كونغرس منقسم.. لكنه قادر على الحسم

كان رئيس مجلس النواب في الكونغرس جون بوهنر يتحدث أمام كاميرات التلفزيون هادئا كعادته عقب لقائه الأسبوعي مع النواب الجمهوريين إلى أن فاجأته نانسي كورديز من شبكة «سي بي إس» بسؤال أثار حفيظته، قالت، عن الاتفاق الذي توصل إليه رئيس لجنة الميزانية في مجلس النواب مع أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين مؤخرا: «أدلت غالبية الجماعات المحافظة بتصريحات تنسف هذا الاتفاق».

قاطعها بوهنر قائلا: «أتقصدين الجماعات التي خرجت وعارضت الاتفاق قبل أن تطلع عليه». أجابته: «نعم، إنها هذه الجماعات».

قال بوهنر غاضبا: «إنهم يستغلون أعضاءنا ويستغلون الشعب الأميركي لمصالحهم الخاصة. هذا أمر سخيف».

نعم هو كذلك. الحقيقة أن الجمهوريين أدركوا أخيرا أنه يعني أن اتفاق ميزانية رايان يمكن أن يطلق عليه نجاحا، حتى وإن لم ينجز سوى القليل.

هناك كثير من أوجه القصور التي تشوب اتفاق تمويل الحكومة خلال الأشهر الإحدى والعشرين المقبلة، إذ لم يقدم الاتفاق شيئا للتعامل مع الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي التي تعد مشكلات طويلة الأجل تهدد اقتصاد البلاد. كما لم يغير من قانون الضريبة غير المنطقي وغير الفاعل، ولم يمدد إعانات البطالة، ولم يحل أيضا بشكل كامل محل خفض الإنفاق المعروف باسم الحبس. وبشكل أساسي توصل النواب إلى اتفاق عبر التخلي عن كل شيء منطقي.

لكن رايان حقق شيئا ضخما هذا الأسبوع عندما أقنع زملاءه المحافظين بتقديم تنازلات، على الرغم من تعرضهم لضغوط لمعارضة الاتفاق من الجماعات القوية مثل نادي النمو، والعمل من أجل التراث وأميركيين من أجل الرخاء – التي أطاحت بجمهوريين في الانتخابات التمهيدية لم يلتزموا بنهج الحزب بشكل كاف.

يجب أن يعطي هذا للجمهور، والأسواق، قدرا من الاطمئنان إلى أن واشنطن لا تزال تتعامل مع هذه المهمة البسيطة للحفاظ على استمرار عمل الحكومة. وهذه المرة الأولى التي يبدي فيها المحافظون استعدادا للتخلي عن موقفهم الآيديولوجي هو بارقة أمل صغيرة في إمكانية تكرار شجاعتهم في مناسبات أخرى. فقال النائب جون فليمينغ للصحافيين في الكابيتول بعد مغادرته اجتماع الجمهوريين في مجلس النواب: «أنا واحد من أشد محافظي المجمع الانتخابي وقد وافقت على هذا، ولست على يقين من أن الجماعات الخارجية ستتمكن من إبعادنا عما نعتبره خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح».

وقال فلمنغ إنه لم يسمع «أي اعتراضات رئيسة بين الزملاء». وأضاف: «لقد وجدت في الواقع حلا وسطا لا يعتدي على قيم أي من الجانبين».

لم يتخذ كل الجمهوريين نفس موقف فلمنغ، فقد أعلن النائب مات سالمون: «إنها خطوة صغيرة إلى حد بعيد ومن المرجح أن أصوت ضده، فنحن لم نفعل شيئا بشأن الأمن الاجتماعي والرعاية الصحية».

وبالمثل وصف النائب تيم هولزكامب الاتفاق بأنه صفقة واشنطن «نموذجية سوف تزيد من عجز الميزانية، وسترفع الضرائب والرسوم ولن تعالج مشكلة الإسراف في الإنفاق الذي تعاني منه واشنطن منذ فترة طويلة».

ولكن الاتفاق يعيد الإنفاق غير المشروط لمستويات عام 2007 في عام 2015، ويعطي على الأقل اتفاقا للحد من الإنفاق على برامج الاستحقاقات، ويخفف من أسوأ آثار خفض الإنفاق. وفوق كل ذلك، سيعيد الإحساس بأن الكونغرس، المنقسم بين حزبين، قادر على التعامل مع الوظائف الأساسية لوضع الميزانيات. صحيح أن ذلك قد لا ينبئ بالكثير، لكنه تحسن كبير على الطريقة التي كانت تدار بها الأمور في السنوات الأخيرة.

السابق
أوباما أراد تدخلاً لأميركا في دارفور.. فلماذا لا في سوريا؟
التالي
غاندي ومانديلا