عن نشوء السلفية في لبنان منذ العام 1946 (1)

بعد كل انفجار ارهابي او خضة أمنية تصدر إحدى المجموعات السلفية بيانا تتبنى هذا العمل الارهابي. فمن هي التظيمات السلفية الناشطة في لبنان وما هو الفارق العقائدي والتنظيمي بينها؟ هنا حلقة أولى عن نشوء السلفية في لبنان منذ العام 1946 مع الشيخ سالم الشهال الذي أسّس جمعية الهداية والاحسان الخيرية ومدرسة دينية في طرابلس ثم أنشأ فروعا لها في عدد من المدن، خصوصاً التي يعيش فيها نسبة عالية من المسلمين السنّة.. تليها حلقة ثانية عن جند الشام وعصبة الأنصار وفتح الإسلام وغيرها من التنظيمات المتطرّفة الناشطة في لبنان.

التنظيمات الإسلامية في لبنان هي صدى لتنظيمات إسلامية في المنطقة. بحسب أحد الشيوخ المطلعين على عمل التيارات الاسلامية في لبنان لا توجد تيارات إسلامية جهادية مستقلة تسعى للعمل داخل الكيان اللبناني، ربما لأن التنظيمات التكفيرية تجد فيه ساحة دعم وليس ساحة قتال فعلي. لكننا نجد هنا شباباً تأثروا بما يطرحه التكفيريون، والمشكلة ان معظم هؤلاء الشباب يجري تجنيدهم عبر الانترنت، وتتم عملية غسل لدماغهم، بداية عبر التشكيك بالقيادات الإسلامية الحالية وبقدرة الجيل القديم على التغيير، وأن الخلاص هو في فرض الشريعة وتكفير المجتمع.

الا أن مصادر إسلامية أخرى ترى أن لبنان لا يختلف عن غيره من البيئات، وبالتالي من الطبيعي أن تتواجد فيه تيارات متطرفة، ربما يسهل القضاء عليها بسبب التنوع اللبناني، لكن ذلك لا يلغي أصولها اللبنانية وأنها نتاج النظام الطائفي اللبناني القائم على تبادل الهيمنات المذهبية عليه.

الحركة السلفية في لبنان قديمة ووجدت بعد الاستقلال بثلاث سنوات عندما أسس الشيخ سالم الشهال في العام 1946 جمعية الهداية والاحسان الخيرية ومدرسة دينية في طرابلس ثم أنشأ فروعا لها في عدد من المدن، خصوصاً التي يعيش فيها نسبة عالية من المسلمين السنّة. وجمعية الهداية والإحسان هي حركة سلفية استوحت الكثير من الوهابية. تركز في دروسها على النص القرآني والحديث النبوي والعمل الاجتماعي. وفي الثمانينات تزايد نفوذ التيار السلفي في مدينة طرابلس وسيطرت عليها حركة التوحيد بقيادة الشيخ سعيد شعبان العام 1982، لكنها انهارت تحت ضربات السوريين عام 1985، والتحق قسم منها بالنظام السوري.

وفي عام 1969 صدر قرار حكومي بحل جمعية الهداية والإحسان بتهمة التحريض على الكراهية المذهبية، مما دفع الشيخ سالم الشهال إلى تأسيس جميعة “إحياء التراث الإسلامي” ثم جمعية “زاد الآخرة” وهي جمعيات تدرس الدين وتوسع قاعدتها الاجتماعية من خلاله. ويمكن وصف هذا التيار السلفي بالتقليدي والمرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمملكة العربية السعودية التي ورثت دينياً الدور الذي كان يلعبه الأزهر قبل مجيء الرئيس المصري أنور السادات، وهذا التيار وعلى الرغم من عدم أنغماسه في السياسة رشح العام 2005 السلفي حسن الشهال لموقع النيابة إلا أن التيارات الإسلامية المختلفة فضّلت لائحة سعد الحريري التي فازت بأكملها (28 نائباً) على أن تدعم سلفياً تقليدياً.

السلفية المتأثرة بالقاعدة

هي مجموعات مستقلة تخطيطاً وتنظيماً وتمويلاً عن القاعدة لكنها مرتبطة عقائدياً وإيديولوجياً بالقاعدة وهي قديمة في المجتمع اللبناني. ورغم محاولات أقطاب النظام الإشارة إلى أنها غريبة وأتت من الخارج.

ففي العام 1993 خططت مجموعة من الشباب لمهاجمة موكب للمطارنة في شمال لبنان احتجاجاً على مجازر الصرب ضد المسلمين في البوسنة، ثم جرت عملية اغتيال الشيخ نزار الحلبي في العام 1995 بتهمة علاقته بالمخابرات السورية. هذه المجموعات ضمّت أفراداً قاتلوا في أفغانستان وعادوا إلى لبنان، وهذه لا تؤمن بالعملية الانتخابية السياسية، تعمل لإقامة حكم الله، ونادراً ما تعلن مسؤوليتها عن أعمالها.

ومن هذه المجموعات، مجموعة الظهيرة التي رأسها بسام كنج بعد عودته من أفغانستان واستلهام عقيدة القاعدة، ضمن مجموعته أشخاص هاربين من العدالة، ويحملون أفكاراً عقائدية متطرفة. وبعضهم كان عضواً في حركة التوحيد، وقد اشتبكت هذه المجموعة مع الجيش اللبناني عام 1999 وقتل في الاشتباك بسام كنج والعديد من أفرادها وانتهت المجموعة.

السابق
اللحم العربي الرخيص من المحيط الى الخليج
التالي
بالصور: ’القمر العملاق’ يُبهر العالم