ترامب لم يحسم خياراته السورية.. ولا بديل عن إيران

لطاما فشلت سياسة عزل إيران عن سوريا، كما فشلت كذلك سياسة احتوائها، واستغلت طهران الإتفاق النووي مع أميركا ودول الغرب لتوسع نفوذها الذي أصبح راسخاً في أكثر من بلد عربي، فهل تستطيع سياسة الرئيس الميركي دونالد ترامب عكس هذا المسار والحد منه وهل هي جادة في ذلك؟

هل تتغير سياسة الإدارة الاميركية تجاه الأزمة السورية؟ سؤال يفرضه سياق المواقف التي أطلقها دونالد ترامب عشية وصوله إلى البيت البيض وغداته، والتي تعكس في جوهرها تصعيداً ضد النفوذ الإيراني في المنطقة، فضلاً عن التشدد حيال برنامجها النووي وإعادة نغمة العقوبات، إلى جانب محاولة مقارعة نفوذها في العراق من خلال إطلاق سلسلة مواقف تستهدف النفوذ الإيراني في العراق.

مواقف ترامب وأعضاء إدارته تؤكد أن تغييراً جارٍ في السياسة الأميركية تجاه طهران، لكن هذا التغيير في ترجمته لا يشير إلى وقائع ميدانية تؤكد هذا التحول، حتى الآن لم تقع أي مواجهة بين الطرفين، التنسيق مستمر في الميدان العراقي، مع استمرار التصعيد في الشعارات بين الطرفين. أمس سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، قالت أنّ “سوريا لا يجب أن تظل ملاذًا آمنًا للإرهابيين”، وأنّه “من المهم إخراج إيران ووكلائها من سوريا”. كذلك بدأت واشنطن تزيد من قواتها على الأرض في الشمال السوري، مع دخول مرتقب لألف جندي في الأسابيع القليلة المقبلة.

رؤساء الأركان الأميركي والروسي والتركي عقدوا لقاءات تنسيقية بشأن الأزمة السورية في أنقرة، الحديث عن المناطق الآمنة يتزايد، والإجراءات على الأرض تعزز من جدية هذا المشروع، من دون أن نقلل من شأن الصعوبات المتصلة بالمسألة الكردية والجيش الحر والدور التركي وقبل ذلك موقع روسيا.

الثابت حتى الآن أنّ الرئيس الاميركي لم يحدد بعد استراتيجيته تجاه سوريا، ما يظهر هو ليس أكثر من تغريدات واستعراض، فيما التحدي المطروح على واشنطن هو هل هي على استعداد للإنخراط في مواجهة لتحقيق ما تريده على الأرض السورية، وبالتالي هل ستنسق مع روسيا أم ستختار تركيا أم الإثنين معاً؟ وإزاء كل الخيارات ومن ضمنها المواجهة مع إيران، يبقى السؤال هل ستختار واشنطن التعاون مع إيران أو مواجهتها في حربها المعلنة على داعش؟ علماً أنّ النظام السوري يستند إلى الميليشيات الايرانية على الأرض والطائرات الروسية في الجو، وإبعاد إيران سيعني سقوط النظام السوري، فهل من بديل جاهز يؤمن الفراغ الذي ستحدثه إيران، في ظل غياب البديل الجاهز للنظام؟

في المقابل تدرك روسيا كما إيران أنّ تلاقيهما يرتبط إلى حدّ كبير في سوريا بمستقبل تنظيم داعش، فنهاية هذا التنظيم تتفاوت النظرة إليه بين الطرفين، فإيران لا تريد القضاء على هذا التنظيم، بل تحتاج إلى إضعافه، والسبب أنّ نهايته ستجعلها هدفاً للسياسات الدولية والأميركية، كما لا تريد أن يكون القضاء على تنظيم داعش منفصلاً عن تفاهمات دولية وإقليمية مسبقة تضمن مصالحها في سوريا والمنطقة.

إقرأ أيضاً: «حزب الله» خارج سوريا بنقاط استراتيجية ثابتة

روسيا التي نجحت في إنجاز ضربات عسكرية نوعية في سوريا تريد أن تكون الطرف القادر على استثمارها من دون الغرق في الدوامة السورية ومستنقعاتها، وهذا يفرض عليها إنجاز تفاهم مع واشنطن شرطه الروسي إضعاف إيران لكن عدم إقصائها باعتبارها تمثل الطرف المناسب والجاهز والمنظم لينفذ الحرب على تنظيم داعش.

إيران تستعرض قوتها على الأرض من الموصل إلى ريف حلب وصولاً إلى محيط دمشق ومختلف مناطق نفوذ النظام، وأكثر تستعرض الميليشيا العراقية التي تبدي استعداداً للقتال ضد تركيا واسرائيل وداعش، ما تقوله إيران نحن لدينا القدرة على القتال ومستعدون له، وهذا الخطاب الموجه إلى واشنطن بالدرجة الأولى ينطوي على إعادة إحياء فكرة التعاون مع واشنطن بديلاً من فكرة المواجهة، فيما ترامب المستمر في التغريد، يبدو غير آبه حتى الآن أو غير مستعجل في حسم الخيارات طالما أنّ كل الخيارات التي تترجم أقواله تتطلب تدخلاً أميركياً عسكرياً مباشراً وهذا أمر دونه مصاعب شتى، أولها أنّ الأميركيين لن يقبلوا بالخروج على ما أرساه الرئيس السابق باراك اوباما بعدم التدخل العسكري البري، ومهما كانت تطلعات ترامب، فهو لا يبدو قادراً على كسر ما أرساه سلفه.

إقرأ أيضاً: ترامب وبوتين قادران على الأسد وسليماني و…. أردوغان؟

المؤشرات السورية تقول أنّ من المبكر الحديث عن تحول نوعي يمكن أن تشهده الأزمة السورية في المدى المنظور، طالما أنّ قرارات ترامب تتطلب ترجمة عملية وخطة ستنطوي على صفقات دولية كبرى ومعادلات اقليمية جديدة، ليست قريبة المنال في المشهد العالمي وتعقيداته، تعقيدات تحيط بالبيت الأبيض ولا تنتهي في المناطق الآمنة المفترضة في سوريا. ولعل غياب ايّ قدرة عربية على فرض واقع استراتيجي يجعل المسألة الاقليمية وفي جوهرها الأزمة السورية رهن تجاذبات اقليمية ودولية مرشحة لمزيد من الاستنزاف من دون ترقب لحلول قريبة. فيما إيران التي وجهت رسالة الى اسرائيل عشية زيارة نتنياهو الى موسكو، عبر النجباء العراقيين بالاستعداد لتحرير الجولان، مفادها أننا نحن من نقرر الأمن على حدودك وليس روسيا. إلا اذا صحّ أن ترامب صاحب مفاجآت لم نعهدها في الادارات الاميركية المتعاقبة.

السابق
هل ستنتهي عقدة «عين الحلوة» قريبا؟
التالي
حزب الله يجند فلسطيني للقيام بعمليات خطف!