أنبوب بري: دنس بلا حبل

نبيه بري

غداة العاصفة التي أثارتها التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس نبيه بري ، كان السؤال: هل ما قاله الأخير سيحرّك ركود إستحقاق الانتخابات الرئاسية؟ الجواب : صفر تحريك. بل على العكس ، جعل رئيس البرلمان الأمور أكثر تعقيدا، في وقت صرّح الكثيرون ان دور الرئيس بري يجب ان يكون وسيطا لا طرفا ، كما فعل في حديثه الصحفي الأخير.

لم يسبق في تاريخ لبنان البرلماني أن جاءت شخصية لتحتل موقع رئاسة هذه المؤسسة، مثل شخصية الرئيس الحالي ، فذهب بالبرلمان نحو الانحياز بدلا من الحياد ليكون شاهدا على ما تريده الأكثرية ، كما هو اصل النظام البرلماني.

اقرأ أيضاً: المعارضة تلوح بمقاطعة جلسات الرئاسة..والإنتخابات البلدية على «محك التطيير»!

هناك من لا يزال حتى بعد المواقف الأخيرة لبري، من يعتقده ذكيا كي يدير دفة البرلمان في أعقد الظروف. لكن في الوقت نفسه، ومن يعد الى مسيرة هذا الرجل منذ العام 1992 ، يعتبره مميزا في الانحدار الى مستويات غير مألوفه في مهابة الرئاسة الثانية. ويمكن المقارنة بينه وبين سلفيّه كامل الاسعد وحسين الحسيني ، ليتبيّن ان الاخيريّن تصرفا بدقة كي تكون لرئيس المجلس مكانته التي تضعه فوق النزاعات . وليس في تاريخ الاسعد والحسيني ما يشير الى سجال كالذي إنحدر اليه أخيرا سجال  بري والنائب ميشال معوّض.

أغلب الظن، ان الرئيس بري، يسعى الى “تطرية الأجواء” كما فعل مرارا في العقود السابقة. لكن هذا السلوك لم يتكلل بالنجاح دوما ، كما كان الحال عندما إستعمل ذات يوم كلمة “الزمخشريات”، كيّ ينزع الأهمية من الحجج التي كان يدلي بها الرئيس فؤاد السنيورة. لكن الأخير لفت بري الى أن إستخدامه هذه الكلمة ليس في محلها لإنها تعود الى عالم إسلامي كبير هو أبو القاسم الخوارزمي الزمخشري. وكان الأخير  ، من أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة والآداب. وبعد توضيح السنيورة لم يعد بري الى هذه الكلمة.

هل كان في ذهن بري إثارة الابتسام عندما صرّح ل”الاخبار” قائلا: “مرشحنا معروف وهو سليمان فرنجية …أما مرشحهم فليس سوى تجربة أنبوبية”؟  إذا كان قصده كذلك، لم تأت ردود الفعل في هذا الاتجاه. فالشخص المعني  ب”تجربة أنبوبية”، وإن لم يسمّه بري، هو المرشح الرئاسي النائب معوّض ، الذي وجد في وصف بري هذا إساءة تطال والده الرئيس الشهيد  رينه معوّض ، فأسقط من تعبير رئيس البرلمان أي “هضامة” فخاطبه بصفته رئيسا ل”أمل” قائلا ان الأخير “أستاذ في الفساد العابر للعهود والحكومات.”

إذا، لم يعد هناك أي مجال لتلقط خيط الكوميديا في سجال بلغ أعلى مستوى التراجيديا عندما إلتقطت المرجعية الشيعية التابعة لبري ممثلة بالمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والمفتي الجعفري احمد قبلان كلمة “المتعة” ، وردت في سياق سياسي على لسان رئيس جهاز العلاقات الخارجية في “القوات اللبنانية” ريشار قيومجيان، ليشنّ ثنائي المجلس وقبلان حملة دفاع عن “الشرع المقدّس.”

سابقا، كان الزعماء يجيدون النكات . أما  اليوم  فيجيدون النكد فكانت النتيجة: أنبوب بري: دنس ولا حبل. 

السابق
الطفر «يحبس» اللبنانيين في بيوتهم..تراجع كبير في استهلاك البنزين!
التالي
غضب في إيران.. حالات تسمّم جديدة تطال تلميذات!