حكاية القبضاي والمجنون والمُهّجَّر وOne Way Ticket

القبضاي والمجنون والمُهّجَّر
بعد سنوات، وكان كلّ حيّ في سبيله، وبعد أن تعرّض أهل المهجّر للقتل كلّهم.. فجأة حطّ المجنون عند الرجل المهجَّر وقال له: سأسوّي وضعك أنت والقبضاي، لكن هل في إمكانك أن تقول للناس إنّني لست مجنونا وإنّني أهل لأكون مختار الحيّ.

كان يا ما كان، في حديث الزمان، رجل مجنون يظنّ أنّه جبّار. ومثل كلّ الذين يظنّون أنفسهم جبّارين، كان هذا الرجل يستقوي على من يظنّهم أضعف منه. وأحيانا، حين يجد نفسه في موقع قوّة، يتجبّر. وكان هناك قبضاي قويّ جدا في الحيّ. فصادقه هذا الرجل المجنون، وصار يوافق على كلّ ما يقوله. فإذا قال البقضاي: لنسرق جارنا. ذهب معه وقال إنّ “سرقة الجيران ضرورية أحيانا”. وإذا قال القبضاي: “لنضرب ابن عمّنا”، ذهب معه المتجبّر ووقف يهلّل له.
والمجنون لم يكن قويّا فعلا. كان يتجبّر على الناس ويخيفهم لأنّه صديق القبضاي. ومرّة اختلف مع رجل له مونة كبيرة على عشيرته في الحيّ. رجل كان يتهيّبه الجميع لكنّه ليس قبضايا ولا يضرب أحدا. وكان أن ضربه القبضاي مرّة أمام الجميع وحصل منه على إقرار بقبضته وقوّته.
حين اختلف المتجبّر مع الرجل الهادىء واللطيف قرّر الرجل أنّه ما عاد ف يإمكانه العيش بين أهله في الحيّ. فقرّر أن يسكن في حيّ بعيد. وكانت له مشكلة شخصية مع القبضاي، الذي يظنّ أنّه قتل والده قبل 10 سنوات. لكنّ قاضي القضاة لم يستطع تأكيد هويّة القاتل.
وحين اختلف الرجل المهيب مع المتجبّر المجنون، غادر الحيّ، فوقف المجنون في منتصف الحيّ وقال: “وان واي تيكيت”. وصار يقول للجميع إنّه سيحكم الحيّ وحده. وبالطبع كان القبضاي هو من يحكم الحيّ من خلال صراخ هذا المجنون.
وكان أن بدأ عدد من رفاق الرجل المهجّر ومن أهل عشيرته وعائلته ومعاونية، يتعرّضون للقتل في الشارع دون أن يعرف أحد من الذي كان يقتلهم.
بعد سنوات، وكان كلّ حيّ في سبيله، وبعد أن تعرّض أهل المهجّر للقتل كلّهم.. فجأة حطّ المجنون عند الرجل المهجَّر وقال له: سأسوّي وضعك أنت والقبضاي، لكن هل في إمكانك أن تقول للناس إنّني لست مجنونا وإنّني أهل لأكون مختار الحيّ.
فعلا فإنّ الرجل المهجّر قاب قوسين أو أدنى من أن يقتنع بأنّ الرجل المجنون ليس مجنونا وإنّه يريد فقط أن يدير شؤون الحيّ. وكان القبضاي يراقب زيارات الرجل المتجبّر إلى المهجر ومفاوضاته مع اليتيم الذي قُتِلَ والدُهُ ثم هُجِّرَ إلى حيّ آخر. يراقب فَرِحًا. وكان أهل المهجّر وأقرباء والده القتيل، يراقبون بغيظ وقهر، ويشعرون أكثر فأكثر أنّ قريبهم هو الذي صار مجنونا.

السابق
المحكمة الدولية حددت شروط اعتماد الإعلاميين لحضور المثول الأول للاخبار والامين في 29 الحالي
التالي
البطريرك الراعي يترك الهواء خلال لقاء مباشر مع فرانس24 لدى سؤاله عن تفاصيل زيارته إلى القدس