ضرب الإستقرار وتطيير الإنتخابات الرئاسية؟

مجلس النواب

لم تكد الأوركسترا الأمنية التي كانت تتلاعب بالإستقرار الأمني تختفي خلف الستارة بقوة التوافق على تحييد لبنان أمنياً عن نيران النزاع السوري المتواصل منذ أكثر من ثلاث سنوات، حتى احتلت أوركسترا التحركات المطلبية مسرح الأحداث بسحر ساحر لتهدّد الإستقرار الإقتصادي والنقدي، الذي لا يقتصر على بلدة أو منطقة، وعلى فترة من الزمن، كما هي الحال الأمنية، بل يشمل كل المناطق وكل الناس في كل أوان.ومن السذاجة اعتبار هذه التحركات بريئة أو مصادفة، ومن المضحك أن يتم ربط إقرار السلسلة بتوفير موارد مالية في مقابلها من خلال محاربة الفساد وفرض ضرائب إضافية هنا وهناك.

مَن سيحارب الفساد ما دام له أب وأم وأخوة وأبناء ومرجعيات، والشعب يتيم بلا أب ولا أم حتى لو كان سلَّم أمره الى المرجعيات، السياسية والحزبية والطائفية والمذهبية؟

وهل بهذه السرعة وهذه الخفة تُزاد الضرائب على رغم تحذيرات أصحاب الإختصاص في المال والإقتصاد، وهل المطلوب هزّ الإستقرار من بوابة الإقتصاد بعد إقفال ثغر الأمن؟

وهل جميع الموظفين المطالبين بإنصافهم مغبونون، أم أن هناك من بينهم مَن بنى القصور وجنى الثروات من الخوّات والرشوات والصفقات، والمطلوب أن يكافأوا اليوم مثلهم مثل الموظفين الذين لم تتلطخ أيديهم ولم تمتلئ جيوبهم؟

في هذا المناخ، عبثاً يحاول المرشحون الى انتخابات رئاسة الجمهورية تحمية الإستحقاق الداهم، وعبثاً يحاول الإعلام تسخين المعركة في السباق الى بعبدا، لأن الناخبين الأساسيين يجرون حساباتهم في أجواء هادئة جداً ومختلفة جداً عن حسابات الطامحين بلقب الفخامة.

وهناك قراءتان:

الأولى، أن لا معركة كسر عظم ولا أجواء منافسة عملياً، لأن المناخ الخارجي الذي قاد الى التوافق على تأليف الحكومة الجديدة وتجاوز مطبات البيان الوزاري وإقرار الخطط الأمنية للبقاع والشمال وتنفيذها بلا أي إعتراض، هو توافق ساري المفعول ومبرمج للتطوير، وأكبر من قدرة بعض القوى المحلية على تعطيله أو تبديله.

وهذا المناخ هو الذي دفع «حزب الله» الى الإنفتاح على تيار «المستقبل» وتقديم الهدايا السياسية والأمنية اليه، وأبرزها:

1 – تحقيق رغبة التيار في إخراج الرئيس نجيب ميقاتي من السراي.

2 – منح التيار وحلفائه الوزارات الحساسة التي كان يطلبها مثل وزارات الداخلية والعدل والإتصالات.

3 – رفع الغطاء عن رفعت وعلي عيد وتولّي إخراجهما من لبنان.

من هنا، يسقط خيار المعركة الرئاسية أمام خيار التسوية والصفقة الرئاسية، خصوصاً أن الدول المؤثرة في الإستحقاق لم تضع إلّا شرطاً واحداً هو الحفاظ على الأمن والإستقرار في لبنان في المرحلة المقبلة.

أما القراءة الثانية، فهي أن فريق الثامن من آذار يرى أن الواقع الإقليمي لا يسمح بإجراء إنتخابات رئاسية في لبنان في هذه المرحلة، بانتظار إنتهاء المفاوضات الأميركية – الإيرانية وحسم النزاع عسكرياً في سوريا، بما يتيح لفريق «الممانعة» ترجمة إنتصار خياراته الإقليمية، بالإتيان برئيس من صفوفه وفرض أمر واقع يعكس موازين القوى الجديدة.

مسكين هذا الشعب، يمصُّون دمه في الأمن والإقتصاد، ويرهُنون عمره في المراهنات وثلاجات الإنتظار.

السابق
الجيوش الأقوى في العالم
التالي
سيادة أم سادية… تمارسها قوى 14 آذار؟