جعجع يلاعب الراعي انتخابيّاً

قاطعت القوات اللبنانية مناقشة القانون الانتخابي في بكركي، فأعلن عن تأجيلها. ما يحصل احتجاج قواتي على مواقف البطريرك، وتضييع للوقت، علّ ذلك يفيد القواتيين في كسب بعض النقاط الانتخابية مع حلفائهم

رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، قادر على إيصال الرسائل اللازمة من دون أن يتكلّم أو يصدر بياناً أو يزور أي مقرّ. فعل ذلك قبل أيام من خلال تسريب عدد من القواتيين مواقف تؤكد مقاطعة نواب الحزب للاجتماع المسيحي لمناقشة القانون الانتخابي، الذي كان مقرراً عقده في 3 نيسان المقبل في بكركي. جرى تسريب المقاطعة، فأعلن مسؤولون في البطريركية المارونية، بصورة غير رسمية، تأجيل الاجتماع.

في توصيف العلاقة الحالية بين معراب وبكركي، يمكن قول الآتي: أطلّ جعجع قبل أسبوع على محطة الـ«إم تي في»، عبّر عن موقف رافض لأداء الراعي، واصفاً إياه بـ«غير المشرّف»، داعياً البطريرك إلى إعادة النظر في قراءته ووجهة نظره من مختلف الملفات. وبعد ذلك، عبّر قواتيون عن عتبهم على بكركي لأنها «لم تتحرك تجاه معراب للاستماع إلى الملاحظات القواتية والتوقف عندها». فجاء الموقف القواتي غير الرسمي ليؤكد مقاطعة معراب لجلسات بكركي الانتخابية.
وتقول مصادر مطلعة في 14 آذار إنّ الموقف الذي أخذته القوات من بكركي «لا يتعلّق فقط بمجموعة ملاحظات، بل جاء على خلفية الموقف السياسي لبطريرك الموارنة الذي لم يعد محطّ إجماع كما يقول هو». وبالتالي لتصلح أمور البطريرك الراعي مع القوات اللبنانية، «على الراعي إعادة تموضعه السياسي». كيف يمكن ذلك؟ من يعلم كيف يفكّر الراعي يقول إن مواقفه تنسجم مع اقتناعاته، في الوقت نفسه «هو لا يبحث عن صدام مع أحد». ويشير البكركيون إلى أنه «لا يمكن اتخاذ مواقف ترضي جميع الأطراف»، يضيفون: «الاجتماع المقرر كان ليتأجل لو أعلن أي طرف عدم مشاركته، وبالتالي ليس تأجيل الاجتماع نقطة في رصيد جعجع».

لكن ما يجري بين معراب وبكركي يترك الكثير من علامات الاستفهام، وخصوصاً لجهة ما يقوله زوار الصرح البطريركي والمطلعون على تفاصيل العلاقة بين الطرفين. هؤلاء الزوار يشيرون إلى سعي جعجع إلى التهرب من استحقاق الاتفاق على مشروع «مسيحي موحّد» لقانون الانتخابات النيابية. وبحسب هؤلاء، يعيش جعجع واقعاً «انتخابياً» غير واضح باعتبار أنه لم يتوصل بعد إلى اتفاق مع الرئيس سعد الحريري «على عدد المقاعد النيابية الذي يريده مقابل دعم طرح الحريري بشأن قانون الانتخابات، أي لدعم القانون الحالي».
وبذلك، يضيف الزوار إن جعجع يحاول «تضييع الوقت من خلال طرحه تبني مشروع اللقاء الأرثوذكسي، وأوقع خصميه، النائبين ميشال عون وسليمان فرنجية في هذا الفخ، إذ لم يتمكنا من الجهر بمعارضة هذا المشروع، خشية المزايدة المسيحية». وبعدما أضاع لقاء بكركي أشهراً عدة في عرض هذا الطرح على القوى السياسية اللبنانية، التي أجمعت على رفضه، أتى الخلاف بين بكركي والقوات اليوم «ليستغله جعجع من جديد من أجل تأجيل البحث في ملف قانون الانتخابات».
وتتوقع مصادر أخرى أن يلجأ الراعي، بعد عودته من مصر، إلى الإعلان رسمياً عن تأجيل لقاء الثالث من نيسان، بحجة سقوط مشروع اللقاء الأرثوذكسي وعدم بروز أي مشروع آخر لدى اللجنة لتقترحه على لقاء بكركي.
نتيجة كل ذلك، الأزمة بين معراب وبكركي غير قابلة للحلّ، إلا صورَياً، أي على «الطريقة اللبنانية»: جمعة مصالحة وإعلان حوار وتبويس لحى. فيبقى كل على موقفه واقتناعاته، وينتفي كل هذا الانفتاح والحوار لدى فضّ جلسة النقاش.

السابق
شر القاعدة
التالي
ذئاب الربيع اليهودي تهاجم الراعي