عين الحلوة: توتر وشـائعات

تشكل الحالة السلفية المتشددة في مخيم عين الحلوة، بما فيها ظاهرة العناصر المنشقين عن «عصبة الأنصار»، و«الحركة الإسلامية المجاهدة»، النقطة المركزية التي يجري البحث في كيفية استيعابها في المخيم، فيما تشهد أحياؤه توتراً أمنياً لافتاً منذ مدة، من دون التوصل إلى أي حلّ ينهي التوتر. وتسري شائعات خارجه عن وجود عناصر لـ«جبهة النصرة» و«الجيش السوري الحرّ».
«الحالة السلفية» هي امتداد لـ«جند الشام» و«فتح الإسلام»، كما تتشكل من ثلاثة رموز إسلامية معروفة في المخيم، بما فيها مخيم الطوارئ، من بينها الشيخ أسامة الشهابي، والشيخ هيثم الشعبي، وبلال بدر، الذي برز اسمه بشكل واضح بعد «قضية مكتب الصاعقة»، والحديث عن اقتحامه بعد وفاة عدد من أبناء المخيم، خلال الاشتباكات مع الجيش السوري، خلال قتالهم إلى جانب المعارضة السورية.
وتشير المصادر الفلسطينية إلى أن «هذه الحالة إذا ما تآلفت فيما بينها، واتحدت كوحدة مجتمعة، يتشكل منها فريق عسكري لا بأس بقدراته القتالية، ومصدر قلق للمخيم برمته، لأن عدد ذلك الفريق، مع من ينضم إلى أفراده من السلفيين وذوي القربي، يصبح بالعشرات، وبمقدورهم الانتشار في الزواريب والأحياء الضيقة». وتلفت المصادر إلى أن «الجهة التى تفهم عليهم، وبإمكانها لجمهم وحتى ردعهم هي حالة إسلامية كذلك، تتمثل بكل من عصبة الانصار، والحركة الاسلامية المجاهدة، لأنهم يدركون قوة بعضهم البعض، ويفهمون لغة بعضهم ويتواصلون معهم لحل الإشكالات. كما أن حركة فتح، في حال توحدت وتخلت عن خلافاتها تشكل تحدياً لتلك المجموعات. أما الآن فهم لا يحسبون حساباً لأحد في المخيم».
وقللت المصادر من أهمية المعلومات التي أشارت إلى وجود نية للإعلان عن «جبهة النصرة» في عين الحلوة، مؤكدة أن ذلك «غير وارد، أقله في المدى المنظور. وأن البعض منهم مستكين، ولا يقوم بأي أفعال»، محذرة من أن تلك «المجموعات قد تتحرك في المستقبل تحت تسميات متعددة».
إلا أن المصادر تشدد على أن «العصبة والحركة المجاهدة، غير راضيتين عن بعض التصرفات من تلك المجموعات، وتراقبانها بعين ثاقبة»، مع التأكيد على أن «الجميع في المخيم يدرك كلفة الإعلان عن جبهة النصرة». ورأت أن «ما حصل في مخيم نهر البارد أمثوله لما قد ينتظر المخيم في حال اتخذ المخيم قاعدة، أو منطلقاً لجبهة النصرة، إضافة إلى أن لا أرضية شعبية تحتضنها. كما أن العصبة، والحركة الإسلامية، ترفع الغطاء عنهم في حال عرضوا المخيم للخطر، وأن فتح لن تكون مكتوفة الأيدي».
كما تنفي المصادر بشدة أي وجود لـ«الجيش السوري الحر» في المخيم، إلا أنها تشير بنوع من القلق والحذر إلى «الكم الهائل من النازحين، ما يعتبر مشكلة اجتماعية قد تنفجر في أي لحظة عدا عن كونه مشكلة أمنية». وتؤكد المصادر أن «الوضع في المخيم معقد جداً، محذرة من أخذه إلى توتر دائم مع تصعيد إعلامي غير مسبوق ينبئ بمزيد من التفلت الأمني المصحوب بموجة من الشائعات، التي لا تهدأ، بعدما كان قد تعرض مؤخراً لسلسلة من الانفجارات الليلية». ودعت المصادر الجهات المعنية إلى «وضع حد للخلافات المستشرية لأنه في حال وقوع المحظور فهناك عدم قدرة على الإمساك بالوضع في المخيم، ولا توجد جهة أو مرجعية أمنية وازنة ومقبولة من الجميع ممسكة بالمخيم وتضبط الأمن فيه، وحتى لجنة المتابعة باتت عاجزة عن فعل أي شيء، لذا المطلوب الحوار وليس العمل على إقصاء أو الغاء أي مجموعة أو فصيل».
وتشير المصادر إلى «الصراع الداخلي في الجسم الفتحاوي، الذي أتعب فتح كما اتعب المخيم، والمفاعيل السلبية للزيارة التي قامت بها زوجة المسؤول الفلسطيني المفصول من فتح عضو اللجنة المركزية محمد دحلان، بمواكبة أحد قيادات الصف للحركة في المخيم محمود عبد الحميد عيسى المعروف باللينو، قد وجدت أخيرا حلا لها من خلال المصالحة التي تمت في مقر السفارة الفلسطينية في بيروت». وتؤكد المصادر أن عضو اللجنة المركزية في «فتح» عزام الأحمد «تمكن من جمع اللينو، مع أعضاء قيادة فتح في لبنان. وأدى ذلك إلى طي صفحة الخلافات، ووضعها جانباً لمصلحة وحدة فتح، ومواجهة ما يخطط لها وللمخيم من مشاريع تحت مسميات مختلفة، أصولية سلفية وغيرها، ولوضع حد لموجة التوتر التي تجتاح المخيم». وتشير المصادر إلى أن الاجتماع اتخذ مقررات بقيت بعيدة عن الأضواء، «أهمها على ما يبدو، بعد المصالحة التي تمت، الموافقة على إعادة الحياة إلى الهيئات العسكرية والأمنية في الجسم الفتحاوي استعداداً لمواجة كل الاحتمالات».
وخلال الايام القليلة الماضية عقدت في المخيم سلسلة من اللقاءات بين القوى الإسلامية وفصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» في منطقة صيدا. واتفق المشاركون على أن «أمن المخيم خط أحمر، ممنوع على أحد تجاوزه او المساس به». وحضر اللقاء الذي عقد في «مركز النور الإسلامي» في المخيم، عن القوى الإسلامية أمين سرها أمير «الحركة الإسلامية المجاهدة» الشيخ جمال خطاب، وأبو أحمد فضل عن «حركة حماس»، والشيخ أبو شريف عقل عن «عصبة الأنصار»، وعمار حوران عن «حركة الجهاد الإسلامي»، وعلي أصلان عن «حزب التحرير»، وعن فصائل «منظمة التحرير» محمود العجوري، وعبد الله الدنان عن «الجبهة الشعبية»، وخالد يونس عن «الجبهة الديموقراطية»، وممثلون عن بقية الفصائل.
وتناول المشاركون التوتير الأمني في المخيم، مؤكدين ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار فيه، لما يمثل من عاصمة الشتات الفلسطيني، معتبرين أن العبث بأمنه ممنوع وهو بمثابة خط أحمر، مشددين على ضرورة العمل جدياً لكشف الفاعلين الذين يعبثون بالأمن غير مبالين بأرواح الناس وممتلكاتهم ويروعون الآمنين، وصولاً إلى العمل على كشف الجهات التي تقف وراءهم وتمولهم، واضعين ذلك في خانة خدمة العدو الصهيوني.
وكان اجتماع قد عقد بين قائد الأمن الوطني الفلسطيني صبحي أبو عرب في مكتبه في عين الحلوة و«لجنة المتابعة الفلسطينية». وشدد أبو عرب على عدم السماح أو المساس بأمن المخيم. كذلك شكل الوضع الأمني في المخيم، محور اللقاءات التي عقدها مسؤول «حركة حماس» في لبنان علي بركة مع الفعاليات الصيداوية، حيث أكد بركة أن الفصائل الفلسطينية تعمل لإطفاء أي نار قد تطل برأسها في المخيمات، ولن تسمح بأن تستخدم المخيمات لضرب الاستقرار في لبنان. وأشار بركة إلى أن «الفصائل الفلسطينية في لبنان تتشاور من أجل حماية المخيمات ومنع انزلاقها إلى أي فتنة داخلية».
  

السابق
ترجمة التحوّل الأميركي
التالي
صيدا الأسيرة: الهواجس تكبر والمبادرة مفقودة