الجديد في خطاب الاعتدال وفي خطاب حماس

محمود عباس
ينفرد موقع "جنوبية" وبالتعاون مع مركز "تطوير" للدراسات بنشر ملخص تقرير المركز الرابع وينشر هنا مقالاً لرئيس المركز هشام دبسي حول الجديد في خطاب الاعتدال الافلسطيني وفي خطاب حماس.

تحول الخطاب السنوي للرئيس الفلسطيني من على منبر الأمم المتحدة، الى حدث سياسي بذاته، وجاء خطاب هذا العام متجاوزاً المطالعة النمطية الفلسطينية، ليتقدم باتجاه تقييم شامل لعشرين سنة من المفاوضات. والجديد في هذا الخطاب ادراك الرئيس محمود عباس، أن الادارة الاميركية تحوّلت عن اولوية البحث في تسوية الملف الاسرائيلي – الفلسطيني الى اولوية نصب خيمة كبرى للائتلاف الدولي ضد “داعش”. وادراكه ايضاً لاستحالة الحصول على وعد او تعهد او ضمانة من واشنطن لجدول زمني يقود التفاوض ويوصله الى هدفه، طالما أن المصالح الاسرائيلية كما يراها نتنياهو وحكومته تحظى بالأولوية، حتى عندما يطغى التوتر على العلاقات الرسمية بين رئيس الحكومة الاسرائيلية وسيد البيت الابيض.

الجديد في خطاب ابو مازن هو محاولة الحصول على الجدول الزمني من الامم المتحدة ومجلس الأمن، رغم قناعته بأن حظ المبادرة الفلسطينية – العربية معدوم في مجلس الامن بفعل الفيتو الاميركي: نتنياهو يلعبها على حافة اليأس الذي من شأنه أن يفضي بالفلسطينيين والمنطقة الى الهاوية، بينما يلعبها ابو مازن على حافة التحدّي الإيجابي استناداً الى مراكمة على صعيد نصوع الحق الفلسطيني، نصوعاً بات يؤرّق ضمائر الشعوب والدول في العالم أجمع… وما تنديد المجتمعات الغربية بوحشية العدوان الاسرائيلي على غزة إلا دليل على قوة الحقّ مقابل “حق القوة”!

لهذا الجديد تحديداً في خطاب الاعتدال الفلسطيني، استحق ابو مازن هجوماً شرساً من اقطاب الحكومة الاسرائيلية وابرزهم بعد نتنياهو وزير خارجيته ليبرمان الذي قال ” لاجدوى من اهدار المزيد من الوقت مع القضية الفلسطينية”. وقد تصدرت الصحف الاسرائيلية، عناوين مقالات يتلخص مضمونها على النحو التالي ” ابو مازن لا يختلف عن اخوانه في حماس” ” ابو مازن الخصم اللدود” ” شطب عملية السلام” بينما انفرد زعيم المعارضة البرلمانية رئيس حزب العمل حاييم هرتزوغ بدعوة الحكومة الى ” المبادرة إلى عملية اقليمية … واعطاء أمل بدلاً من الانشغال بتوجيه الانتقادات الى ابو مازن فقط.”
أما الجديد في خطاب حماس بعد أن استنفذت احتفالاتها “بالنصر”، ما قاله نائب رئيس المكتب السياسي موسى ابو مرزوق بأن “المفاوضات مع اسرائيل لا تدخل ضمن اطار المحرمات السياسية”. وهذا ارتقاء بالموقف التفاوضي الحمساوي، من المستوى التقني حيث سمحت “حكومة هنية” السابقة لموظفيها بالاتصال بنظرائهم الاسرائيليين، لتسهيل الاعمال والحاجات اليومية. الى مستوى سياسي مفتوح الافق لمفاوضات هي بالتأكيد ليست من أجل تدمير “الكياني الصهيوني”. عند هذا التقاطع في إجازة المفاوضات، والتوصل مع حركة فتح الى تفاهم جديد لتسهيل عمل الحكومة الفلسطينية، يمكن القول افتراضياً أن اهل غزة على عتبة انفراج. لكن التجربة لا تسمح بالتفاؤل كثيراً لأن المصالحة الفلسطينية غالباً ما فشلت بفعل المنغصات الصغرى وما اكثرها في العلاقة الثنائية بين حماس وفتح.

فهل يشكل خطاب الرئيس اطار عمل سياسي جامع للفلسطينيين للخروج من المأزق الانساني في غزة، ام ان المنغصات الصغرى، والمصالح الضيقة ستذهب بأي انجاز ممكن ادراج الرياح؟
لعل جديد ابو مازن وجديد ابو مرزوق يفيدان الناس في مأساتهم الكبرى.

السابق
تنظيم جهادي جديد يتوعّد الحوثيين بـ «الذبح»
التالي
بوتين.. الهدايا العجيبة