الاخبار: شركاء الحكومة يسعون إلى علاقات جديدة

لا يزال النقاش دائراً بين التيار الوطني الحرّ من جهة، وشركائه في الحكومة من جهة أخرى. ويبدو أنّ التواصل بين مكونات الأكثرية لن يتوقف عند ما جرى في ملف الأجور، بل يهدف إلى إعادة صياغة العلاقات بشكل يؤدي إلى تفعيل العمل الحكومي

استمرّت في اليومين الماضيين مفاعيل وقائع جلسة مجلس الوزراء الخاصة برفع الأجور، الأسبوع الماضي، رغم أنّ الأسبوع الجاري يحمل معه دعوة لعقد ثلاث جلسات للحكومة وإضراباً نقابياً يوم الخميس المقبل. فجلسة «الأجور» تركت تصدعاً في العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ، سرعان ما سعى الحزب إلى استدراكه، فاستكمل اتصالاته مع التيار وعدد من حلفائه. وأشارت مصادر مطلعة على الاتصالات إلى أن التواصل يهدف إلى «إعادة العلاقة مع التيار إلى ما كانت عليه قبل جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، إضافة إلى السعي للتوصل إلى الحد الأدنى من التفاهم بين عون من جهة، والرؤساء ميشال سليمان ونبيه بري ونجيب ميقاتي من جهة أخرى، بما يساعد على تفعيل العمل الحكومي». وفيما أكد الوزير جبران باسيل، أمس، أنه التقى الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، يوم الخميس الماضي، أشارت مصادر التيار الوطني الحر إلى أن اللقاء شهد مصارحة من الجانبين حول ملابسات ما جرى أخيراً في مجلس الوزراء، فضلاً عن الاتفاق على ضرورة تفعيل التواصل بين الطرفين لتلافي تكرار أي سوء تفاهم.

من جهة أخرى، أكدت مصادر رفيعة المستوى في تكتل التغيير والإصلاح أن التيار يسعى الى تفعيل تواصله مع الرئيس نبيه بري «في إطار إعادة صياغة العلاقات مع جميع الحلفاء والأصدقاء».
وفي مقابلة مع تلفزيون الجديد، أشار الوزير جبران باسيل إلى وجود «تفاوت في الأولويات بين تكتل التغيير والإصلاح وحزب الله»، مشيراً إلى أنّ «لديهم الكثير من الواقعية، ونحن لدينا الكثير من المبدئية. وبالنسبة إلينا، لا يجب أن نبدّي الأمور السياسية على الأمور المعيشية دائماً». وأكد باسيل أنّ التكتل يمنح الحكومة «مهلة ضمنية، ووزراء التكتل يقفون فيها على الشوار، ويتعاملون مع كل جلسة على حدة»، مشدداً على أنّ البحث في المشاركة أو عدم المشاركة في جلسة اليوم لا يزال قائماً «لأننا نعرف سلفاً أننا لن نصوّت على مسألة قانون الانتخابات».
وفي ما يتعلق بلقائه الأمين العام لحزب الله، علّق باسيل أن «هذا يأتي في سياق سلسلة لقاءات، ولا علاقة له بالتصويت الذي جرى في الحكومة على خطة وزير العمل بشأن تصحيح الأجور». وأضاف: «نسمع من حزب الله دائماً الرغبة في أن نقوم بشيء جيد في البلد، لكن هذا لا يكفي، بل يجب التوجه نحو ترجمة الهموم إلى فرص عمل»، مؤكداً أنّ التكتل لن يستمر في هذه الحكومة «بهذا العجز، فإما نكون الأكثرية أو لا نكون».
من ناحية أخرى، أعلن رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، خلال جولته في أسواق بيروت، أن مجلس الوزراء «يسعى قدر الإمكان الى تأمين التوازن بين الحاجات والإمكانات، ونحن منفتحون على أي نقاش في هذا الأمر»، وذلك رداً على سؤال عن مسألة تصحيح الأجور. وفي السياق ذاته، أكد أعضاء في كتلة الوفاء للمقاومة، أمس، دعمهم لمشروع الوزير شربل نحاس الخاص برفع الأجور، فشدد النائب نواف الموسوي على «وقوفنا إلى جانب حلفائنا في طروحاتهم داخل الحكومة، ولا سيما مطالب وزراء الجنرال عون في مجالي الإدارة وخطط إنماء الكهرباء والمياه اقتناعاً منا بما يقدمونه».
إلا أنّ ذلك لم يمنع الوزير نقولا صحناوي من الإشارة، رداً على سؤال عن موقف حزب الله من قضية تصحيح الأجور، إلى «وجود ارتباك في الموضوع»، مؤكداً أن التيار والحزب «مقتنعان بهذا التحالف، ولا يوجد فيه «تربيح جميلة»، وثمة منافع من هذا التحالف موجودة وثابتة». أما النائب آلان عون، فلفت إلى أن «أموراً تبدلت على صعيد تكوين الحكومة وإعادة توزيع للقوى داخل مجلس الوزراء»، مشدداً على أنّه «ما من قطيعة مع الرئيس نبيه بري أو مع غيره، بل هناك إعادة تقويم للوضع الحكومي وللعلاقات».
من جهته، رأى الوزير السابق وئام وهاب أنّ «الحكومة معطوبة»، مؤكداً حق «وزراء التكتل بالشعور بالمرارة من هذا الأداء الحكومي، ولكن ليس لأن يصل الأمر الى فك التحالف مع حزب الله».
وفي سياق آخر، شددت أمس النائبة بهية الحريري على الارتباك الذي «يشوب الوضع السياسي في البلد»، مشيرة إلى أنّ «عدم قدرة الدولة على تفعيل أمورها هو الذي يؤدي الى هذا الارتباك». وأكدت الحريري دعمها للمطالب «المحقة للقطاعات النقابية والعمالية في موضوع تصحيح الأجور»، معتبرة أنه «حق لهم، وآمل التوصل الى صيغة تنصف العمال».

الأحدب ينتقد حلفاءه

على صعيد آخر، أشار أمس النائب السابق مصباح الأحدب في مؤتمر صحافي، عقده في منزله بطرابلس، الى أن «عدم مشاركتي شخصياً بمهرجان خريف السلاح ربيع الاستقلال في طرابلس، جاءت كدلالة على رفضي لحالة التراخي والتراجع وغياب التنسيق السياسي معي». وأوضح أن «المهرجان كان للتأكيد أنّ طرابلس ما زالت هي هي وفية لمبادئ ثورة الأرز»، وأضاف «لمسنا جميعاً ارتباكاً وتردداً من جديد لدى قوى 14 آذار، حيث اختفت الشعارات الكبرى وعدنا الى مرحلة الارتباك والضياع، وخلت الساحة السياسية من مظاهر القيادة والوضوح»، منتقداً عودة «مظاهر التسلح والتطرف والانقسام». وكتب مراسل «الأخبار» في طرابلس، عبد الكافي الصمد، أنّ اعتذار سعد الحريري من الاستغناء عن الأحدب في الانتخابات النيابية أعاد إلى الأحدب شيئاً من الزخم والتعويض المعنوي الذي كان يحتاج إليه على نحو كبير. عندما سألت «الأخبار» الأحدب عن أسباب عودته إلى انتقاد حلفائه مجدداً، وهل يرى أن موقف الحريري «الإيجابي» منه كلام «لا يُصرف في السياسة»، ردّ بأنه ينظر إلى كلام الحريري على أنه «رصيد مفتوح للأيام المقبلة، وليس ضرورياً أن يُصرف اليوم».
وشرح الأحدب أسباب انزعاجه وحملته على فريقه السابق، بأن «انسحابهم من الساحة أحدث فراغاً، ولأن الفراغ لا يمكن أن يستمر طويلاً، فقد جاء من يملأه، وهذا أمر ليس مقبولاً منا، ولا يصبّ في مصلحة فريق 14 آذار». وانتقد «القرارات الخاطئة في انتخابات النقابات» التي جرت أخيراً في طرابلس، وتلقى فيها فريق 14 آذار هزائم لافتة، الأمر الذي ردّه الأحدب إلى «صفقات وتبادل منافع يجري تهريبها تحت الطاولة»، وأن الحريري هو «أكثر المتضررين منها».
وعندما يتحدث الأحدب عن انتخابات 2013، لا يُخفي أنه يشعر بثقلها عليه منذ الآن، لكنه يؤكد أنه «مستعد للمواجهة». يقول إن فريقي الصراع في طرابلس، ميقاتي والحريري، «يغلقان في وجهي الطريق، لكن هذا ليس جديداً عليّ، ولننتظر الظروف والتحالفات، وبعدها نرى».  

السابق
نوري المالكي و إدانة الاستبداد
التالي
المستقبل يطلق حملة تنحيف في مؤسّساته