نصرالله يهدم كلّ ما بناه الامام الصدر

موسى الصدر
يحاول حزب الله وتحديداً أمين عام الحزب السيّد حسن نصرالله أن يستحضر الإمام موسى الصدر في معظم خطاباته لكن الممارسة تشير إلى أن نصرالله يهدم كلّ ما بناه الإمام صدر.

على الرغم من الحرص الشديد الذي يحاول ان يبديه امين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله في اغلب خطاباته من خلال استحضار ذكر اسم الامام موسى الصدر والايحاء الدائم من خلال ذالك بان حزب الله بسياساته انما يقتبس من سيرة الامام المغيب ونهجه وسلوكه الذي كان يعتمده، الا ان حقيقة الأمور لا تسعف بالوصول الى النتيجة التي يرجوها، كما ان قليلا من التدقيق بمماراسات وأداء الحزب ومقارنتها بمسيرة الامام يكاد ينبئ عكس ذلك تماما.

بدءاً من الشعار الأساس الذي اعتمده الامام “لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه” وما كان يشكل كأهم مدماك في طريقة وسلوك ومسيرة الامام حتى شكل شغله الشاغل، ومن خلاله سعى الى ادخال الطائفة الشيعية بقدها وقديدها وفكرها وثقافتها وصولا حتى وجدانها الى حضن الدولة لدرجة ان تتحول هذه الرؤية الى شبهة عند البعض والى تهمة عند اخرين (شعبة تانية)، والى زرع ثقافة اللبننة في عقول بنيها وتأكيده الدائم على مفهوم الوطن والمواطنة والوحدة الوطنية فاعتبر ان “الوحدة الوطنية هي اهم أوجه مقاومة العدو الإسرائيلي”.

فيما الذي نشهده اليوم مع السيد حسن نصرالله ما هو الا مزيدا من تقوقع الطائفة والمزيد من انعزالها، وذهابه الى اخذ الطائفة وارتباطها عضويا بالمحور الإيراني وتقديم المصلحة الإقليمية على حساب مصلحة الوطن، فبات ينظر الى الشيعة اللبنانيين عن حق، على انهم جالية إيرانية ولو بهويات لبنانية على العكس تماما مما كان يسعى اليه الامام الصدر.

ولعل هذه المفارقة المهمة وهذا التمايز الكبير بين ” لبنانية ” الامام الصدر، و”محورية” السيد نصرالله كفيلة ان تفهمنا الطريقة الاستلشائية التي تقارب فيها ايران ومعها حزب الله لملف تغييب الامام، وعليه يمكن ان تفسر هذه البرودة في حسم معرفة مصير الامام منذ الايام الأولى لاختطافه، لان وجود الامام كان ليشكل حتماً حجر عثرة وحاجزاً كبيراً في اعتبار ان “حدود الإمبراطورية الإيرانية تصل الى شواطئ البحر الأبيض المتوسط ” كما يصرّح الآن قادة الجمهورية الإسلامية.

والامام الصدر الذي كان يطالب بشدة بتمدد الجيش اللبناني الى الجنوب وانتشاره على الحدود مع فلسطين لمنع استعمال هذه المنطقة كصندوق بريد او كمرتع للسلاح الفلسطيني حينها، وكان يقول “انا مع انتشار الجيش اللبناني في الجنوب حتى وان كان مارونيا”، الا ان ما نراه اليوم على يد السيد نصرالله هو ايضا عكس ذلك تماما، باستثناء استبدال السلاح الفلسطين بالسلاح الإيراني وبتنا الان نرضى بان يبتسم لبنان ويبقى جنوبه متألما

وتبرز في هذه الأيام أيضا قضية إشكالية جديدة تتمثل في عمق علاقة لبنان مع محيطه العربي ومع اشقائه في الدول العربية.

وان كنا هنا لا نريد الإشارة الى الأنظمة التي تتحكم بهذه الدول وطبيعتها وموقفنا المبدئي منها، فهذا ليس من شأننا بل هو شأن الشعوب العربية الخاصة بكل دولة، فكما كان الامام الصدر يرفض بشدة تدخلات الاخرين بطبيعة النظام عندنا، وكان يناضل للتغير من ضمن اليات النظام وتحت سقف القانون لتطوير وتحسين ما يراه مجحفا او يحتاج الى تحسين، كذلك كان الامام لا يتدخل ولا يرضى لاحد من اللبنانيين بالتدخل في شؤون الدول العربية الاخرى، وكان لا يدعو الا لأفضل العلاقات الأخوية مع العرب باعتبارهم اشقاء وباعتبار ان مصلحة لبنان العربي او ذو الوجه العربي هي بان يكون جزءا أساسيا من الامة العربية.

وبطبيعة الحال فان امام المحرومين ونصير المظلومين ما كان ليقبل للحظة بان تتحول الطائفة الشيعية الى طائفة تمارس الاستعلاء والاستقواء والخروج على القانون وفرض الخيارات على بقية مكونات المجتمع اللبناني، فمن كان يجاهد حتى دفع حياته ثمن هذا الجهاد من اجل بناء وطن يكون الشيعة فيه عامل انفتاح وجسر بين كنائس الوطن ومساجده والتي ما برح هو منابرها ومذابحها، ما كان ليقبل ابدا ان يتحول الشيعة الى عامل تعطيل لمؤسسات الدولة وقيامها عندما اصبحوا ذو بأس. وفي المحصلة استطيع ان ادّعي بان كل ما كان يطمح اليه الامام الصدر وما بناه طيلة اعوام مسيرته المباركة نجده يتهافت امام اعيننا على يد السيد نصرالله، والآتي اعظم .

السابق
أسلحة فرنسا سند سعودي للبنان.. لكن هل تساعد بمقاومة إسرائيل؟
التالي
الغارديان: إصابة أبو بكر البغدادي بجراح خطيرة جراء غارة جوية على غرب العراق