(ارشيف 2015) إخراج هاني قبيسي من قيادة حركة «أمل»: هل تبدأ الانشقاقات؟

هاني قبيسي وعبدالله بري
خسر أبو حسن الأرض ومنصبه في "أمل". لكنّ متابعين لما يجري أفصحوا عن اعتقادهم أنّ "أبو حسن لن يخرج بصمت". وهناك حديث عن "انشقاقات محتملة، أو انقلاب في أمل يشبه انقلابات سابقة، كمثل التي قام بها رئيس الهيئة التنفيذي في "أمل" حسن هاشم في العام 1987، وقد اتّهم لاحقا بالعمالة لإسرائيل وسجن لمدّة عام تقريباً.

يبدو أنّ سلسلة تغييرات كبيرة ستطرأ على المواقع القيادية في حركة “أمل”. تغييرات ستعني أمرا من اثنين: إما أنّ كاسحة ألغام بدأت في العمل من أجل تمهيد الطريق وتعبيدها أمام دخول عبد الله، ابن الرئيس نبيه بري، إلى جسم حركة “أمل” وصولا إلى الموقع الأعلى فيها، بدلا من والده، رئيس الحركة ورئيس مجلس النواب. والاحتمال الثاني أن يكون الرئيس بري قد بدأن يفي بالوعد الذي قطعه بأّن يستلم جيل جديد مناصب “أمل” لضخّ الدم الجديد فيها.
الاحتمال الأول هو احتمال التوريث. والتوريث عادة ما يترافق مع “تطيير” رؤوس كبيرة قادرة على منافسة الوريث طري العود، تماما كما يحصل في أحزاب لبنانية كثيرة، ليس أوّلها حزب الكتائب الذي يستعدّ النائب سامي أمين الجميل لوراثته، وليس آخرها الحزب التقدمي الإشتراكي الذي يستعد تيمور وليد جنبلاط لوراثته.
الاسم الأكثر تداولا في سياق حفلة “الإزاحة” التي ستشهدها حركة “أمل” هو أبو حسن قبيسي، أي النائب عن بيروت هاني قبيسي. وهو أحد أقوى رجال “أمل” في العقدين الأخيرين، لما يحظى به من “مَوْنة” بين قواعد الحركة ومن قوّة كبيرة “على الأرض” في الجنوب، خصوصا في مدينة النبطية.
سلفي-وبري-خلفي

ويلفت مراقبون إلى أنّ صور قبيسي والرئيس برّي تملأ الطرق في منطقتي النبطية والزهراني – الصّور تظهره مساويا لبرّي -، كما أنّ قبيسي، بحسب مصدر في “أمل”، يربط “معظم شبّان الأحياء والقبضايات في المنطقة بشخصه حصرا، ويسيطر عليهم وعلى قرارهم”، وهذا بالطبع أزعج مسؤولين وقيادات أخرى في “أمل” من بينهم الرئيس برّي وابنه عبد الله.

ويعتبر البعض أن قبيسي هو الشخصية التي يكرهها “حزب الله” أكثر من غيرها. فهو كان المسؤول الأمني في “أمل” وهو الذي نكّل بشبّان الحزب أكثر من غيره خلال المواجهات بين الطرفين في نهاية الثمانينات من القرن الماضي. ويعتقد كثيرون أنّ قبيسي أكثر من يملك “عصبية” ضدّ “حزب الله”، على اعتباره “متورّطاً في دمائهم ، حسب رأي قريبين من الحزب.

ويذكّر هذا المصدر بأنّه بعد اتفاق “أمل” و”حزب الله” بداية التسعينيّات من القرن الماضي، ترك لبنان لعامين تقريباً، أمضاهما في دبي، بالإمارات العربية المتحدة.

هاني قبيسي

اليوم أعدّ إخراج الطريقة التي سينتج عنها أن “تطيير” أبو حسن خارج جسم حركة “أمل”، فبحسب مصدر في الحركة، فإن نقاشا حادا جرى بين الرئيس برّي والنائب قبيسي إثر إفصاح بري عن رغببته بتعيين شاب من آل طنانة مسؤولا تنظيميا عاما، فرفض أبو حسن على اعتبار أنّ طنانة شاب لا يمكن أن يكون أعلى منه رتبة. فأبو حسن قبيسي هو المسؤول التنظيمي في الجنوب. فكان ردّ برّي أنّ “المطلوب منك يا أبو حسن أن تتابع بيروت باعتبارك نائبا عنها وليس لك علاقة بالجنوب”. ما يعني أنّ قبيسي أعفي من مسؤوليته التنظيمية.

ردّ فعل النائب قبيسي كان أن قدّم استقالته فورا، وفورا تمّ قبولها وتمّ تعيين محمد ترحيني مسؤولا عاما للجنوب، وأبو أحمد صفاوي مسؤولا تنظيميا في النبطية. وهكذا خرج قبيسي من قيادة “أمل”.

مصدر مطّلع على ما جرى في المؤتمر الثالث عشر للحركة الذي عقد في نهاية آذار الفائت، أوضح لـ”جنوبية” أنّه “حين يدخل الحركيون إلى المؤتمر يفقدون كلّ مسؤولياتهم، حتّى الرئيس بري يدخل رئيسا للحركة لكنّه يتحوّل إلى رئيس للجنة التحضيرية، وبالتالي فإنّه بناء على نتائج المؤتمر يتمّ تعيين المسؤولين الجدد، وقد أعلن الرئيس بري أنّه يريد أن يكون الشباب في مراكز قيادية”.

المصدر المطّلع لم ينفِ ولم يؤكد عزل قبيسي من منصبه، غير أنه أعاد التذكير بأنّ “لا احد يحتفظ بموقعه بعد المؤتمر، لكن إذا سألتني عما إذا كانت حظوظ شخص آخر ارتفعت في منصب قبيسي، فربّما أقول لك: نعم”.

مصدر ثالث في حركة “أمل” قال لـ”جنوبية” إنّ المشكلة بين قبيسي وآل بري بدأت بعد خلاف بين قبيسي وعبد الله بري على قطعة أرض في خراج بلدة شوكين، وهي من مشاعات الدولة. ثم دخل حزب الله طرفا ثالثا في هذا النزاع على الأرض. وقد اعتبر أبو حسن قبيسي أن برّي الابن قد اعتدى على “إمارته”. وحصل استنفار عسكري بين “أمل” و”حزب الله”.

بعدها دعا رئيس المجلس التنفيذي لـ”حزب الله” السيّد هاشم صفي الدين إلى اجتماع لحل الموضوع، وقد وصل قبيسي إلى الاجتماع ليجد برّي الابن في انتظاره. وقد وافق صفي الدين على التنازل عن الأرض لصالح بري.

هكذا خسر أبو حسن الأرض ومنصبه في “أمل”. لكنّ متابعين لما يجري أفصحوا عن اعتقادهم أنّ “أبو حسن لن يخرج بصمت”. وهناك حديث عن “انشقاقات محتملة، أو انقلاب في أمل يشبه انقلابات سابقة، كمثل التي قام بها رئيس الهيئة التنفيذي في “أمل” حسن هاشم في العام 1987، وقد اتّهم لاحقا بالعمالة لإسرائيل وسجن لمدّة عام تقريباً. ويومها قام بمحاولة انقلابية وبانتشار مسلّح في منطقة النبطية والزهراني، لكنّ تدخّل قيادات سورية يومها حسم الموقف بأن تؤول زعامة “أمل” لصالح نبيه برّي.

اليوم لا يوجد وصاية سورية، فماذا نتوقّع؟ أن يحسم “حزب الله” كما فعل مع “أرض شوكين”؟ خصوصاً أنّ قيادات “حزب الله” تفضّل في المواقع القيادية لـ”أمل” شخصيات تشبه عبد الله بري، أقرب إلى التكنوقراط ولا تاريخ دموي مع “حزب الله” لها، ولا تفضّل شخصيات مثل قبيسي المعروف تاريخه في المواجهات الدموية بين “أمل” و”حزب الله”.

يهمس أحد العارفين بشخصية أبو حسن: “يترك دوما خطا للرجعة. ومن الصعب أن يخرج عن طوع الرئيس برّي”.

السابق
لقاء الجمهورية عرض في دارة سليمان سبل تعزيز الجمهورية ومؤسساتها الدستورية
التالي
حسن داوود 1/2: الماضي هو الذي دفعني إلى الكتابة