«السفير» قُتلت…عن اركان الجريمة والمرتكبين!

جريدة السفير
الكثير من القتلة قد يعملون على إظهار الجريمة المرتكبة على أنها انتحار...فهل قتلت السفير بيد قاتل محترف أم انتحرت؟

منذ عام 1995 بدأت ثورة المعلومات واجتاحت الصحافة الالكترونية حياتنا اليومية وتدحرجت كرة ثلجها مع التطور التقني، حتى وصلت الى امكانية تصفّح كل الجرائد بدون مبالغة من خلال الهواتف النقالة عبر مواقع على شبكة الانترنت خصصت لهذه الغاية، فأين كانت السفير وغيرها من الصحف المهددة بالإغلاق من هذه الثورة الرقمية؟

نعم السفير تختزن جزءا كبيرا من ذاكرة أجيال على مستوى العالم العربي، وليس لبنان وحسب، وانطلاقا من موقعها الريادي قياسًا الى الجهد الذي بذلته للحفاظ على هذا التاريخ تبدو “السفير” اليوم وهي على أهبة الإقفال انها هي من تخلت عن دورها. وهنا تبدو الجريمة انتحارا بلا شك أو كطفل لم يدرك أن مادة “الديمول” مادة قاتلة عجيبة ولا يمكن التراخي في التعاطي معها ولا يمكن شرب جرعات مخففة منها، السفير أكبر بلا شك من أن نحاكمها أو نحاسبها اليوم ولكن…لا بدّ من سرد أسباب المقتل إذا كان سببه التهوّر.

ليست وحدها السفير التي اعتمدت على التمويل السياسي، فكثير من الصحف عملت بذات المبدأ كأنها زاوجت بين شروط التمويل من جهة بمناصرة فكر سياسي معين، وبين الفكر المؤسساتي الذي يفرض عليها مراعاة وجودها والانتباه الى الفارق بين مراعاة شروط التمويل وبين الانصهار والذوبان في بحر الجهة الممولة الأمر الذي سيفقدها جمهورا عريضا كان معها وكانت معه على مدى سنوات!

طلال سلمان

فقدان التخطيط الاستراتيجي طويل الامد سيؤدي بلا شك الى التغافل عن نقاط غاية في الاهمية، فالجهات الممولة لا بد وأن يأتي يوم وتنتهي احتياجاتها لهذا المشروع أيًا كان، فأين كان العقل المدبر لهذا المنبر ولم يستشعر ويرى والصورة كانت واضحة بأن الصحافة الرقمية تجتاح العالم بأسره وبدأت فعلا من سنوات في الغرب بعد أن توقفت صحف عالمية عن الصدور ورقيا؟!

الابتعاد عن الفكر المؤسساتي سمتنا في العالم العربي، فكثيرا ما احكمنا شخصة قاتلة في كل مفاصل حياتنا وقد يقبل الامر في كثير من المجالات إما أن تكون صحافة مسؤوليتها إبراز الحقائق والرسالة السامية فهنا يكون الإخفاق مدوياً.

إقرأ أيضاً: نديم قطيش ينعي «السفير»: خسرنا نكهة الاشتباك الصباحي

يؤلمنا كصحفيين التعثر الكبير الذي تواجهه كبريات صحفنا اللبنانية لكن ماذا فعلت منابرنا هذه لتنقذ نفسها وحبنا لها؟

لقد ذهبت هذه الصحف في المسايرة الى حد التبعية، ما افقدها رونقها ومصداقيتها الى حدّ ذابت معه الفوارق بين صروح الصحافة اللبنانية العريقة، وبين الهواة المنتشرين على مواقع التواصل فبتنا نحصل على الخبر من هذه المواقع قبل أن يفكر العقل الكسول الكلاسيكي المشغل للصحف بالتعاطي مع الخبر!

الحزن يدفعنا للحديث بكثير من الحنين عن هذه الصحف العريقة، لكن حنيننا لا ينفي مسؤولية القيمين عليها تجاه الجمهور.

فلا يوجد على هذه الأرض جسد واحد يموت من دون سبب، فلماذا لا نلحظ كل أركان هذه الجريمة التي هزت أوساطنا الاعلامية بقوة؟!

إقرأ أيضاً: الشاعر الراحل محمد العبدالله بعيون محبيه

كان حريا بالجهات التي تماهت معها “السفير” على سبيل المثال لا الحصر في السنوات الأخير أن تنقذها من الموت! فلماذا أخفت الأدلة؟! ولمصلحة من؟!

السابق
الشاعر الراحل محمد العبدالله بعيون محبيه
التالي
تهاوي الأخلاق