ماذا حدث في مارون الراس منذ بدء الاعتصام الى وقت المجزرة

منذ الساعة التاسعة من صباح الأحد، بدأت الوفود الشعبية الفلسطينية تصل تباعاً الى بلدة مارون الراّس، التي استعدّت بلديتها والجهة المنظمة مع حزب الله جيداً لاستيعاب الحشود الغفيرة المتوقعة. وتمركز العشرات من المنظّمين التابعين لحزب الله على مفارق الطرقات المؤدية الى مارون الراّس لتوجيه السيارات والحشود. امتلأت الساحات المخصصة لاستيعاب الحشود سريعاً كما امتلأت مواقف السيارات، فاضطرّ المنضمون الى ايقاف السيارات والبولمانات في بنت جبيل ليضطرّ الآلاف من الفلسطينيين سلك الطريق الصعبة سيراً على الأقدام، رغم أن مارون الرّاس ترتفع أكثر من مئة متر عن بنت جبيل، أي حوالي 950 متراً عن سطح البحر. لكن الحماسة اللاّفتة للحشود الفلسطينية، سيما الشباب والصبية، سبقتهم الى خارج الساحة المخصّصة لاستيعابهم والتجمع فيها، ففي حوالي الساعة الحادية عشرة تقدم العشرات من الشباب والصبية الفلسطينيين حاملين الأعلام الفلسطينية باتجاه الحدود مع فلسطين فعبروا آراض مزروعة بشتول التبغ وبدأوا بحمل الحجارة استعداداً لرشقها باتجاه الحدود، لكن فرقة من قوى الأمن الداخلي سرعان ما انتشرت أمامهم وحاولت منعهم من التوجه نحو الحدود خوفاً من انفجاء الألغام الموجدة هناك.

فعمد العديد من الشباب الى رشف قوى الأمن بالحجارة الأمر الذي ادى الى تدخل الجيش اللبناني، الذي تعرض بدوره لرشق الحجارة. ابتعد المتحمسين عن المكان، وسقط أحدهم أرضاً بعد أن اصطدمت رجله بأحدى الصخور ما ادى الى كسر رجله، فعمد رجال الهيئة الصحية الاسلامية التابعة لحزب الله الى اجراء الاسعافات الأولية له ونقله الى مستشفى الشهيد صلاح غندور. كما أصيب أحد الشباب الفلسطينييين في رأسه بأحد الحجارى التي رشقها زملاؤه. في المقابل عمدت الجهة المنظمة الى توجيه المحتشدين عبر مكبرات الصوت مناشدة بعدم رشق الجيش اللبناني والقوى الأمنية بالحجارة، لكن عدداً كبيراً من المتحمسين لم يلبوا النداء فتوجهوا باتجاه الحدود ما أدى الى لجوء عناصر من الجيش اللبناني الى اطلاق نيران ألأسلحة الرشاشة في الهواء بهدف منع الشباب من التقدم بسبب وجود الألغام التي زرعها الجيش الأسرائيلي في الأراضي اللبنانية.

الأمر الذي أدى الى خوف وهلع أصاب العديد من المحتشدين، بعد أن أشيع أن الجيش الأسرائيلي هو الذي يطلق النيران، سيما أن عناصر الجيش الأسرائيلي تمركزوا على مشهد من المحتشدين في الجهة المقابلة، في حي عمدت الطائرات المروحية التابعة لليونيفل بالتحليق فوق مارون الراس. لكن ذلك لم يؤثّر على الأعداد الهائلة التي ظلّت تتدفق الى مارون الراّس حتى الدقائق ألخيرة من الاحتفال، كما لوحظ وصول المئات من المتظاهرين بعد انتهاء الاحتفال. وقد بيّن رئيس بلدية مارون الراّس أبو خليل علوية أن " المجلس البلدي عمل جاهداً لدعم اللجنة التنظيمية للاحتفال وجهّز مواقف متعددة للسيارات في البلدة وأمّن الطرقات المؤدية اليها وازال كل المخالفات والعوائق، وقد فاق الحشد العدد المتوقع بعد أن وصل الى نحو 45 ألفا". وفي حوالي الساعة الثانية والنصف ظهراً أي بعد انتهاء الاحتفال المقرّر وصلت دبابتين اسرائيليتين الى قرب الشريط الشائك مع مارون الراس مقابل الحشود الفلسطينية بسبب إطلاق نار كثيف من الجانب الإسرائيلي سقط قتيل وعدد كبير من الجرحى، بعد ذلك استقدمت القوات الإسرائيلية عددا من الدبابات، وشوهد دخان ينبعث من الجانب الإسرائيلي، وسط رشق كثيف جداً من الرصاص المنهمر على المدنيين في الجانب اللبناني.

بعد ذلك ترجّل العشرات من الشبان الفلسطينيين متجهين نحود الحدود الفاصلة مع مارون الرّاس، حملوا الأعلام ولم يلبّوا نداءات الجهة المنظمة والجيش اللبناني الذي أطلق النار في الهواء دون جدوى، دقائق قليلة سمحت لهم بتخطي الشريط الشائك، ما ادى الى قيام جنود الاحتلال باطلاق نيران رشاشاتهم تجاههم فسقط عدد من الشهداء والجرحى فوصل عدد الشهداء الى 10 بحسب مصدر عسكري، وعدد الجرحى الى 70 جريحاً. ولجأ الصليب الأحمر اللبناني والهيئة الصحية الاسلامية الى انشاء مستشفى ميداني لاجراء الاسعافات الأولية ونقل المصابين والجرحى الى مستشفى الشهيد صلاح غندور والمستشفى الحكومي في بنت جبيل. 6 شهداء وصلوا بنت جبيل عرف منهم الشهيد عماد أبوا شقرا ( 19 سنة)، من مخيم عين الحلوة، ومحمد سمير فندي من مخيم برج الشمالي، ومحمد ابراهيم أبو شلح وصالح أبو رشيد ( 19 سنة) الذي توفي في مستشفى صلاح غندور بعد اصابة في قلبه، وهو من منطقة جلّ البحر في صور.

اضافة الى شهيدين آخرين لم تعرف هويتهما بعد. وحتى الساعة الخامسة والنصف عصراً استمرت حالات نقل الاصابات الى بنت جبيل، فاستقبلت مستشفى صلاح غندور 50 جريحاً من بينهم ثلاثة لبنانيين هم زاهي ابراهيم كرنيب ( مواليد العام 1973) أصيب في كتفه الأيمن، ويوسف حسن الراعي من مدينة صيدا، ومحمد ياسين الحاج من منطقة وادي الزينة وينتمي الى حركة أمل، ومستشفى بنت جبيل الحكومي 13 جريحاً، وبحسب مدير مستشفى صلاح غندور فان " الاصابات معظمها متوسط وخطير".

أحد الجرحى الفلسطينيين ويدعى عادل زهير الخطيب ، من مخيم عين الحلوة، قال " تقدمت أنا وعشرات الشباب باتجاه الشريط الشائك، نحن نريد الدخول الى فلسطين واستعادتها، نريد العيش بحرية ونفضل الموت على السياج الحدودي، ان لم نحقق ذلك، لقد تخطيت السياج الشائك بعد أن قمنا برفعه بأيدينا، وتأكدنا من أماكن وجود الألغام، فوجدت امامي العشرات من الجنود الأسرائيليينن فناديتهم أريد بلادي ارحلوا من هنا أو اطلقوا النار علينا، فأطلقوا النار مباشرة على اجسادنا فأصبت في رجلي اليمنى". ويقول الجريح محمد حطّيني " أنا أول من تخطيت السياج الأول ثم الثاني وعلقت علم فلسطين على السياج فأطلقوا النار علي فوقعت أرضاً". وبحسب أحد الشبان الفلسطينيين، الذي كان من بين الذين اقتحموا السياج الحدودي، فان " اطلاق النار جاء بمعظمه من الجنود الأسرائيليين الذين كانوا في أماكن بعيدة، ويمكن أن يكونوا من القناصين، فالجنود الذين كانوا أمامنا مباشرة كانوا خائفين ولم يطلقوا النيران، باستثناء القليل منهم"، وقد أصيبت طفلة فلسطينية في عمرها الرابع بعد أن ركضت مسرعة باتجاه أحد الباصات، وتقول والدتها " لقد دهس الباص رجل ابنتي التي كانت خائفة فأصيبت بكسور متعددة". وقد تعاونت كل من الهيئة الصحية الاسلامية والصليب الأحمر اللبناني وكشافة الرسالة الاسلامية على نقل المصابين والشهداء، كما ناشدت ادارة مستشفى صلاح غندور أهالي منطقة بنت جبيل بالتبرع بالدم للمصابين.

وقد عرف من اسماء الجرحى : وسام الديماسي- مصطفى الخطيب- جابر غزال- ياسر خطاب- حسيت سعيد- عماد عبدالله- محمد ابو حسن سليمان- يوسف الراعي- مصطفى غسان جمعة- وسام محمد أحمد- عربي العنداري- محمد محمود قاسم- علي فرج محمد- أنس علي نزال- محمود زعزوع- محمد ياسين الحاج.- فيصل شهاب

السابق
برنامج تشييع شهداء العودة
التالي
‘حزب الله’ عن قتل بن لادن: صمت رسمي وتضامن ‘شعباني’