هل يحق لنصرالله ان يطلب من القطاع المصرفي مؤازرة حزب الله ضد العقوبات؟

أظهر خطاب السيد حسن نصرالله الاخير ان العقوبات الاقتصادية التي فرضتها أميركا على حزبه بدأت تشكل خطرا حقيقيا على مصالح حزب الله المالية، خصوصا انه نصرالله اتبع ما قاله بطلب حثيث من الدولة والمؤسسات المصرفية اللبنانية ان لا تنصاع للقرارات الاميركية، فهل يستطيع لبنان ان يقاوم تلك العقوبات لصالح الحزب كما يريد السيد نصرالله، أم ان عدم الالتزام بتلك القرارات سوف يضرّ بمصلحة البلد اقتصاديا ويحمله ما لا طاقة له به؟

أخذ القرار الأميركي القاضي بفرض عقوبات على المصارف التي تتعامل مع «حزب الله» حيّزا كبيرا من خطاب نصرالله الأخير بعدما استفاض الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بالحديث عنه. اعتبر البعض ان ذلك عكس مدى الصعوبات المالية التي يعاني منها الحزب في سياق تضييق الخناق عليه فيما يخص الأموال والتبرعات التي يحصل عليها. وقد طلب نصرالله من المصارف اللبنانية عدم الانصياع للارادة الاميركية على هذا الصعيد و ودعا نصرالله الدولة اللبنانية تحَمّل مسؤولية حماية المواطنين والتجّار اللبنانيين وأموالهم وشركاتهم من التدخّلات الأميركية.g”.

وقد تفاعل خطاب نصرالله “مصرفياً” وكانت من أبرز التعليقات التي استنكرت موقفه، تصريح منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد لـ”الجمهورية” الذي قال: لقد دعا السيد نصرالله القطاع المصرفي اللبناني الى الالتحاق بمنظومة المقاومة الإسلامية في مواجهة التدابير الاميركية، وكأنّنا انتقلنا بذلك الى مقولة: “شعب وجيش ومقاومة وقطاع مصرفي!”.

اقرأ أيضًا: خطاب نصرالله أربك جمهوره الغاضب من اغتيال «القنطار»

هذه ليست المرة الأولى التي تفرض فيها الولايات المتحدة عقوبات من هذا النوع، فهي مسألة قديمة تحديداً منذ العام 1995. وقد تلمّس مؤخراً رجال أعمال شيعة مقربين من حزب الله إضافة إلى مؤسسات حجم الاثر السلبي للعقوبات المالية بعدما أوقفت جميع تحويلاتهم المالية.. وذلك بعدما وضعت الخزانة الاميركية على لائحتها السوداء: “أدهم طباجة”، “شركة الإنماء للأعمال السياحي” التي يملكها وتعمل في لبنان والعراق. وكذلك رجل الأعمال اللبناني “قاسم حجيج”، رئيس مجلس إدارة بنك الشرق الأوسط وافريقيا. و”حسين علي فاعور” وشركة بيع وتاجير السيارات التي يملكها. إضافة، إلى الشيخ محمد كوثراني القيادي في حزب الله المعروف أنه مسؤول عن الملف العراقي.

وقد رأى الخبير الاقتصادي الدكتور سامي نادر أن ما يميز العقوبات المالية الأخيرة عن السابقة أنها لم تكن قديمًا واضحة إلى هذا الحدّ. وفي السابق صنف حزب الله كمنظمة ارهابية أما الآن فالعقوبات المالية تصنّف الحزب منظمة اجرامية وهذا هو الفرق”.

وفيما يتعلق بالمخاطر على القطاع المصرفي، قال إن “هناك مخاوفا كبيرة للمودعين، وهذا من شأنه أن يقلل التحويلات المالية والحسابات من الخارج وفي حال وضعت المصارف على اللائحة السوداء للأفراد المحسوبين على الحزب هذا من شأنه الحاق أذى كبيرا في القطاع المصرفي”.

وأشار إلى أنه “لم يكن يجدر بالسيد نصرالله اثارة الموضوع في العلن سيّما أنه سيخلق بلبلة كبيرة في القطاع المصرفي ويؤثر سلبًا عليه. والوسيلة الأفضل لتخطي هذا الأمر هو الصمت وتدارك المسألة بحذر وهدوء وبعيداً عن الإعلام خصوصا أن هذا القطاع قائم بالدرجة الأولى على أساس ثقة المودعين”.

وأشار الدكتور نادر إلى أن “المصارف مؤسسة تجارية تبغى الربح لديها رأس مال وشركاء فلا تستطيع التنصل من القررات الدولية”.

اقرأ أيضًا: شعار تحرير فلسطين لا يصنع مجدا… وعداء أميركا صار مضحكاً

وعن امكانية تجني اميركا على الأفراد والمؤسسات رأى نادر أن “ أميركا دولة قائمة وفيها قضاء محترم يتوخى العدالة أكثر من غيرها من الدول، وبالتالي يمكن للمتهم أن يدافع عن نفسه كما حصل مع البنك اللبناني الكندي الذي استطاع ان يسترد جزء من أمواله”.

كما أشار إلى أن “هذه الإجراءات تأتي في سياق الضغط على حزب الله وايران، وهو له علاقة بتخفيف الحظر عن إيران، في المقابل، زيادتها على «حزب الله» لإعطاء نوع من التطمينات لإسرائيل والعرب”. لافتًا إلى أن “اليوم هناك توجه كبير نحو مكافحة المنظمات الإرهابية على المستوى الدولي لتجفيف منابع الإرهاب وتأتي الضغوطات على الحزب في سياق الضغط على جميع الأطراف تحقيقا لهدف القضاء على داعش والنصرة كذلك.”.

وخلص الكتور نادر أن “حديث نصرالله عن هذه العقوبات يعكس أن هناك أزمة مالية في صفوف حزبه، ولم يستبعد نادر أن تكون ” الأزمات المالية لها علاقة بانخفاض سعر النفط العالمي. قائلا ” حتّى السعودية تضررت من هذا الأمر وهذه المرّة الأولى منذ عشر سنوات تستدين المملكة”.

وبدوره، أكّد الخبير الإقتصادي محمد وهبي لـ”جنوبية” أن “المصارف اللبنانية لا تستطيع عدم المثول للتعليمات المصرفية خشية تعرضها لعقوبات أميركية تؤذيها وتترك تداعيات خطيرة على القطاع المصرفي والمالي في لبنان”.

ورأى وهبي أنه “للأسف لا يمكن الوثوق بهذه العقوبات خاصّة أن الولايات المتحدة طرف قادر على فرض عقوبات على أي مؤسسة وأي شخص دون الحاجة لإعطاء البراهين. وبالتالي، المصارف اللبنانية لا تستطيع عدم تطبيقها لأنها خاضعة لهيئة التحقيق الخاصة، ومن حق مكتب مراقبة الاصول الاجنبية فرض عقوبات على أي طرف فيها لا يلتزم بقراراتها سيّما أن لبنان يتعامل بأصل من أصولها وهو بالدولار إلى جانب العملة الوطنية “.

اقرأ أيضًا: #فلسطين_عربية… ردًا على مصادرتها في خطاب نصر الله أمس

وأشار وهبي أن “المسألة لسيت فقط عقوبات بل أيضًا ثقة، فالأسماء جاهزة والعقوبات أيضًا”. مضيفًا أن نصرالله “قال الحقيقة أن لا أموال للحزب في المصارف وهو بهذا الكلام وجه رسالة مهمة وقد حمى المصارف اللبنانية”. وأضاف “بالتأكيد يعتمد الحزب آليات تمويلية أخرى غيرها”.

ونتيجة لما تقدّم وفي المحصلة، يبقى السؤال كيف سيواجه حزب الله الضغوطات المالية الواسعة التي تطاله من الخارج ، إضافة إلى الضائقة المالية التي يعاني منها مؤخراً خاصة بعدما تسربت معلومات مفادها أنه تأخر بدفع رواتب الموظفين والمتفرغين في صفوفه بداية الشهر الحالي.

السابق
الشاب حسين رمضان العويد (27 عامًا) جثة هامدة في سهل الدلهمية بقضاء زحلة
التالي
من جبيل.. إلى العالم رسالة من الرسل!