جنوبيون يندبون أبناءهم في «يوم الشهيد».. بأي ذنب قتلوا؟!

قتلى حزب الله في سوريا
الموت الغامض مصير عشرات مقاتلي "حزب الله" في سوريا، وحتى اليوم لم تكشف كيفية مقتل العديد منهم رغم محاولة ذوويهم اسكتشاف ما جرى لابنائهم ولكن عبثاً. وفي "يوم الشهيد" يستذكر الجنوبيون قتلاهم بحسرة ولوعة وقلق وغضب من اخفاء "حزب الله" وكبار قياداته حقيقة ما جرى ويجري في سوريا!

للعام الخامس ويزيده بضعة أشهر، يجلس ابو محمد (اسم مستعار) وحيداً على قبر نجله الوحيد على ابنتين.
لابو محمد وهو من احدى قرى قضاء صور، قصة شهيرة جداً ويعرفها القاصي والداني، وضجت بها مجالس “حزب الله” ووصلت اصداؤها الى الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله.

في بدايات العام 2015 اصر “الشهيد محمد” كما يسميه والده على الالتحاق بالوحدات العسكرية لـ”حزب الله”، ولكنه كان يحتاج توقيع والده ووالدته على الرضى والقبول بالانتساب للجسم العسكري في الحزب والسبب انه وحيد اهله من الذكور و”حزب الله” لا يجنده في هذه الحالة.

ولكثرة ما الحّ محمد على والديه وافقا في نهاية المطاف ووقّعا طلب التفويض، وشارك محمد بالدورة العسكرية والتي لم تتجاوز ثلاثة اسابيع، قبل ان يلتحق بالقوات المقاتلة في سوريا وبعد 3 ايام من التحاقه، تبلغ والدي محمد انه قتل في حلب.

ابو محمد والد احد الشباب الذين قضوا في سوريا منذ 5 سنوات لم يعرف كيفية مقتل والده حتى الآن رغم مراسلته لنصرالله!

الصدمة كانت ثقيلة جداً على الوالدين، وحتى هذه اللحظة لا زال ابو محمد يندب حظه، ويلوم نفسه، ويقول امام كل من يسأله على حاله : انه لن يغفر لنفسه ما فعله طيلة حياته وانه بيديه وقع ورقة “نعوة “ابنه.

وبعد دفن نجله وحتى اليوم لا يزال ابو محمد يسعى الى معرفة كيف قتل ابنه بهذه السرعة؟ وكيف قتل؟ ولماذا الرصاص موجود في ظهره وليس في صدره؟

ولم يحصل حتى اليوم على هذه الاجابات رغم كتابته رسالة للسيد نصرالله شرح فيها ملابسات ما جرى، وطالب بكشف كيفية مقتل نجله.

وفي يوم “الشهيد” يستذكر ابو محمد مأساته والتي لم تفارقه يوماً ويتحاشى اللقاء بمسؤولي الحزب في القرية ولا سيما بعد خلافات وتلاسن معهم اكثر من مرة لتمنعهم عن الاجابة عن اسئلته.

ولشدة حزن الوالدين وتفجعهما لا يزالان حتى اليوم وكأن ولدهما قتل بالامس. ويترجم هذا الحزن بساعات يقضيها الولدان يومياً على قبر ابنهما وقد تحول القبر الى حديقة خضراء فيها من كل انواع الزهور.

توثق الارقام سقوط 1239 قتيلاً لـ”حزب الله” في سوريا بينهم 662 عنصراً جنوبياً و450 بقاعياً و100 قائد كبير ومسؤول عسكري ميداني

وابو محمد ليس وحده من فقد نجله في سوريا فالارقام توثق سقوط 1239 قتيلاً لـ”حزب الله” في سوريا منذ العام 2012 وحتى العام 2020، بينهم 662 من الجنوب، ويقابلهم 450 من البقاع، ومن بين هؤلاء ما يقارب الـ100 قائد كبير ومسؤول عسكري ميداني.

وابرز قياداته الذين سقطوا في سوريا هم: مصطفى بدر الدين وسمير القنطار وفوزي أيوب ومحمد أحمد عيسى وغسان فقيه وعلي خليل عليان وفادي الجزار وحسن علي جفال حسن حسين الحاج ومهدي حسن عبيد.

تعتيم لـ”حزب الله” على احداث سوريا

ابو مهدي (اسم مستعار) لديه ايضاً قصة مشابهة، احد ابنائه البكر مهدي قضى في حرب تموز 2006 ولم يكن احد يعرف من المقربين منه انه في الوحدات القتالية للحزب وكان يقول لمن يسأله عن عمله انه يعمل حارساً لشركة خاصة في بيروت.

ولابي مهدي شابان آخران، احدهم قضى في سوريا منذ عامين وفي ظروف غامضة. وبعد تردد العديد من القصص ومنها انه قتل خطأ خلال التدريب في البقاع وقبل الذهاب الى سوريا، وانه لم يطأ ارضها، فحاول ابو مهدي معرفة ظروف وفاة نجله علي لكنه فشل وحتى اليوم الحقيقية غائبة.

وفي “يوم الشهيد” بالامس، انتشر خبر في قرية ابي مهدي انه طرد عناصر من “حزب الله” اتوا اليه بالمناسبة باكليل ورد وصور جديدة لنجله بلباس “حزب الله”!

ابو مهدي وابو محمد حالاتان تلخصان مشهد الخسارة المؤلمة للابناء في معركة سوريا، ويعتبر معظم اهالي ضحايا معركة سوريا ان هدفها سياسي ويخدم مشروع ايران التوسعي في المنطقة، وان ليس للشيعة في سوريا غاية او مصلحة، فلماذا يرمي “حزب الله” “خيرة الشباب الشيعة” في آتون جهنم ومعركة خاسرة ومكلفة بشرياً؟

“حزب الله” وجهازه العسكري والامني يفرض تعتيماً كبيراً على ما جرى ويجري في سوريا ويرى فيه مكملاً للسرية التي تكتنف الجانب الميداني من تحركاته!

ورغم فرض “حزب الله” وجهازه العسكري والامني تعتيماً كبيراً على ما جرى ويجري في سوريا ويرى فيه مكملاً للسرية التي تكتنف الجانب الميداني من تحركاته، الا ان الكثير من العائدين من سوريا، يتحدثون عن ويلات هذه الحرب وايضاً عن “بطولات” بعض مقاتلي الحزب، والذين لا زالوا يقاتلون هناك ولا سيما المخضرمين منهم ومن خبِر الحرب منذ سنوات.

ويكشف بعض العائدين ان بين 2014 و2016 جنّد “حزب الله” المئات من الشبان الجنوبيين والبقاعيين ومن الضاحية الجنوبية ومن فئة عمرية تراوحت بين 16 و40 عاماً، ومعظمهم لا يملك خبرة عسكرية ولم يكن له اي نشاط سياسي او عسكري او حزبي. وما جمع بين هؤلاء المقاتلين الجدد هو البطالة والفقر والحاجة الى الراتب الذي تراوح بين 500 و600 دولار شهرياً.

العائدون من سوريا يقولون ان هناك الى جانب مقاتلي”حزب الله” الاف المقاتلين العراقيين ومئات من شيعة الخليج وباكستان وعلويين من تركيا!

ويقول العائدون من سوريا ان منذ العام 2019 بدأت تخف تدريجياً الحاجة الى مقاتلي “حزب الله” مع وجود الاف المقاتلين العراقيين وبضع مئات من شيعة مختلف الدول العربية وبينهم دول خليجية وباكستانيون واتراك ايضاً من الشيعة والعلويين.

واخيراً ومع استفحال ازمة حارة حريك المادية، سُرح المئات من المقاتلين الجدد، وممن شاركوا في المعارك السورية وقد قضى ما يقارب الـ200 عنصر منهم خلال سنوات.

وعلى خلفية “الكورونا” والازمة الاقتصادية، كانت عائلات هؤلاء المقاتلين وخصوصاً ممن التحقوا في السنتين الاخيرتين تعتاش من الراتب وتُحصّل لقمة خبز تسترهم من العوز.

منذ عام بدأ “حزب الله” بتسريح المقاتلين الجدد ويعيش هؤلاء مأساة حقيقية مع عائلاتهم وتحولوا من جديد الى جيش شيعي محروم ومعدم وعاطل من العمل!

ولكن مع تسريحهم عادوا الى البطالة والحرمان، لتتحول القصة الى مأساة شيعية حقيقية بين موت بالمئات وبطالة تعود الى اطوارها الاولى، اذ فقد هؤلاء مصدر عيشهم وتخلى عنهم “حزب الله” وتركهم لقدرهم في حين لا يزال الحزب يهتم بحاجيات وغذاء وادوية ذويي وعائلات من قضى من المقاتلين والجدد منهم في سوريا.

الموت الغامض مصير عشرات مقاتلي "حزب الله" في سوريا!
الموت الغامض مصير عشرات مقاتلي “حزب الله” في سوريا!
السابق
4 علامات مبكرة تدل على مرض «ألزهايمر»!
التالي
بُشرى سارّة للطلاب اللبنانيين في فرنسا.. 500 يورو لكل طالب!