مستشفى صيدا الحكومي: لا تندهوا ما في حدا

مستشفى صيدا الحكومي
الممرضون يسألون عن تاريخ المرضى الطبي أمام الجميع. الأطباء يتأخرون لساعات. المدراء ليسوا موجودين، والمعاناة يومية.

إذا نُظرت إلى تجربة المستشفى الحكومي في صيدا فستجدها تجربة مميزة بين المستشفيات الحكومية، إذ استطاعت إدارتها أن تبني، من لا شيء، مستشفى يعج بالمرضى ويقدم لهم الخدمات الطبية في مستوى يضاهي المستويات الموجودة في القطاع الخاص ويفوقها أحياناً.

عندما قررت إجراء عملية جراحية استغرب الطبيب المعنيّ إصراري على إجرائها في المستشفى الحكومي.

قصدت المستشفى قبل يومين من موعد العملية، فأخبرتني الموظفة أنه علي الحضور قبل يوم من تاريخ العملية لإجراء الفحوصات المخبرية والسريرية.

حضرت في الموعد المحدد، دفعت الرسوم وتوجهت إلى القسم المعني بإجراء الفحوصات. فوجئت بعدد من المرضى يجلسون في القاعة، وعندما ينادي الموظف المسؤول باسم المرض يتقدم منه، ويسأله عن تاريخه الطبي. وعن معاناته وعن أوضاعه الصحية، للاطلاع على سجله الطبي، وذلك أمام الجميع!

وبالتالي يفقد المريض خصوصيته الصحية. حتى أنني حفظت أنواع العمليات التي سيجريها المرضى… وتحاول إحدى السيدات إجابة الموظف عن عملية نسائية سابقة همساً، فيستفهم منها بصوت عالٍ.

وعندما حان دوري سألتني الممرضة عن نوع عملي، فأخبرتها ولفتّ نظرها إلى الخطأ الذي يرتكبه الموظف وأنني سأراجع الإدارة بشأن ذلك.

بعد الفحوصات قال الموظف: “ممنوع على أي كان الخروج، عليكم انتظار طبيب القلب وطبيب التخدير”. أخبرته أنه عليّ إنهاء معاملة المعالجة في وزارة الصحة بالسراي الحكومي. فأجابني الموظف بأنها ليست من مسؤوليته.

فردّيت: “سأذهب لأنهي المعاملة وعندما أعود لكل حادث حديث”. وحينها فقط أذعن للأمر. فذهبت إلى السراي وعدت ولم يحضر الطبيبان.

بعدها حضر طبيب القلب، وفحص المرضى كلّ بدوره في غرفة جانبية.

ثم ظل الجميع لمدة ساعة بانتظار طبيب التخدير، والموظفة تقول: “لا أدري متى سيأتي أحدهم، أحاول الاتصال بهم ولا أجدهم”. سألتها عن أسمائهم، فرفضت الإجابة. وتوجهت إلى المدير الطبي الذي حاول الاتصال بهم. فوجد أن أحد الأطباء خارج المستشفى.

حينها وعدني بأن طبيباً آخر سيحضر بعد قليل. انتظرت لساعة ولم يحضر أحد. ثم قالت الموظفة إن طبيبة التخدير ستحضر بعد 5 دقائق.

مجددا مرّت نصف ساعة ولم تحضر، فاضطررت للبحث عن المدير الطبي فلم أجده ايضا.

لذا سألت عن رئيس مجلس الإدارة فلم أجده أيضاً. لذلك سألتني مسؤولة إدارية عن “هدف السؤال”، فرويت لها معاناتي، وأكملت: “الناس ليسوا خدماً عند الأطباء الذين يتقاضون رواتبهم من الناس”.

مذعورة سارعت المسؤولة للتفتيش عن الأطباء. أخبرتها إحدى الموظفات أنهم كالعادة “ينقعون” المرضى ويتأخرون عليهم. والتفتت إلى ناحيتي وقالت: “بعد 5 دقائق سيكون الطبيب حاضراً”. وفعلاً بعد 3 دقائق حضر الطبيب.

في اليوم التالي، عدت إلى القسم الذي يستقبل المرضى الذين بحاجة إلى عمليات. لم أجد أي تغيير في معاملة المرضى.

وبقي الوضع على حاله.

السابق
مخطوفو أعزاز الى الحرية قبل عيد الأضحى
التالي
سيف العدالة أصابه الصدأ