صيدا الأسيرة: الهواجس تكبر والمبادرة مفقودة

قدّمت صيدا يوم الجمعة الماضي «بإمرة» الشيخ احمد الاسير عرضا جديدا من عروض «الامن السائب». لم تعد هذه المشهدية خارجة عن المألوف الصيداوي، الا ان حجم الانتشار المسلّح والخروج «المنظّم» من حرم المربع الأمني للأسير، والتمدّد السريع فوق أسطح البنايات وعند مداخلها، من قبل عناصر مقنعة وغير مقنعة، عكس تطورا نوعيا في مسار «قيادة» المدينة ومنطقة عبرا نحو المجهول الامني.
هكذا، وبلمح البصر، استعادت الذاكرة حقبة الميليشيات التي ظنّ أهالي منطقة صيدا وعبرا انهم تخلصوا من ويلاتها الى الابد، فيما كان لسان حال الكثير من الجنوبيين عدم المغامرة على الطرق، مخافة الوقوع المفاجئ في المحظور الأمني، وذلك في صورة تعيد التذكير بزمن الاحتلال وحواجزه.
هذا الواقع المستجد يطرح جملة تساؤلات اهمّها «اذا كان هذا الاستنفار الامني للشيخ الأسير وانصاره قد اعلن بوجه عدو بقي «اسير» التكهنات، وانطلق اساسا من شائعات روّج لها امام «مسجد بلال بن رباح» عن وجود سيارات بداخلها عناصر لـ«حزب الله» و«سرايا المقاومة» يجولون في محيط مسجده ويحضّرون لعملية امنية تستهدفه شخصيا، وقد حصل ما حصل من توتر لامس الخطوط الحمر، فكيف اذا كان «العدو» قد نزل فعلا، وليس افتراضيا، الى ارض المعركة وهل صار «العدو» بالنسبة للأسير هو «حزب الله» وايران ولا عدو غيرهما؟
الاسير بردائه العسكري و«مقاتلوه» بقمصانهم السود، وانتشارهم المباغت، واصرارهم على فتح معركة مع ايران و«حزبها» على ارض تغلي اصلا بحساباتها المحلية والاقليمية والدولية، فتح باب الهواجس على مصراعيه.
«من يعبث بامن صيدا ومنطقتها؟ ولماذا الاصرار على تحويل المدينة ومحيطها الى بؤرة امنية «متمرّدة» على الشرعية؟ ولماذا تمّ تحويل قضية شقق، عمرها اكثر من 20 عاما، الى حجّة لتأجيج النَفَس المذهبي في المدينة؟ ولماذا لم تعط المساعي والاتصالات السياسية التي بدأتها القوى الاسلامية الفلسطينية الوقت الكافي للتوصل الى مخرج الحد الادنى الذي يرضى به الجميع؟ ولماذا الاستعجال في الاعلان عن «الجناح العسكري» للشيخ الاسير في هذا التوقيت بالذات؟ وهل المطلوب «تطفيش» اصحاب الاستثمارات والرساميل والاموال من المدينة؟
تلفت مصادر مطلعة الانتباه في هذا السياق الى انه «اذا كان اهل عبرا، من المسيحيين، هم اصحاب الارض، فهذا يعني انهم ادرى بمن يسكن في بلدتهم، وهم اصحاب القرار في السماح لاي كان بالتواجد في منطقتهم وليس اي طرف آخر. والا فان اي نزاع على ارضهم، من قبل السكان او من قبل من اقام في بلدتهم من غير المسيحيين، قد يدفع الى خروج اصوات مسيحية تنادي بشعار «عبرا لاهلها»، على غرار الشعار الانتخابي الذي رفعه «تيار المستقبل» في الماضي «صيدا لاهلها»، أو على غرار «المشروع الأرثوذكسي» كل طائفة تنتخب نوابها! .
تتابع المصادر «اذا كان أي مواطن مترسّخا في هذه الارض (صيدا ومنطقتها) وصار جزءا من اهلها ونسيجها وبيئتها الاجتماعية، فان اي اشكال في عبرا او في اي غيرها من الضواحي الصيداوية، سيطيح اولا واخيرا بالوجود المسيحي التاريخي في هذه المنطقة، وليس بأي وجود آخر في هذا المنطقة أو غيرها، فهل هناك مشروع تهجير جديد للمسيحيين على غرار ما جرى في منتصف الثمانينيات»؟

غياب المبادرة الصيداوية

وتتوقف مصادر صيداوية عند «سرّ غياب المبادرة لدى الاطراف الصيداوية المعنية للقيام بحوار جدي لحل فتيل هذه الازمة المستجدة، والاكتفاء بلعب دور المتفرّج».
وتلاحظ المصادر ان «اللقاء التشاوري الصيداوي» الذي اجتمع في ذروة «ازمة الشقق» خرج بتصريح مقتضب جدا للنائبة بهية الحريري، لا يفي بالمطلوب، حيث اكتفت بالتأكيد «على التمسّك بالأمن والاستقرار، وقيام الأجهزة الأمنية والعسكرية بواجباتها». فيما لوحظ اعتصام مفتي المدينة بالصمت المطبق حيال ما يجري».

لقاء البزري
مع «الجماعة الاسلامية»

وامس كان وضع صيدا الامني محور بحث في اللقاء الذي جمع رئيس بلدية صيدا السابق الدكتور عبد الرحمن البزري والمسؤول السياسي لـ«الجماعة الاسلامية» في الجنوب الدكتور بسام حمود في مقرّ «الجماعة» في صيدا.
البزري اكد اثر اللقاء «ان ما شهدته الساحة الصيداوية في الايام الاخيرة يعود للغياب الكامل للدولة اللبنانية ولمؤسساتها الامنية»، مشيرا الى «ان هنالك من يحاول ان يقرأ مستقبلا له في الموقع السياسي على حساب مصالح صيدا».
وحمّل حمود «الدولة مسؤولية التقاعس وعدم القيام بواجبها في حفظ الامن والاستقرار».
وشدّد على ضرورة «ان يبقى السلاح بيد القوى الامنية الشرعية حصرا، وما عدا ذلك فالظلم يؤدي الى الغليان والانفجار وحالة الفلتان ستعم كل لبنان».  

السابق
عين الحلوة: توتر وشـائعات
التالي
لبنان يقترب من المحظور.. ومخاوف تطيير الانتخابات