‘حزب الله’ عن قتل بن لادن: صمت رسمي وتضامن ‘شعباني’

مرّ أسبوعان على إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما أنّ قوّة خاصة تابعة لبلاده قتلت زيعم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن ورمته في البحر. في الأيام الأولى أعلنت بعض الأحزاب اللبنانية، لاسيما الإسلامية منها، عن رفضها القاطع لهذه العملية، وأعلنت أحزاب أخرى تأييدها، أهمّها "تيار المستقبل" على لسان رئيسه سعد الحريري. لكنّ "حزب الله"، وهو طرف أساسي على الساحة السياسية والإسلامية في لبنان، وعلى الساحة الإسلامية في العالم بشكل عام، ما زال يحتفظ بصمته في هذا الشأن.

مكتب الحريري الإعلامي أصدر بيانا اعتبر سيرة بن لادن "علامة سوداء في تاريخنا تطوعت لنخر عقول الآف الشبان بثقافة الإرهاب والتخريب والدمار" ورأى أن "مصيره يستحقه القتلى والأشرار".

أما "حزب الله"، الذي يتقاطع مع بن لادن في معاداة الولايات المتحدة الأميركية، فقد رأى قياديّوه أنّ الصمت وعدم التعليق على الحادثة هو الموقف الأفضل لها. على سبيل المثال علّق المسؤول الإعلامي في "حزب الله" ابراهيم الموسوي لـ"جنوبية" قائلاً: "وقل ربي زدني صمتاً، بدل علماً"، مشيراً إلى أن النواب والوزراء والشخصيات التابعة للحزب "في صوم عن الكلام حاليا، مؤكداً على أنه "منذ حوالي ستة أشهر لا نصرّح ولا نقول شيئا، وليس فقط في قضية بن لادن".

هكذا يفضّل الحزب الصمت، إذ أنّه الحزب الشيعي الأبرز في العالم، ولا مصلحة له في التعليق على مقتل الزعيم السنّي الأبرز في العالم، أو قل الأكثر جدلية وإشكالية. ما يفسّره الناشط السياسي والصحافي أحمد الأيوبي بأنّ "الخطاب الرسمي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ينتقد تنظيم القاعدة ويصفها بالجماعات التكفيرية، وبأنه يسبّب الفتنة بين السنة والشيعة"، مشيراً إلى أنه "قد تردد سابقاً وجود تقاطع مصالح بين إيران والقاعدة لمواجهة أميركا، وكان معروفا أنّ إيران سهّلت دخول عناصر من القاعدة عبر المداخل الباكستانية، وقد جاء تعليقها على مقتل بن لادن سلبيّ، وكأن إيران كانت ضدّ الإغتيال، إذ أعلنت أن مقتله ليس بالضربة الكبيرة، لا سيما بعد مرور عشر سنوات على عملية تدمير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، واعتبرت بالتالي أنه لم يعد مبررا للولايات المتحدة الأميركية نشر قواتها في منطقة الشرق الأوسط".

ورأى الأيوبي أنه قد ظهر موقف متعاطف مع بن لادن من خلال حلفاء "حزب الله"، منهم الشيخ بلال شعبان، التابع للحزب في طرابلس: "فهو أعلن الحداد عليه وأقام صلاة الغائب عن روحه في مسجد الخلفاء بطرابلس"، وأشار أن هذا التعاطف مع الحادثة يندرج في إطار "الإستفادة من الشارع السني، رغم أنّ قتله لم يأخذ حيّزاً كبيراً في شوارع الوطن العربي، خصوصا بعد التفجيرات التي قامت بها القاعدة في السعودية والأردن، ما ولّد انقساما بين جانب عربي قَبِل العملية ولم يعلق عليها من جهة، وجانب متعاطف من جهة ثانية".

وبرأي الأيوبي أنّ "التعاطف سببه سياسة الـcow boy الأميركية، من حيث اعتبارها أنّه يحقّ لها اصطياد أي شخص عربي في أي مكان ورميه في البحر"، وأضاف: "كل هذه العوامل مجتمعة دفعت بحزب الله إلى عدم إصدار موقف رسمي فهو لا يريد استفزاز المتعاطفين، ولا يريد أن يقف في صف المؤيد للولايات المتحدة في هذا الموقف".

الأمين العام لـ"حركة التوحيد الإسلامي" الشيخ شعبان دافع عن "نعي اسامة بن لادن من قبل حركة التوحيد الاسلامي في طرابلس، وأنا أمّيت عليه صلاة الغائب في المسجد"، مشيراً إلى أنه "ليس هناك أي مقاربة بين موقفنا وموقف حزب الله، وعدم إصدارهم بيانا رسميا يعلق على الحادثة شأن خاص بهم. فحزب الله يمتلك وسائله الإعلامية الخاصة به ونحن نمتلك وسائلنا الخاصة".

وعن أسباب نعيه من قبل الحركة رأى الشيخ أنه "يظهر في الإعلام أربعة صور لبن لادن، ونحن نؤيد ونوافق صورة ذلك الذي يقاتل الأميركي، فنحن مع كل من يوجه صفعة للمحتل، ونحن نقف مع قضية بن لادن كما وقفنا مع السيد حسن نصرالله والمقاومة ومن ثم حماس وهيوغو تشافيز".

هكذا يمكن استخلاص موقف الحزب من ناحيتين، صمته الرسمي، وموقف شعبان، الحليف الوثيق جدا، الأقرب إلى إيران و"حزب الله" من سوريا. ليكون الحزب قد تضامن "شعبانيا" مع المتضامنين، وسكت "متضامنا" مع الشامتين.

السابق
ماذا حدث في مارون الراس منذ بدء الاعتصام الى وقت المجزرة
التالي
إسرائيل تتقدم بشكوى ضد لبنان وسوريا