التاجر الصيني يتجول في «كانتون» بئر العبد

عاشوراء
كان التاجر يفكر بزبائنه على مستوى دولة وعلى مستوى قارة ربما، أما اليوم فهو يتابع زبائنه على مستوى شارع وزاروب وحيّ، ويجول ليعرف ما هي أهواءهم الخاصة.. فماذا بقيّ من رغبات لم يحققها لنا الصينيون نحن المستهلكين؟

يستفيد التجار في كلّ مناسبة وتحينون الفرص من أجل التسويق لتجارتهم والعمل على إزدهارها كي تزيد أرباحهم.

اقرأ أيضاً: عاشوراء وأيّامنا السوداء… الحزن كقدر يومي

وفي هذا السياق نرى المواسم المتتالية حيث الأسواق تعج بالناس رغم شكواهم الدائمة من إنعدام توفر المال والسيولة وقلة الإنتاج  والبطالةوالفقر المدقع، وما الى ذلك من سمفونيات تكذبّها العجقات في الأسواق والإقبال الكثيف على الاسواق.

وموسم عاشوراء لا يقل أهمية تجاريا عن موسم عيد الميلاد ورأس السنة مثلا، والذي إبتدأ وإنطلق منذ ايام سابغا السواد على الناس والاحياء في الضاحية الجنوبية لبيروت.

فالألبسة السوداء لجميع الاعمار بدءا من المواليد الخدّج وحتى العجائز، وقد وصل فيما وصل إليه لأن تُطبع كلمات خاصة بالمناسبة على الثياب النسائية الجاهزة، وتعلّق على واجهات المحال التجارية الكبرى، ما يعني ان التاجر يُدخل هذه البضاعة بكميات كبيرة الى السوق، وخاصة المؤسسات التجارية الكبرى في أماكن إنتشار وإقامة الشيعة في لبنان.

ولا ننسى سابقا في مناسبة إنتصار عام 2000 وما رافقها من طباعة على الألبسة والأكواب، والثياب، وكل ما يمكن الطباعة عليه من صور وشعارات، واليوم وخلال مناسبة عاشوراء، التي هي مناسبة حزن، وثورة، وصراع، ودماء، وجدنا في الأسواق “إيشاربات” مكتوب عليها: (يا حسين، ويا زينب، وكل يوم عاشوراء، والسلام عليك يا ابا عبدالله،…)!!

وكان العام الماضي، قد عرض صاحب محل ألبسة في مدينة الغازية الساحلية في الجنوب بعض الألبسة مكتوب عليها الشعارات الآنفة الذكر نفسها، لكن الدنيا قامت عليه ولم تقعد مما أُضطر صاحب المحل الى إزالة ما عرضه عن الواجهة كليّا، لأنه عرض تلك الملبوسات على جسد “المنيكان” ظنّا منه ان هذا سيجلب له الربح في هذا الموسم الوفير، الا أن الهجمة الإعلامية عليه كانت ضخمة، لأن الـ”مانيكان” غير مُحجبة..إنه فعلا لأمرعجيب!!

سوق الضاحية الجنوبية

“الإيشاربات”، و”البلوز”، و”التي شيرت” المتوفرة اليوم في شارع شعبيّ كـ”بئر العبد” يعني ان هذا الشارع فقط يحق له عرض هذه الألبسة وهذا الإنتاج!!..

والملفت ان التاجر بات يبحث عن رغبات الزبائن الشخصية والخاصة والحميمة سوق الضاحية الجنوبيةوالمذهبية، ولم تعد المسألة مرتبطة بكامل السوق اللبناني. بل، وصل الأمر بالمُنتج الصيني لأن يضع صور شخصيات معينة على أكواب الشاي والقهوة، والمخدات، و”البورتكليه”، ولا ندري أين بعد!

والسوق يُحاكي الغرائز الشعبيّة، ويظهر فرحتها ويغشيها الانتصار الإعلامي والتعبئة النفسية، لكن ما هو إيجابي ان كل هذا الإنتاج يبقى ضمن كانتون مذهبي خاص، ما أن يخرج المستهلك الى الكانتون الوطني الأعم حتى ينزع عن نفسه خصوصياته ويخبئها خوفا على نفسه من القطيع الوطني الكبير ومترتبات الخلاف حوله، فيعود فردا مجردا لا لون له يميّزه عن الاخرين…

اقرأ أيضاً: أهل السنة : نحن لا عاشوراء لنا … وهذا ما نقوله عن يزيد !

فمتى تُخرجنا قياداتنا الوطنية من قطيع الكانتون الى الساحة الوطنية العامة للاستهلاك؟

السابق
القوى الأمنية أوقفت مطلقي الرصاص الطائش الذي قتل محمد الشرقاوي
التالي
الجزيرة ستكشف: نوري المالكي عميل إسرائيلي ساهم في تصفية علماء العراق