شموخ أفريقي وفوز أوروبي

المانيا و الجزائر

لا يفصل بين المردود الطيب والإنجاز التاريخي سوى خيط رفيع، وتعد التفاصيل الدقيقة في عالم الساحرة المستديرة مرادفاً لذلك الخيط، مما يقتضي الحفاظ على التركيز والإنضباط من بداية المباريات إلى نهايتها.

فقد رأى الجميع كيف وقف منتخبان أفريقيان نداً للند أمام قوتين أوروبيتين ضاربتين وبتاريخ عريق، وكيف استبسل ممثلو القارة السمراء ودافعوا عن حظوظهم إلى آخر رمق، وكيف تصدى حارساهما للعديد من المحاولات الخطيرة. وقد غادر المنتخبان الملعب برأس مرفوعة في نهاية المطاف، واستحقا الثناء والتقدير، بيد أنهما تعرضا للإقصاء، وتوقفت مغامرتهما في أم البطولات.

وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتأهل فيها منتخبان أفريقيان إلى ثمن نهائي كأس العالم FIFA، وعاش النيجيريون والجزائريون السيناريو ذاته. حيث خلقوا متاعب جمة لكل من فرنسا وألمانيا، وأبلوا البلاء الحسن، بيد أنهم عجزوا عن نسف موقعة الكلاسيكو المرتقبة في ربع النهائي بين منتخبين سبق لهما التتويج باللقب العالمي الغالي.

وقد استأسد الحارس النيجيري فنسنت إينياما طوال المواجهة، وأوقف الهجمات الفرنسية واحدة بعد الأخرى، غير أنه أخطأ تقدير الركلة الركنية التي جاء منها الهدف الأول بقدم بول بوجبا قبل 11 دقيقة من صافرة النهاية. وكان سيناريو الجزائر أكثر تشويقاَ ودرامياً. فقد كان الحارس رايس مبولحي بالفعل أحد نجوم كتيبة الخضر هذه الليلة، بيد أنه لم يكن الوحيد، حيث أتيحت لمهاجميها أفضل الفرص في الشوط الأول، ولم يتوقفوا عن البحث عن ثغرة في الدفاع الألماني طوال المواجهة، ولم تهتز شباكهم إلا في الشوط الإضافي الأول، وكان ذلك على يد المهاجم أندري شورلي.

ويستحق جهد النيجيريين والجزائريين الثناء والإشادة دون شك، بيد أنه لم يكف للفوز على مدرستين عريقتين وبباع طويل في هذه المسابقة، بل كان قاب قوسين أو أدنى من ذلك فقط.

النتائج
فرنسا 2-0 نيجيريا [الفائز بجائزة Budweiser لرجل المباراة: بول بوجبا]
ألمانيا 2-1 الجزائر، بعد الوقت الإضافي [الفائز بجائزة Budweiser لرجل المباراة: رايس مبولحي]

أبرز لحظات اليوم
التاريخ معهم: يمتلك منتخبا ألمانيا وفرنسا باعاً طويلاً في أدوار خروج المغلوب، حيث يعد فوز المانشافت على الجزائر ثامن انتصار متتالي لها في ثمن نهائي العرس العالمي، وذلك منذ دورة 1986. وتمتلك فرنسا بدورها سجلاً حافلاً، حيث بلغت الكتيبة الزرقاء نصف النهائي على الأقل في المرات الخمس التي تجاوزت فيها دور المجموعات (1958 و1982 و1986 و1998 و2006).

دفاع فرنسي عتيد: كثر الحديث بين عشاق المنتخب الفرنسي عن كريم بنزيمة وماثيو فالبوينا وأهدافهم في البطولة، غير أن الدفاع هو مصدر قوة كتيبة الديوك الأول في هذه النهائيات حيث حافظوا على نظافة شباكهم في ثلاث من أصل أربع مباريات.

هدفان ساحران: استحضر الكثيرون قبل مباراة اليوم فوز الجزائر المفاجئ على ألمانيا الغربية في كأس العالم أسبانيا 1982 FIFA، بيد أن النصر كان حليف المانشافت هذه الليلة، مما يعود بالأذهان إلى لحظات خالدة أخرى من تاريخ الساحرة المستديرة. حيث توّج فريق أف سي بورتو سنة 1987 بطلاً لأوروبا بفضل واحد من أجمل أهداف الجزائري رابح ماجر ضد بايرن ميونيخ الألماني. وكان هدف شورلي في بورتو أليجري مختلفاً، لكنه كان من كرة نصف هوائية كذلك، حيث شاءت الأقدار أن تنتهي مغامرة الجزائريين في أعراس البرازيل بالطريقة ذاتها.

دراما يومية: يعد التشويق سمة ثمن نهائي البرازيل 2014 الأساسية، حيث شهد السبت موقعة البرازيل أمام تشيلي، وانتهت بالركلات الترجيحية، وينطبق الأمر ذاته على يوم الأحد ومباراة كوستاريكا ضد اليونان، بينما تم اللجوء إلى الشوطين الإضافيين في مواجهة اليوم بين ألمانيا والجزائر. وتحتفظ دورة إيطاليا 1990 بالرقم القياسي في المباريات التي دامت 120 دقيقة في ثمن النهائي، وذلك بأربع مباريات. فهل ستشهد مواجهات يوم غد السيناريو ذاته؟

الألمان في عقر الدار: لا يمكن الحديث عن “مناخ فريتز والتر” في بورتو أليجري، إذ يفضل بطل نهائيات 1954 الأجواء الماطرة، ويدعي البعض أنه يتألق فيها، عكس أجواء البرازيل، بيد أن المانشافت كانت بمثابة من يلعب في عقر الدار بحكم تواجد أكبر جالية ألمانية في البلاد بهذه الولاية. وقد نظمت سهرات خاصة للجماهير، ووضع مشروبات البيرة على طوال الطريق إلى الملعب، وعلت أصوات الموسيقى والأهازيج الألمانية.

هم الأفارقة واحد: كثيرة هي نقاط التشابه بين المنتخبين الأفريقيين اللذين كانا قاب قوسين أو أدنى من مفاجأة العالم وتعرضا في نهاية المطاف للإقصاء، ومن ضمنها أنهما فرضا سيطرتها على المباراة في بعض الأحيان، وسجلا هدفين ملغيين. حيث هز إيمانويل إيمينيكي شباك الفرنسيين في الدقيقة 18 من الشوط الأول، وحصل الأمر ذاته مع إسلام سليماني ضد ألمانيا في الدقيقة 17 من النزال.

الرقم
10- هل يتذكر أحدكم خروج ديدييه ديشامب من إحدى مباريات كأس العالم خاسراً؟ لا؟ هذا صحيح، إذ بلغ بطل العالم السابق ومدرب المنتخب الفرنسي الحالي بعد فوز يوم الإثنين إنجازاً لا نظير له في تاريخ البطولة، حيث حقق ما مجموعه 8 انتصارات وتعادلين بصفته لاعباً ومديرا فنياً.

السابق
تمساح نهر بيروت يصل إلى بريطانيا
التالي
هل تعلن القوى الإسلامية في عين الحلوة ’المبايعة’؟