وزارء استعراض الفساد: لستر الفشل السياسي العام و«تقريش» رواتبهم

مجلس الوزراء
موضة ام سلسلة ام بداية نهضة ام ضغط شعبي ام محاسبة؟ تساؤلات تحضر في اذهان اللبنانيين عامة وتثيرها حركة الوزراء من الصحة الى المالية الى الاقتصاد الى الصناعة في كشف الفساد. فهل يـصل الملف الى خواتيمها المرجوة؟ ام سنكون في "انتظار غودو"؟ والأمر لا يعدو كونه استعراضات وزارية في الوقت السياسي الضائع بين الملفّات الكثيرة؟ فرغم كلّ الاستعراضات فإنّ نتائج مؤشر مدركات الفساد (Corruption Perception Index) لعام 2014، بيّنت أنّ لبنان نال درجة 27/100، مسجّلا تراجعا في مستوى النزاهة بالنسبة إلى العام الماضي.

في بيان لـ”الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية- لا فساد” أصدرته حول نتائج مؤشر مدركات الفساد (Corruption Perception Index) لعام 2014، تبيّن أن لبنان نال درجة 27/100 مسجلا تراجعا في مستوى النزاهة بالنسبة إلى العام الماضي، حين كان في الدرجة 28. كما احتل لبنان المرتبة 136 من 175 بعدما كان في المرتبة 127 من 177 العام الماضي. رغم ان المجتمع المدني في لبنان لعب دوره لمحاربة الفساد وعلى الأخص في مرحلة ما بعد التسعينيات نتيجة الفورة الأمميّة في اعادة اعمار لبنان، ومحاولة تأسيسه على فكرة بناء الدولة بعد سيطرة الميليشيات التي انهكت البلد من كافة جوانبه.
في هذا الاطار فإنّ الخبير المالي والاداري، أمين سرّ جمعية “لا فساد”، يحيى الحكيم، في حديث لـ”جنوبية”، أكّد أنّه لا يملك “أيّ احصاءات، ونحن كجمعية انطلقنا منذ عشر سنوات، ولا زلنا نعمل على ملفات الفساد، ولكننا نعاني من مشكلة اساسية هي ان اكثر الدوائر الحكومية تُشبه مغارة علي بابا. لذا لايمكننا الحصول على أية اثباتات مادية، وبالتالي لا يمكننا اتهام أحد دون دليل. ونحن كجمعية لا نصل الى حالات الفساد الا عبر مواطنين يخبروننا بها عبر التواتر».

وأضاف: «لكن عندما نحاول تسجيل الدليل المادي فانهم يرفضون التبليغ الرسمي خوفا من الادعاء بسبب القرار الهمايوني الذي يقول ان اي ادعاء يُقدم يفرض على المتقدم به ان يضع 25 مليون ليرة كأمانة لدى الادعاء. وهذا القرار صدر خلال آخر انتخابات نيابية حصلت في لبنان. لأجل كفّ أيدي المراقبين عن تسجيل الشكاوى بحق المرتشين والراشين الانتخابيين”. وقال الحكيم: «أضف أنّ قانون الاثراء غير المشروع، الذي يفرض على المسؤول ان يصرّح عن املاكه وامواله عند دخوله السلك الوظيفي وعند خروجه ايضا، لم يُطبّق، لأنّ المغلف يبقى مقفلا حتى ترفع الحصانة عن هذا المسؤول، وعندما اسأل كمواطن عن الثروة التي يملكها المسؤول لا يمكنني ان احصل على جواب. فنحن امام معضلة كبيرة ايضا ان المواطنين يقدّمون رشاوى لاجل تخليص معاملاتهم ولكنهم لا يتشجعون لتقديم شكاوى”. والفساد الطائفي بحسب الحكيم هو السبب في الفساد الاداري لانه حتى نحاسب «موظف من طائفة معينة لا بد من ان نحاسب موظف من طائفة اخرى”.
في العودة الى فترة التسعينيات حين قام الرئيس رفيق الحريري بعملية تطهير اداري يوضح الحكيم انّه كان “ضدّ هذه العملية لانها جاءت على خلفية قرار سياسي وعلى شائعات دون اي دليل مادي، علما ان معظمهم أُعيد الى عمله او أبقي في منزله، وظل يتقاضى راتبه بسبب الحصانة الادارية التي يحصل عليها الموظف في لبنان”.
ويشرح قائلا: “لبنان يعاني من غياب الارقام والاحصاء، فلا احصاء لعدد سكان لبنان، ولا ارقام في القطاعات الانتاجية، ولا لدى الشركات. وكل مؤسسة او شركة تقدم من الارقام ما يناسبها بدءا من الشركات الصغيرة وصولا الى المصارف”.
ويرى عصام اسماعيل، استاذ القانون الدستوري والاداري في الجامعة اللبنانية انّ “القضاء اللبناني يتحرّك اذا كانت هناك ملفات كاملة، فلا يمكنه رفض اي ملف واذا لم يكن هناك ادلة فالقضاء لا يمكنه ان يدين اي بريء، وهذا يتوقف على عمل الموظفين وعلى دورهم في التفتيش والبحث. وهم وان كانوا تأخروا كثيرا في كشف الفساد الغذائي والاداري الا ان عملهم ايجابي، وعليهم ان يُكملوا وبتتابع ويوميا، كما هو واجب السلطة المتابعة ايضا”.
ويؤكد اسماعيل، في حديث لـ”جنوبية”، انّ “قوانين مكافحة الفساد تعود الى العام 1932 أي قبيل الاستقلال، وقد صدرت قوانين الرقابة الصحية منذ ذلك الوقت، اضافة الى الواجب الدولي كون لبنان انضم الى الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد في العام 2008. وكانت هذه الاتفاقية الدولية قد أُقرت في العام 2003 ولكن لبنان تأخرّ في الانضمام اليها”.

أما الامل، بحسب عصام اسماعيل، استاذ القانون الدستوري والاداري في الجامعة اللبنانية، فهو «بتفعّيل هيئات الرقابة على العمل، وليس الاتكال على شكاوى المواطنين. اما بالنسبة للحالات التي كشفها كل من وزيري الصحة والمالية لا اعلم ان كان تمت بناءا على عمل التفتيش ام هي نتيجة شكاوى مواطنين. لأنّ هذه الاعمال هي من واجبات هيئات الرقابة مثال ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي والنيابة العامة لديوان المحاسبة. وهي التي تُحيل اعمالها الى المحاسبة وهذا الامر ليس بمزحة”.
وعن سرّ التحرك خلال فترة معينة ودفعة واحدة، علما ان الجميع يعلم بحالات الفساد في الطعام والصحة والادارة وغيرها؟ يؤكد اسماعيل: “هناك تحليلات تقول ان السرّ وراء هذا التحرك من قبل الوزارات هو لالهاء الناس عن الحديث بموضوع التمديد، وللقول اننا كنواب نعمل ونتابع ونسهر على شؤونكم. وعليهم اثبات عدم صحة هذا التحليل من خلال متابعة الملفات وليس التوقف في مكان ما”.

السابق
جو معلوف لجنوبية: «أنا وزافين أصحاب وما بدّي إتخانق مع حدا»
التالي
اردوغان: لا يمكن لاوروبا ان تعطي تركيا درسا في الديموقراطية