«الانتظام العربي العام».. المسار التاريخي في كتاب لوجيه قانصو

وجيه قانصو

شكّل “الانتظام العربي العام” محور كتاب للباحث للدكتور وجيه قانصو تناول فيه المسار التاريخي لمشكلة الدِّين والدّولة والمجتمع في المجال العربي العام، وحقيقتها وكيفية انتظامها (أصولاً ومتفرِّعات) في المجال العربي العام.
الكتاب صادر عن دار الفارابي – بيروت في طبعة أولى 2021، وهو مجلّد ضخم يحتوي على (511 صفحة من القطع الكبير)، والإحاطة بموضوعه تقوم ابتداءً، منذ ما قبل ظهور الإسلام، وتمتثل انتهاءً، بالعصر الحديث والراهن، وتتألف محتوياته من مقدمة وتسعة فصول وخاتمة.

يعالج هذا الكتاب موضوعه منذ ما قبل الإسلام إلى العصر الراهن

سيكون الكتاب محور ندوة خاصة لموقع “جنوبية” ومجلة “شؤون جنوبية” ستقام عند الخامسة من بعد ظهر الاثنين المقبل في مقرّ الموقع والمجلّة في رأس النبع، حيث سيناقش قانصو كتابه، على أن يتمّ بثّها مباشرة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لـ”موقع جنوبية” ومنصّاته.

مسألة تبحث عن سؤال

ومما جاء في مقدمة الكتاب: “ما تزال مسألة الدولة وجميع مظاهر النشاط العمومي داخل المجال العربي، تبحث لنفسها عن سؤال: يحدد أرضية تفكير حول حقيقتها ووجهة بحث حول إمكاناتها من جهة، ويطلق شروط ممارسة وصناعة واقع عام من جهة أخرى.
ورغم أن كلاً من الوجهتين، التفكير والممارسة، لا تنفك عن الوجهة الأخرى، بحكم أن التفكير هو تفكير بشيء محدد (فعلي وواقعي) واستجابة عقل لمشكلة قائمة، وأن الممارسة تجسيد لفكرة واستضاءة بمنظومة مبادئ ونظام إجراءات، إلا أن هاتين الوجهتين في حالة اغتراب وانفصال إحداهما عن الأخرى في المجال العربي. فالتكوينات السياسية الجديدة لم تكن ثمرة تنظير فكري او فلسفي، كما إن التفكير العربي حول المجال العام لم تطرحه التفاعلات الاجتماعية والجدل الطبقي أو صيرورات الإنتاج المحلية، بل كان استجابة لتحد مقلق ومؤرق جاء من الخارج أخذ العرب يبحثون لأنفسهم عما يعزلهم عنه أو يسهل عليهم قبوله والتكيف معه.

يتركز البحث في هذا الكتاب على النظر الكاشف في سياقات الانتظام العربي العام عن المركزية الخاصة به وحده

تساؤلات منطلقيّة ومقصدية

ومُنطلق كتاب “الانتظام العربي العام”، ومقصد بحوثه، تُشكلهما تساؤلات المؤلِّف، بنصها الآتي: هل شقت المجتمعات العربية طريقها باتجاه التحول نحو اجتماع مدني ونظم علاقات عابرة للروابط الحميمية المباشرة؟ وهل سلكت بالفعل درب التأسيس لدولة حديثة بالرغم من اتخاذ دولها المعاصرة الشكل الحديث؟ وهل هنالك رسوخ مهيمن لسلطات بنيوية غير محسوسة، تخلق جموداً وطيداً في الواقع العربي، وتفتت أية قوة دفع نحو التغيير، وتجعل كل متغير وتحول ظرفي هشاً وعارضاً؟ وهل المتغيرات والبناءات المستحدثة داخل المجال العربي مجرد مسارات متباينة، ومراكمة اعتباطية لمكونات غير متناغمة تتعايش وتتمفصل بعضها عن بعض وتمارس نشاطها جنباً إلى جنب من دون وشائح اتصال أو تفاعل جدلي أو نسق تكاملي في ما بينها؟ وهل المأمول من الدولة العربية الحديثة منسجم من طبيعة هذه الدولة وتركيبتها وشبكة قواها؟ وهل نحن أمام مبادئ وقواعد انتظام عام قامت عليها النظم السياسية القديمة والحديثة في المجال العربي، جعلت هذه النظم قاصرة عن الوصول إلى أبعد مما وصلت إليه؟ وهل ما نحن فيه هو نتيجة طبيعية، ومسار منطقي لتوليفة سياسية وأرضية اجتماعية، وخلفية ثقافية وبنية إنتاجية راسخة لم يجرؤ التفكير العربي على الكشف عنها او مساءلتها أو بحثها بشفافية؟

يقول الكاتب في خاتمة الكتاب: إن معضلة الدين والدولة والمجتمع في العالم العربي ليست استثناء عصيّاً على الفهم والتشخيص والحل، وتحويلها من أزمة مدمّرة إلى جدل خلاّق يستدعي: عقلاً نيِّراً وحرية إنسانية

كشف مركزي

ويتركز البحث، في هذا الكتاب، على النظر في سياقات الانتظام العربي العام في ماضيه وحاضره، من خلال الكشف عن الجدل المركزي الذي يكاد المجال العربي يختص به وحده، وهو جدل الدين والدولة والمجتمع. وعليه، فقد كان توزيع فصول الكتاب بمثابة إظهار مفصّل لهذا الغرض، وجاء ترتيبها وتسلسلها مستجيباً لضرورات البحث المنهجية، ومتناسباً مع محطات الانتظام العربي العام في التاريخ ولحظات تأسيسه وتمأسسه وتحولاته.

عن أبواب الكتاب وخاتمته

و”يمكن اعتبار فصول الكتاب موزّعة على ثلاث أبواب وخاتمة:
الباب الأول: يتضمن الفصلين الأول والثاني، ويكون بمثابة تقديم منهجي وقراءة موجزة لنظم سابقة على المجال السياسي العربي وممهدة لظهره وذات حضور مباشر في خطابه ومادته المعرفية.
الباب الثاني: يتضمن الفصل الثالث والرابع والخامس، ويعالج مراحل تأسيس وتمأسس المجال العربي العام في أزمنته المبكرة.
الباب الثالث: يتضمن الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع، ويبحث مشكلة الدولة العربية الحديثة والمعاصرة، لجهة البحث في أصولها النظرية وموجهاتها الدينية وجدل علاقتها بالفرد والمجتمع، وفي سياق إصلاحها واستقلالها وتحديثها والثورة عليها.
أما الخاتمة فتلخص محطات بحوث الكتاب وتوجز نتائجه.

إقرأ أيضاً : وجيه قانصو يكتب لـ «جنوبية»: إيران تحدي المعنى والحقيقة

السابق
العدد الثالث من مجلة «مرصد الطّائف»
التالي
انهيار تاريخي لليرة.. الدولار يُلامِس الـ٤٠ الف عصراً!