بين البيارتة و«الجلب»: وأهديناك مكان الوردة سكينا!

تستعد بيروت في الثامن من أيار لخوض المعركة الانتخابية بثلاث لوائح انتخابية، حتى اليوم، وقد يرتفع العدد إلى أربع. وهي تحمل شعارات مختلفة «بيروت مدينتي» «مواطنون ومواطنات» و«لائحة البيارتة». لكن لائحة «البيارتة» حظيت بجدل على مواقع التواصل الاجتماعي الذي رفض التسمية باعتبار أن "بيروت لكلّ اللبنانيين". لكن هل بيروت لكل اللبنانيين؟ وهل كل اللبنانيين لبيروت؟

«لتبقى بيروت لأهلها»... شعار أطلقه المرشح عن لائحة «البيارتة» لرئاسة بلدية بيروت المهندس جمال عيتاني الثلاثاء من بيت وسط  برعاية وحضور رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ووزراء ونواب وفعاليات من المدينة. لكن ما لبث أن انتهى عيتاني من الاعلان عن لائحة «البيارتة» حتى انهالت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي التي اعتبرت أنّ الشعار واسم اللائحة يهمّشان شريحة كبيرة من اللبنانيين الذين يعيشون في بيروت، وأصولهم ونفوسهم بدوائر الأحوال الشخصية من مناطق أخرى… على اعتبار أنّ بيروت لجميع اللبنانيين وليست فقط لأبناء بيروت.

النائب البيروتي عن كتلة المستقبل النيابية عاطف مجدلاني رأى في حديث لـ«جنوبية» أنّ «إطلاق إسم البيارتة على اللائحة نابع من فحوى القانون اللبناني الذي يسمح للمواطن أن ينتخب فقط في مدينته وبلدته المسجّل ضمن دائرة نفوسها، وفي الوقت نفسه أي مواطن ينتمي إلى بلدة أو مدينة لبنانية أخرى فهو يحق له الانتخاب فيها وإن كان غير مقيم في بلدته».

واستهجن مجدلاني الحملة على إسم اللائحة وشعار «لتبقى بيروت لأهلها» فقال: «عندما نطلب مشروع يفيد بيروت التي يعيش فيها 50 % من جميع اللبنانيين مثلاً كمشروع كهرباء يضيء بيروت 24/24 تعلو الأصوات الرافضة تمييز العاصمة بيروت عن باقي البلدات اللبنانية، وهذا ما شهدناه أيضًا في أزمة النفايات عندما ترددت شعارات “لا لاستقبال نفايات أهالي بيروت”، فلماذا الآن عندما رفعنا شعار بيروت لأهلها في الاستحقاق البلدي أصبحت بيروت لجميع اللبنانيين؟».

وتابع مجدلاني «نعم بيروت لجميع اللبنانيين لكن البيارتة، من مقيمين وغير مقيمين، هم من سيقودون هذه الحملة الانتخابية وسيختارون المرشحين، وأبناء بيروت الذين يعيشون خارج بيروت لا يحق لهم المشاركة في الانتخابات البلدية ضمن أماكن إقامتهم أسوة باللبنانيين المقيمين في بيروت، والأهم اليوم هو أنّ لائحة البيارتة تحمل دما شبابيا جديدا ومشاريع إنمائية واسعة لإعادة الوجه الحضاري لبيروت، وأيضًا تؤمن المناصفة التي تحمي العيش المشترك، لذلك ندعو أهالي بيروت للنزول في الثامن من أيار لممارسة حقهم في الاختيار».

أما الصحافي راشد فايد فرأى في حديث لـ«جنوبية» أنّ «الحملة على لائحة البيارتة هي سياسية فقط لن تقدم ولن تؤخر، وإذا كان الهدف منها تقليب أهالي بيروت على اللائحة هم بهذه الطريقة سيشدون عصبهم البيروتي أكثر»، وفي المقابل شدّد فايد على أنّ «المدن لا يستطيع أحد احتكارها وخصوصًا بيروت. فهي لمن يريدها متقدمة ومزدهرة، بيروت هي أسلوب حياة. وكل من سكن بيروت وتعايش في نمطها وانفتاحها وثقافتها هو بيروتي».

ويشدد على أن «القرار البلدي يبقى بيد أبناء بيروت وأهلها. هذا لا يعني أن بيروت ليست لجميع اللبنانيين، فعندما تنبذ أيّ مدينة الآخر تتحول حينها إلى مدينة مغلقة. لكن بيروت لم ولن تنبذ أحدًا يوم من الأيام، وستبقى مدينة كل من يحبها».

وفي المقابل كشفت مصادر خاصة أنّ تسمية «لائحة البيارتة» هي ردًا على لائحة «بيروت مدينتي» التي تضم عددًا كبيرًا من المرشحين من أصول غير بيروتية. في حين أن لائحة «البيارتة» تضم أسماءً من العائلات البيروتية الأصيلة.

إقرأ أيضًا: بيروت كمان «الي»…

بالتأكيد لبيروت أهل وأبناء تربطهم عاطفة الانتماء لمدينتهم وتاريخها أينما كانوا، كما باقي اللبنانيين الذين يتجذرون من مناطق لبنانية مختلفة، حتى لو كانوا غير مقيمين ببلداتهم. فهم يستغلون أي فرصة للعودة إلى جذورهم وأرض أجدادهم التي تربطهم بها عاطفة الانتماء. وبالطبع بيروت عاصمة لبنان هي لجميع اللبنانيين، لكن يحق «للبيروتي» أن يشعر بالخصوصية، خصوصًا في الاستحقاق البلدي، كسائر اللبنانيين المنهمكين اليوم في بلداتهم ومدنهم في اختيار ممثليهم في السلطة المحلية.

بيروت لكل اللبنانيين، لكن هل كل المقيمين فيها يعتبرونها مدينتهم؟ لماذا إذا رفضت كل المناطق استقبال نفايات بيروت؟ النفايات التي ينتجها نصف اللبنانيين. بيروت لكل المقيمين فيها ولكل محبيها. تمام. لكن الذين اجتاحوا بيروت في 7 أيار هل كانوا يمارسون حبهم لها؟ وهل تكافأ بيروت بتنصيب غير البيروتيين على رأس قرارها؟

إقرأ أيضًا: بلديات الجنوب منذ 2004: أكبر سرقة للأرض تحت ظلال «المقاومة» والثنائية

بيروت الصابرة على سكاكين محبيها وكارهيها، لا تنبذ أحدا، ولا ترفض أحدا. والدليل في شوارعها. لا تميز أهلها الأصليين عن غيرهم، ولا يميزون أنفسهم عن غيرهم. هي قلب لبنان وعيناه، لكن لأصحاب الجذور فيها حق بلدي يكفله القانون، فلا يقارعنهم أحد عليه. وكفى كثيرين إهداءهم العاصمة سكاكين الحب

السابق
تشبيحات زعران «القومي» في الحمرا
التالي
إلى الحزب القومي السوري: الحمرا ليست «درعا»