ملف حزب الله (8): التعبئة التربويّة لجذب الطلاب والهيمنة على الجامعات‎

الجامعة اللبنانية
تقوم التعبئة التربوية في حزب الله بمجهود كبير يتطلب بذل الكثير من المال والجهد والعمل المنظم من أجل احتواء الطلاب الشيعة في المدارس والجامعات في لبنان عن طريق متابعة أوضاع "الأنصار" فيها وجذب عناصر جدد الى صفوفهم وتأطيرهم في العمل الحزبي لاحقا خارج مقاعد الدراسة.

أُنشئت التعبئة التربوية في شهر حزيران من العام 1985 تحت اسم “التعبئة الطلابية”، بعد أربعة أشهر تقريباً من الرسالة المفتوحة التي أعلنت إطلاق ونشأة ” حزب الله، وتضمّ التعبئة التربويّة اليوم مئات من المنتسبين من الشباب والشابات الشيعة المناصرين أو المنتسبين مبكرا الى تنظيم حزب الله، الذين يمارسون عملهم التطوّعي التعبوي في المدارس والجامعات اللينانية الرسمية والخاصة.
وفي التعريف الرسمي للتعبئة التربويّة منقول عن الموقع الالكتروني لها أن “التعبئة التربوية في حزب الله حركةٌ كادحةٌ لتوأمة العلم والجهاد والتربية والإيمان خدمة للمقاومة والوطن والأمة وتمهيداً للدولة (دولة الامام المهدي الغائب) التي تملأ الأرض قسطاً وعدلاً وسعادةً بعدما ملئت ظلماً وجوراً وعذابا”.

قام المكتب الطلابي لحركة أمل والتعبئة التربوية في حزب الله بمناسبة عاشوراء العام الفائت برفع اعلام الحزب والحركة والرايات السود

وتقول احدى المنتسبات “ان العمل مع التعبئة التربوية غيّر لي المفهوم الذي كان لدي عن الجهاد الحقيقي، فبعد تجربتي تيقّنت أن الجهاد العسكري يجب أن يكون مدعّماً بجهاد ثقافي لبناء مجتمع مقاوم وبيئة حاضنة لخط حزب الله”.
أبرز النشاطات التي تقوم بها التعبئة التربوية في حزب الله من اجل متابعة عمل طلابها المحازبين لإبقائهم على جهوزيتهم العقائدية وجذب طلاب اخرين الى صفوف الحزب فهي:
تنظيم ورش ثقافية وتربوية، إقامة احتفالات دينية، تكريم الطلاب المتفوقين للحزب وانصارهم وتقديم المنح الدراسية لهم، تنظيم لقاءات سياسية تعبوية مع سياسيين واعلاميين مناصرين للمقاومة ولسياسة حزب الله، تنظيم معارض ومسابقات حول مواضيع فكرية تربوية، إقامة مباريات رياضية تكريما للمناسبا ت الوطنية، تنظيم دورات دعم للطلاب الذين يشكون من ضعف في التحصيل العلمي،وإقامة احتفالات في المدارس الابتدائية بمناسبة ارتداء الفتيات الحجاب بسبب بلوغهن سنّ “التكليف الشرعي” أي تسع سنوات.

حفل تكليف بالحجاب
مسؤول التعبئة التربوية في حزب الله اليوم هو الحاج يوسف مرعي الذي قال في إحدى المقابلات متحدثا عن “الإنجازات التي حققتها التعبئة حتى يومنا هذا فيشير إلى أن التعبئة وُجدت ليكون دورها الأساسي دعم المقاومة ورفدها بالكفاءات العلمية. ويؤكد مرعي أنها أمست جزءاً من حركة إسلامية، قائمة على ركيزة من ثلاثة أعمدة أساسية وهي الإيمان والمقاومة والعلم والتربية.

إقرأ أيضاً: ملف حزب الله (7): «مؤسسة الشهيد» ترعى أطفال الشهداء ليصيروا شهداء
ويشرح الأعمدة الثلاثة مبتدئاً بالجزء المتعلق بالمقاومة “ساهمت التعبئة ببثّ ثقافة المقاومة من خلال هذه الشريحة الواسعة في الساحة، وترسيخ هذه الثقافة وخلق رأي عام مؤيّد للمقاومة، وأيضاً من خلال المشاركة المباشرة بالمقاومة، فالتعبئة تفتخر بأن لها ما لا يقل عن ثلاثمئة شهيد، خمسة وثمانون استشهدوا في عدوان تموز، ومن ضمنهم خمسة وثلاثون شهيداً من طلاب الجامعات”.

تضمّ التعبئة التربويّة اليوم مئات من المنتسبين من الشباب والشابات الشيعة المناصرين أو المنتسبين مبكرا الى تنظيم حزب الله

هذا وتبرز سطوة التعبئة التربوية لحزب الله قويّة جدا على الجامعه اللبنانية وفي مركزها الرئيسي تحديدا في منطقة الليلكي – الحدث، أولا بسبب موقها الجغرافي الواقع ضمن الضاحية الجنوبية لبيروت حيث العمق السكاني الشيعي، وثانيا لأن المحاصصة في الادارة جعلت من منصب عميد الجامعه اللبنانية مخصصا للطائفة الشيعية، مما حقّق هيمنة في الإدارة لصالح ممثلي الشيعه في الحكم حركة أمل وحزب الله، الى جانب الهيمنة الجغرافية الميدانية، لذلك وبحكم هذا الواقع فان أكثر الطلاب المنتمين للطائفتين المسيحية والاسلامية السنية فضلوا الانتساب لفروع الجامعة اللبنانية في باقي المناطق أو للجامعات الخاصة، بحيث أصبح أكثر من نصف الطلاب في كليات الجامعه اللبنانية المركز الرئيسي من المسلمين الشيعة.
وبذلك أصبح من غير المستغرب أن تعلو مباني الجامعة اللبنانية اعلام حزب الله وصور شهدائهم في الاحتفالات والمناسبات الوطنيّة وهو ما حصل قبل أسابيع اخيرا في مناسبة عيد التحرير في 25 أيار من العام الحالي، ويتكرر المشهد كذلك في الاحتفالات الدينية الدينية الخاصة، حتى أصبح يطلق على الجامعة اللبنانية (الحدث) لقب “الحسينية” لكثرة اقامة هذه الاحتفالات، فقد قام الطلاب المنتسبون للمكتب الطلابي لحركة أمل والتعبئة التربوية في حزب الله بمناسبة عاشوراء استشهاد الامام الحسين العام الفائت برفع اعلام الحزب والحركة والرايات السود احتفاء بتلك المناسبة على مباني الجامعة، كما ذكر بعض الطلاب انهم في حرم الجامعة تناولوا طعام أكلة الهريسة المشتهر تقديمها في هذه المناسبة لدى جمهور الطائفة الشيعية عن روح الإمام أبي عبدالله الحسين عليه السلام.

السابق
مشروع الدّولة في ظلّ ثنائية السلاح
التالي
لبنان: الشيعة حين دعوا إلى دولة لا دين لها!