إلى نهاية الولاية وأبعد؟

لا يزال اللبنانيون ينظرون الى ازمات تشكيل الحكومات التي اعتادوا التعايش والتكيف معها على انها نتيجة لمد الصراعات الداخلية وجذرها او الاختلالات الظرفية في موازين القوى وتبدل الاكثريات والاقليات تبعا لارتباطات القوى الداخلية بالقوى الاقليمية والدولية. على صحة هذا المفهوم في الكثير من الازمات الحكومية السابقة تبدو الازمة الراهنة اخطر من ان تقاس فقط بالعامل الزمني الذي تفوّقت فيه على سائر السوابق فيما هي تنذر بالتحجير على النظام الدستوري وحتى على الاعراف والاصول الشكلية.

بدخولها الشهر الثامن ترفع ازمة تشكيل الحكومة السلامية الممنوعة من الولادة معدل الازمات الحكومية في عهد الرئيس ميشال سليمان الى ما يتجاوز السنة ونصف سنة من مجمل الولاية قبل ستة اشهر من نهايتها. وما ينطبق على طول المدد التي استهلكها الرؤساء فؤاد السنيورة وسعد الحريري ونجيب ميقاتي في تشكيل حكوماتهم لم يعد ينسحب على الرئيس المكلف تمام سلام لسبب اساسي جوهري هو ان الازمة السورية اضافت الى الازمة الحالية كل ما ساهم في تشكيل ازمة نظام وليس مجرد ازمة تأليف. يكاد يصبح من المستحيلات ان تتشكل حكومة جديدة الآن بمعزل عن صفقة شاملة تستحضر اطار تسوية الدوحة في عام ٢٠٠٨ واكثر بما يعنيه ذلك من تداخل الاستحقاق الرئاسي مع قانون الانتخاب الجديد مع الحكومة الجديدة في اقل الافتراضات تفاؤلا. ولا يقف الامر عند شبه الاستحالة في التوصل الى صفقة كهذه او في امكان ان تتوافر رعاية خارجية مقبولة لتسوية مماثلة. اذ ثمة ما تصاعد في حرب الشروط التي منعت تأليف الحكومة خلال الاشهر السبعة المنصرمة ما يثبت ان الاشهر المتبقية من ولاية الرئيس سليمان ستشهد اندفاعا متزايدا من جانب قوى ٨ آذار تحديدا لتغيير كل قوانين الصراع السياسي والدستوري من دون اي رفة جفن حيال الفراغ الدستوري المرجح بقوة. وليس ادل على ذلك من بدء التلاعب بمسألة اكثرية الثلثين الملزمة لانتخاب رئيس الجمهورية وكذلك من تحويل شروط هذا الفريق للإفراج عن حكومة تمام سلام الى ما يشبه دستورا رديفا بات عصيا على المفاوضة الى حد رهن السلم الاهلي به.
بذلك لا ينبغي بعد الآن المضي في تبسيط ازمة حكومية بمجرد ربط حلها الافتراضي بانتظار وهم حلحلة تأتي من الاقليم او سراب تراجع عن شروط مستعصية يزداد استعصاؤها كلما استشعر الفريق الموالي للنظام السوري مزيدا من القوة الظرفية لديه. يشعر هذا الفريق ان الفرصة التي بين يديه الآن لن تتكرر وان استمرارها غير مأمون اطلاقا ولذا لن تستولد الازمة الحكومية سوى معركة لا هوادة فيها لأخذ النظام برمته بجريرة هذه اللحظة واي حسابات خارج هذه الحقيقة هي ايضا وهم وسراب. ومن يعش ير.

السابق
حمدان: لرفع الظلم عن الناس بتشكيل حكومة
التالي
ثورة «الميدان» بين السخاء والتسامح الأميركي