الانتخابات في ايران تحت سقف البيروقراطية الدينية

الانتخابات الايرانية
تكاد تكون الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدولة الوحيدة في العالم التي يوجد فيها برلمان ديني رديف للسلطة التشريعية المعبر عنها بمجلس النواب، هو "مجلس خبراء القيادة".

يتكون أعضاء هذا المجلس من مراجع دينيين ورجال دين يبلغ عددهم 88 عضوا، ويتم اختيارهم بواسطة الاقتراع المباشر من قبل الشعب. الوظيفة الحساسة المنوطة بهذا المجلس هي تعيين مرشد الثورة الإسلامية ومراقبة عمله وحتى إقالته.

تترافق اليوم، الدورة الخامسة لانتخابات “مجلس خبراء القيادة” مع الدورة العاشرة للانتخابات التشريعية، وسوف يختار الإيرانيون في الوقت نفسه، ممثليهم في مجلس الشورى(290) مقعدا،وتنسحب أجواء التحالفات التي تهيمن على قوائم المرشحين للانتخابات التشريعية على أجواء تحالفات مجلس الخبراء.

الأصوليون المدعومون من المرشد السيد علي خامنئي والمستندون إلى كتف الحرس الثوري، في مواجهة مع المعتدلين الخارجين من انتصار تاريخي مع الغرب بعد توقيع الاتفاق النووي، وخلفهم فلول الإصلاحيين الذين يعتزمون سحب الأكثرية من تحت أقدام الأصوليين في مجلس النواب الجديد تمهيدا للانتخابات الرئاسية المقبلة، وبعض الأصوليين المشاغبين مثل نائب طهران علي مطهري، إضافة إلى “قرش” الدبلوماسية الإيرانية علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي طرح في وقت سابق فكرة إنشاء “مجلس فقهاء” لقيادة الجمهورية الإسلامية عوضا عن الاكتفاء بكرسي الولي الفقيه وسلطته المطلقة.

مجلس خبراء القيادة
مجلس خبراء القيادة

ويعتقد البعض أن مجلس الخبراء الخامس، الذي سوف تسفر عنه هذه الدورة الانتخابية، سوف يقوم باختيار قائد الجمهورية الإسلامية المقبل الذي سيكون خلفا للمرشد الحالي السيد علي خامنئي الذي يصارع مرضا عضالا، لذلك تشجع السلطة الدينية الشعب على المشاركة بكثافة في هذه الانتخابات والتصويت للمرشح الذي تجتمع فيه صفات الوعي والأمانة والنزاهة والعقلانية، التي تؤدي مجتمعة إلى حسن اختيار القائد الجديد للجمهورية الإسلامية.

إقرأ أيضاً:  في إيران: حفيد الخميني «غير مطابق للمواصفات»!

ولكن الوقائع تقول عكس ما يشاع، فمجلس الخبراء الجديد الذي سوف يتم انتخابه، لن يكون له أي دور محوري في اختيار خلف لخامنئي، وسيكون مجلسا فخريا ليس إلا.

كما أنه لا يوجد في قوانين الجمهورية الإيرانية مادة تقول بضرورة أن يكون المرشد المنتخب عضوا في مجلس الخبراء، لذلك فإن خطوة استبعاد حسن الخميني حفيد قائد الثورة ومؤسس الجمهورية، لا تعد عائقا حقيقيا في وجه خلافته لخامنئي، إذا أراد، وأراد الحرس الثوري، في حين أن عضوية رفسنجاني في مجلس الخبراء لا تشفع له ولن تشفع على ما يبدو في الفوز بهذا المنصب.

الخامنئي
المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي

إقرأ أيضاً: قراءة في الدستور الإيراني (2): مؤسساتٌ دستورية تحت سلطة الوليّ الفقيه

والفائز بهذا المنصب لن ينزل من السماء، بل سوف يتم انتخابه من قبل رجال دين يتمتعون بحيثية سياسية رسمية، أو آخرين من وراء الكواليس، يملكون نفوذا مستترا في دوائر الحكم، هذا عدا أن تعيين المرشد وإن كان من اختصاص البيروقراطية الدينية، إلا أنه من صلب اهتمام المؤسسة العسكرية – الأمنية المتمثلة بالحرس الثوري، وفي حال لم توافق عليه، لا يصبح التدوال باسمه حلالا.

وعليه فإن انتخابات مجلس الخبراء التي بدأت اليوم، ليست لعبة ديمقراطية بقدر ما هي لعبة دبلوماسية، يتوهم من خلالها الشعب الإيراني بأنه صاحب القرار وصانعه، بينما الحقيقة عكس ذلك، الحرس الثوري هو وحده القابض على مفاصل السلطات كلها.

السابق
حرب من برشلونة: من سبب المشكلة يزايد في مجلس الوزراء
التالي
حزب الله قام بتصفية العقيد سهيل الحسن الملقب بـ«النمر»