فضل شاكر بين محاكمة قانونية ومحاكمة عاطفيّة

لعلّ أبرز ميزات المواطن اللبناني أنه يرى نفسه ضليعا وعلى دراية في كل الأمور، فهو يجادل في السياسة وكأنه محلل “عتيق” في الشؤون السياسية الدولية والإستخباراتية حتّى. ومما لا شك فيه أيضًا أنه يعتبر نفسه أفضل العارفين في الشؤون القضائية. والأهم أنه لا يمكنه تمرير أيّة قضية  إلّا وتكون  الإعتبارات الطائفية والسياسية الأساس لإصدار حكمه.

فقد ارتفعت في الآونة الأخيرة أصوات تطالب بالبراءة للفنان المعتزل والمطلوب للعدالة فضل شاكرالصادر بحقه  مذكرة توقيف غيابية على خلفية أحداث منطقة عبرا ضد الجيش اللبناني. والذي قد يواجه حكما يصل إلى السجن مدى الحياة أو الإعدام في حال توقيفه ومحاكمته وإدانته بالتهم.

إقرأ أيضاً: قريباً… براءة فضل شاكر

وقوبلت هذه الأصوات بالطبع بردود فعل  معاكسة من جمهور “الممانعة” الذي طالما وصف شاكر بالمجرم الذي يستحق العقاب لا الرحمة.

هكذا، تمّت مقاربة القضية من منظور سياسي بحت.  فمن ناحية كيف يطلب من القضاء ان يحكم بالبراءة على فار من وجه العدالة اقتنع العديد من الناس انه ارهابي انضم الى جماعة الشيخ احمد الاسير واشترك في معركة عبرا التي قتل استشهد فيها حوالي 20 جنديا، حتى ان شاكر فرح وتباهى بمقتل جنديين من الجيش اللبناني في فيديو موثّق.
غير ان الحقيقة انه على الرغم من أن الفيديو الذي ظهر فيه فضل يهلّل لموت «فطيستين» كما وصفهم ليؤخذ هذا القول وكأنّه دليل على إدانته بقتل جنديين في معارك عبرا، فقد تبين لاحقًا أنه حمّل على موقع يوتيب قبل يومين من معارك عبرا وبالتالي لا أدلة واضحة على مشاركته في القتال. لكنّ ماذا عن تهمة التحريض؟  فالمطالبة بالبراءة له مطلب عاطفي أكثر من قانوني والمطلوب  العدالة وأن يحاسب على ما ارتكبه لا البراءة.

نبيل الحلبي

في هذا السياق،  أكّد مدير مؤسسة لايف الحقوقية المحامي “نبيل الحلبي” لـ “جنوبية”  أن “لا مشكلة بتسليم فضل شاكر نفسه. لكن، على أن يكون التحقيق شفاف ومع محاكمة عادلة . وتابع أنه “لدينا قناعة تامة ببراءته”.

مشيرا إلى أن ” بعض الإعلام لعب دورا كبيرا في هذه القضية بتضخيم الموضوع”. مذكرا إلى أن الفيديو حمّل قبل يومين من معارك عبرا،  لكن استعملت هذه المقاطع بطريقة صوّرته أنه قاتل الجيش وبالتالي تحاكم إعلاميا وليس قضائيًا”. ولفت الحلبي أن ” الهجوم على فضل شاكر كان بطريقة ممنهجة “.

كما أشار إلى أن “وزير الدفاع سمير مقبل صرّح أن لا أدلة تتدين شاكر . ونحن بحال طالبنا بالبراءة فنحن نطالب بذلك بالعدالة  وليس العفو”.

كما قارب الحلبي ” بين قضية سماحة وقضية شاكر، فعندما لا تتم محاسبة من ثبت اجرامه كما يجب، فكيف يطمئن شاكر ويسلم نفسه للقضاء؟ “.

وعن علاقة فضل بالإرهابي أحمد الأسير قال الحلبي إن “العلاقة بينهما  هي علاقة قديمة عندما كان الأسير يعارض حزب الله وسرايا المقاومة والحركة كانت بطريقة سلمية. لكنّ عندما حمل الأسير السلاح وقع اشكال مع فضل وطلب منه مغادرة عبرا وبالتالي لم يكن في عبرا أثناء المعارك”.مشيرا إلى أن “مشكلة فضل مع سرايا المقاومة وليست مع الجيش، إذ عمل هؤلاء إلى الإعتدا على بيته وسرقته ومن ثم حرقه ولم تتحرك النيابة العامة  ولم تدعِ حتى ضد مجهول”. متسائلاً “كيف نثق بهذه العدالة؟”.

كما أكّد الحلبي أن “فضل غير سعيد بوضعه الحالي وهو على إستعداد أن يسلّم نفسه. لكن، ما الضمانات التي تقدمها السلطات اللبنانية لمحاكمته بعيدا عن الكيدية السياسية؟” مشيرا إلى أن “العدالة موجهة في لبنان ضد شريحة معينة في البلد”.

وخلص الحلبي إلى أن “قضية فضل شاكر يجب ان تكون خارج الصفقات والمطلوب مناخ يؤمن المحاكمة العادلة”.

 إقرأ أيضاً: عن فضل شاكر «المجرم» و«قدّيسي» حزب الله

 إذ المطلوب من القضاء اللبناني أن يكون حرّا مستقلا وعادلا زبعيداً عن المذهبية والحزبية. فالمطالبة بالافراج عن فضل شاكر دون الاخذ بالبعد القانوني، تسيء لقضيته، كما تسيء لأحقية وصوابية انتقاد المحكمة العسكرية التي اخلت سبيل سماحة دون وجه حق.

السابق
الحريري وصل الى بيروت لإحياء ذكرى والده
التالي
لمثل هذه المرحلة اغتيل الرفيق