خطاب نصرالله أربك جمهوره الغاضب من اغتيال «القنطار»

بعدما كان من المنتظر ان يكون خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس ناريّا بوجه إسرائيل ومتوعدًا ومهدداً جيشها بردّ قاس وحازم على جريمة إغتيال عميد الأسرى المحررين سمير القنطار، كان الخطاب هادئ نسبيًا ولم يكن بحجم الحدث.

أمس، وعلى اثر جريمة اغتيال عميد الأسرى المحررين سمير القنطار توعّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله العدو الإسرائيلي بالردّ قائلاً :”للعدو والصديق، الشهيد سمير القنطار واحد منا وقد قتله الاسرائيلي يقينا ومن حقنا أن نرد على اغتياله في المكان والزمان وبالطريقة المناسبة. هذا حقنا وسنمارسه”. لكنّ تهديد نصرالله لم يكن بالقسوة والحدّة المتوقعة ولم يكن خطابه بحجم الحدث.

كذلك، لم يخصّص نصرالله لعميد الأسرى سوى دقائق معدودة من خطابه الذي إمتدّ طوال ساعة تقريبًا. بدأه مهنئًا بالأعياد ونعى الشيخ محمد خاتون أحد علماء حزب الله، وتطرق إلى مجزرة نيجيريا، ثم وبعد ذلك تحدث عن جريمة إغتيال القنطار مدة لا تتعدّى ربع ساعة، واستفاض في بقية خطابه بالحديث عن الإجراءات الأميركية التي اتخذت بحق حزب الله، وبتصنيفه كمنظمة إجرامية.. إنتهى الخطاب، والملاحظ ان نصرالله لم يتطرق الى الملف اللبناني الداخلي فيما يخص التسوية الرئاسية خصوصا بعدما أحدثت زعزعة في صفوف 8 أذار.

إقرأ أيضاً: #فلسطين_عربية… ردًا على مصادرتها في خطاب نصر الله أمس

وفي هذا السياق، قال القيادي في تيار “المستقبل” النائب مصطفى علوش لـ “جنوبية” أن “خطاب السيد نصرالله كان تقليديّا لا جديد فيه”. وعن الجزء المتعلق بالقنطار رأى علوش أنّ نصر الله «محرج ففي وقت يتم فيه تمجيد التحالف مع روسيا والاشادة بمنظومة الـ أس 400. فإن التنسيق واضح ومعلن بين روسيا وإسرائيل، كذلك بين روسيا وايران وحزب الله”. واضاف “وهذا ما منعه بمن الإسترسال بالموضوع لأنه محرج. لكن، كالعادة كاريزما نصرالله استطاعت تخطيها”.

وعن عدم التطرق للداخل اللبناني، قال علوش “لا شك، أن لا موقف يمكن أن يخرج به حزب الله عمليًا في الوقت الحالي في ما يخص التسوية الرئاسية وهو ملتزم بعدم انتخاب رئيس بإنتظار أن تتضح مجريات الأمور في سوريا”.

مصطفى علوش

لكن الدكتور علوش، إعتبر أن الجزء الأهم في الخطاب “هو المالي، فالسيد نصرالله حاول أن يوحي أن التمويل يأتي من السماء. ولكن، الجميع يعلم أن التمويل العسكري والمؤسسات لا يمكن أن يكون من عالم الغيب. فالأكيد هو وجود مصدر، والقسم الأكبر من ايران من خلال المؤسسات المصرفية، أو تهريب أو مصادر أخرى”. مضيفًا أن “الإنفاق على آلاف من المتطوعين والمتفرغين الدائمين، إضافة إلى المؤسسات، تقدر بمئات الملايين سنويا فبالتأكيد له مصدر”. وأشار علوش أن “الإشكالية تكمن، أن حزب الله ليس لديه مشكلة أن يصنف من أميركا بمنظمة ارهابية، ولكنه تأذّى عندما صنف على أساس أنه منظّمة ارهابية متهمة بتجارة المخدرات وتبييض الأموال..” وتابع، “بالطبع المؤسسات اللبنانية بحالة حرج في حال التعامل مع هؤلاء التجار، ولا شك أن الدولة يجب أن تحمي مواطنيها، ولكنها أيضًا يجب أن تتخذ الإجراءات المناسبة إذا ما ثبت تورطهم في هذه الجرائم”. وخلص علوش إلى أنه “عمليًا، أثبت أن هذه الإجراءات الأخيره تؤثر على حزب الله بعكس ما قاله”.

كذلك، رأى الصحافي والمحلل السياسي مصطفى فحص أن “الخطاب لم يرضِ جمهور حزب الله رغم أنه وعد بالردّ على اغتيال القنطار وأعتقد أن نصرالله صادق وسيرد. لكن، لم تكن لهجته كالسابق حتّى في القضية السورية”. وقال فحص في حديث لـ “جنوبية” “كان لافتا أنه لم يردّ على سؤال جمهوره الذي يتردد بهمس عن الدخول الروسي إلى سوريا والضربات التي يتعرض لها الحزب في ظل الوجود الروسي. إلى ذلك، الوقاحة الروسية بكيفية تبرير حادثة اغتيال القنطار أن المنطومة الـ أس 400 لم تستخدم وهي ممنوعة من إعتراض الأفعال الإسرائيلية”. مشيراً إلى أن “هذا السؤال لم يستطع نصرالله الجواب عليه لذا تجنب التطرق إليه بكل الخطاب”.

إقرأ أيضاً: نصرالله خيّب الآمال بخطاب باهت عن «القنطار»…

مصطفى فحص

وقال فحص إن “روسيا تستخدم حزب الله في سوريا بينما تترك المجال الجوي مفتوحا لإسرائيل لتضرب أي هدف من ضمنه قواعد وكوادر لحزب الله وكل ما يهدد أمنها القومي..

وخلص فحص بهذا الشأن إلى أن “نصرالله لم يمتلك جوابا على هذا كله لهذا اختصر خطابه عن اغتيال القنطار، فيما المحللون على قناة المنار والميادين تفوقا على قصائد المتنبي بمدح بمنطومة ال أس 400” المضادة للطائرات.

أما فيما يتعلق بكلام نصرلله على موضوع العقوبات فهو أخطر كما رأى فحص “هذا مأزق جديد، فالبنوك ملزمة بتطبيق العقوبات فكيف يحمي تجار حزب الله ؟” وأشار إلى أن “الكلام عن العقوبات ذكرني بخطاب أحمدي نجاد، كان يقول بلاده لن تتأثر فيها، وتفاجأنا أنها استسلمت بـ فيينا”.

كما أكّد فحص أن “التركيز في خطابه على بنود العقوبات هو دليل عن وجود أزمة مقبلة ما بين المصارف اللبنانية والرقابة المالية العالمية التي تتحكم فيها “الشيطان الأكبر” أي أميركا بجميع أدواتها”.

وخلص إلى أنه “في حال، لم تؤثر هذه الإجراءات المالية مباشرة على حزب الله نسبة لما قاله نصرالله أن “لا أموال لحزب لله في البنوك”، فهذا سوف يضر حتمًا بالرأسمال الشيعي الذي ارتبط حزب الله به. كذلك، سينعكس ذلك سلبًا على الإقتصاد اللبناني”.

إقرأ أيضاً: أحمد اسماعيل يروي سمير القنطار(2): اختلفنا معه لأنه أيّد اتفاق أوسلو وعزّى بـ«اسحاق رابين»…

وفي النهاية نقول أن خطاب السيد نصرالله أثبت كالعادة أن الملف اللبناني خارج أجندته وآخر اهتمامات حزب الله. كما أن نصرالله لم يرضِ جمهوره وهو لم يجب على تساؤلاتهم ولا على هواجسهم وأصبح الأكيد أن الردّ على جريمة إغتيال القنطار سيكون بحجم هذا الخطاب لا أكثر ولا أقل.

السابق
من هم اعضاء وفد المعارضة السورية المفاوض لنظام الاسد
التالي
اطلاق نار على سيارة تابعة لمنظمة الاغاثة النرويجية على طريق مقنة في محاولة لسرقتها