت الصناديق البلدية جنوبًا، وهي وإن كبحت قوى التغيير في بلدات عدة، إلا أنّ بعض القوى الجنوبية استطاعت أن تخلق حالة تغييرية فعالة وأن تخترق اللوائح المقدسة.

ما بين بلدتي السلطانية وكفررمان، معركتان متشابهتان في الشكل، مختلفتان في النتائج، ففي الأولى ظلّت السلطة السياسية على مقاعدها بعدما فازت لائحة الوفاء والتنمية كاملة، بينما في كفررمان تمكنت لائحة كفررمان الغد من الحصول على مقعدين في الاختيارية وثلاثة مقاعد في البلدية، فما الفرق بين الحدثين، ولماذا كان صوت التغيير في كفررمان أكثر فعالية؟

الانتخابات البلدية
الانتخابات البلدية

في السلطانية كان هناك ثلاث لوائح تتنافس، لائحة الأحزاب “الوفاء والتنمية”، ولائحة المستقلين وتتألف من 4 شباب “شباب السلطانية المستقل” ولائحة العائلات “السلطانية للتغيير”.

مرشح العائلات في السلطانية حسين شاعر وفي حديث لـ”جنوبية” عن الجو الانتخابي وانعكاساته ،قال “تعرضنا لضغوطات كبيرة وترهيب وإشاعات ضد لائحتنا، وتجييش وتهديد”، مضيفًا “كان هناك ماكينة حزبية كاملة تعمل ضدنا”.

وعن قراءته للنتيجة التي لم تخترق لائحة الثنائية ولا بصوت واحد، علّق “حصلت على 242 صوت أي 35% من الأصوات، في ظلّ هذا التشدد، وهذا يدل أننا موجودون رغم كل ضغوطات الحزب والحركة والتشدد على جمهورهم”.

مشيرًا أنّه “خافت جميع الأطراف من الاختراق واتخذوا القرار أن يتم التصويت للائحة كاملة وعدم التصويت لا للمستقلين ولا للعائلات، أما هؤلاء الأربعة المستقلين فقد أخذوا أصواتا من المستقلين، والأصوات التي حصلنا عليها نحن وهم تعادل أكثر من نصف البلدة”.
هذا فيما يتعلق بالسلطانية، أما بلدة كفررمان والتي شهدت منافسة بين لائحتين “كفررمان الغد” و “الوفاء والتنمية”، فقد تمكنت من الاختراق ومن تحقيق فرق ضئيل بالأصوات بينها وبين الثنائية الحزبية.

إقرأ  أيضًا: لائحتان متداخلتان في السلطانية ومرشحون للبلدية يقاتلون في سوريا

في هذا السياق يشير المرشح للمقعد الاختياري على لائحة كفررمان الغد حسن قانصو لـ”جنوبية”، أنّه “منذ إعلان الداخلية عن موعد إجراء الانتخابية البلدية كان هناك حوار بين القوى عن كيفية مواجهة هذا الاستحقاق، وتمّ التلاقي بين مجموعة قوى (الحزب الشيوعي واليسار الديمقراطي وحزب طبيعة لبنان في كفررمان) لمواجهة الثنائي الشيعي أمل حزب الله ومن يدور في فلكهما، وقد استطاع هذا التحالف تشكيل لائحة تحت عنوان كفررمان الغد وأن يتفق على برنامج للبلدية كمشروع انتخابي”.

مضيفًا “كنا حزب واحد ويد واحدة، إذ نعتبر أنّ الثنائي الشيعي يمارس منذ فترة إرهاب مقنع تحت عنوان حماية الجنوب المقاومة، على أساس أنّ كل من لا يكون مع هذا الثنائي فهو عميل أو هو خائن

مردفًا “هذا المنطق نحن رفضناه وتبين أنّ معظم الناس ترفضه إلا انّها ليست قادرة على التعبير ونحن منحناها الفرصة لتعبر عنه”.

كذلك لفت قانصوه إلى الضغوطات التي تعرضوا لها قائلاً “تعرضنا لضغوطات، منها محاولة إفراغ اللائحة من عناصرها، غير أنّ من كان يتم المحاولة معه هو من كان يتصدى لهم بالتكاتف معنا”.

إقرأ أيضًا: معركة كفررمان بين «الحلف المقدس» والحلف المدنس

وعن مدى القدرة التأثيرية لـ3 أشخاص في المجلس البلدي، أكد “هدفنا كان هو منع التهميش وإثبات أنّ كفررمان مع الحريات ومع التنوع ومع الاعتراف بالاخر والحفاظ عليه، والمعركة ونتائجها جاءت لاثبات هذا الموضوع فنسبة الأصوات تظهر أنّ الفارق جدًا بسيط، وهؤلاء الثلاثة سيكونون العين الساهرة أو المصوبة أو المعترضة حسب سير عمل البلدية، كما أننا سوف نعمل على تشكيل بلدية ظل للمراقبة والمحاسبة”.

إذًا، تجربة الانتخابات البلدية بين السلطانية وكفررمان، تخلص أنّ للمستقلين صوتًا قويًا إن اتحدوا، فلائحة واحدة متكاتفة في كفررمان تمكنت من إثبات حضورها بلديًا واختياريًا، في حين انقسام المستقلين للائحتين بمواجهة لائحة المحدلة في السلطانية، شتت الأصوات، ومنح الحسم مجددًا للثنائية الشيعية.

السابق
علي الأمين لـ «بيروت اليوم»:‏ تحالف أمل وحزب الله ضد مين؟
التالي
علي الأمين لـ «بيروت اليوم»:‏ لتسرق عليك أن تكون مع المقاومة…