هكذا تشوه صورة «المقاومة»

كل مرة يطل علينا حزب الله ببيان تبريري لجرائم يمارسها هو أو يمارسها حليفه نظام بشارالاسد بالحرب الدائرة على الاراضي السورية، ولا يتوانى الحزب عن زج استعمال مصطلح "المقاومة" للإيحاء كل مرة أن الصراع هناك إنما هو بين المقاومة من جهة وبين أعدائها من جهة اخرى.

هذه الحالة تكررت من جديد بالأمس في البيان الذي أصدره الحزب كرد على ما يجري من حصار لأهالي مضايا وحالات التجويع المهولة التي تقع على أهاليها وأطفالها والتي لم ينفها البيان وإنما عمل على التخفيف منها ومن محاولات التضخيم المقصود من قبل وسائل الإعلام المعارضة كما جاء بالبيان.

إلى هنا يبقى السياق شبه طبيعي من حيث الرد الاعلامي، وبغض النظر عن حجم الحصار ومفاعيله أو مدى ضراوته وتأثر المدنيين به، وبغض النظر أيضا عن صحة الصور المسربة من داخل مضايا وهل تعكس حقيقة الواقع هنالك أم لا، إلاّ أن الثابت هو مشاركة حزب الله عبر حواجزه ومقاتليه إلى جانب مقاتلي النظام في أحكام الحصار والطوق حول هذه المدينة تحت حجة وجود حوالي 600 من المسلحين المعارضين في داخلها مما دفع هذا الأخير لتصدين البيان التبريري المذكور.

اقرأ أيضًا: #مضايا: «صورة المقاومة» يا حزب الله؟ صورة المقاومة؟

معلوم أن أول ضحايا الحروب هي الحقيقة، ومعلوم أيضا أن الحرب الاعلامية والنفسية هي جزء لا يتجزأ من المعركة، ولكن هذا كله لا يمنع من الابقاء على الحد الادنى من المنطق المقبول أو الدعاية المقبولة على الاقل لخدمة الخديعة المطلوب تسويقها عند الرأي العام أولا وعند الجمهور الخاص والاتباع ثانيا

فمن الطبيعي في هذا الاطار أن تعمد الاطراف المتقاتلة الى تطوير الحملات الدعائية وبرامجها الاعلامية والحجج المقدمة في سياق خدمة التطورات والتبدلات، أما أن يعمد الحزب على سياق واحد وعلى وتيرة ثابتة من اليوم الأول وبعد مرور سنوات فهذا إنما ينم عن قصور أو عن سذاجة في العقل الابداعي عنده.

اقرأ أيضًا: حزب الله.. فبركة الإنسانية وفبركة صور مضايا

فبعد كل التحولات التي طرأت على الحرب السورية وأبرزها التدخل الروسي المتحالف بشكل عضوي مع العدو الاسرائيلي، والمدافع عن بقاء نظام الأسد قد أظهر بشكل واضح عند الاطفال والكبار بأن المعركة هنالك هي معركة مصالح ونفوذ لا علاقة لها البتة بالصراع مع العدو، بحيث صار استعمال هذه الحجة وزجها في هذا السياق هو أقرب ما يكون إلى النكتة البشعة أو الى الكذبة المستهلكة الى حد التقيؤ.

لا بدّ من تذكير حزب الله أن المقاومة ليست وكالة حصرية ولا هي إسم تجاري يمكن لصقه على أيّ من الافعال بعيدا عن المكان والزمان، المقاومة هي حصرا فعل مواجهة مع العدو الاسرائيلي فقط لا غير، وأن أكبر عملية تشويه وإساءة وأضرار يمكن أن تصيب صورة “المقاومة ” إنما هي عبر استعمالها في غير مطرحها وفي غير مكانها.
أن مقاتلي حزب الله الذين يقاتلون في سورية هم مقاتلون لا علاقة لهم بالمقاومة ولا يقومون حتما بفعل مقاوم، وإن كانوا هم أنفسهم قد شاركوا بمئات العمليات والمواجهات ضد العدو في مرحلة سابقة، فإنهم بمجرد تبديل وجهة بنادقهم يكونوا قد بدلوا أيضا صفتهم وثبتوا تحولهم (بغض النظر عن صحة أو خطأ هذا التحول)، وبالتالي فإن أي تشويه يمكن أن يصيب صورتهم فانها تصيب وأصابت صورة حزب الله نفسه وليس صورة المقاومة، وأنّ الاصرار على استعمال إسم “المقاومة” في الصراع السوري لهو أعظم تشويه يمكن أن يصيبها على الاطلاق وهكذا تشوه صورة المقاومة.

السابق
الموت الأكثر رخًصا وسهولة في العالم!
التالي
«يا جدبة» حزب الله ما بيفرق عن إسرائيل