أوباما الثائر يقدم بيانه الإنتخابي

في خطاب موجه إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أطلق الرئيس باراك أوباما حملته الانتخابية لعام 2012، مستخدماً بلاغته المعهودة في مثل هذه المواقف. ابتعد عن نقد الأصدقاء. حاول استرضاء الثوار في مصر وتونس، واعداً الحكومات الجديدة بدعم كبير كي يساعدها في تجاوز الأزمات الكثيرة التي خلفها المستبدون الذين تهاووا، وكي يبقى خلفاؤهم في كنف واشنطن، يدينون لهذا الدعم في بقائهم على رأس السلطة. ينفذون برامج أميركية في الاقتصاد والسياسة والديموقراطية ويربطون مصالحهم أكثر فأكثر بمصالح واشنطن، تماماً كما كان الحال في السابق. صوّر لنا السادات ومن بعده مبارك أن المساعدات الأميركية ستنقذ مصر، وإذ بها تغرقها في فوضى اقتصادية لم تعرفها في تاريخها.

أوباما الثائر في الشرق الأوسط، لم يكتف بدعم الثوار في مصر وتونس وتدمير ليبيا بحجة دعم شعبها، بل ذهب أبعد من ذلك لإرضاء ناخبيه. طلب من الرئيس بشار الأسد قيادة الإصلاح أو الرحيل. وكانت وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون وضعت شروطاً، على الأسد تنفيذها كي يعمّ الاستقرار بلاده. أهم هذه الشروط: التخلي عن «حماس» و «حزب الله»، وفك تحالفه مع إيران، والسعي الجاد إلى السلام مع إسرائيل.

لا شك في أن الهجوم على دمشق وليبيا وإيران، سيكون له صداه وسط كتل أميركية ناخبة، بينها كتل مسيحية متطرفة، وأخرى مؤمنة بدور الولايات المتحدة بنشر القيم الأميركية في العالم. لكن الموقف من إسرائيل يبقى عقدة العقد في الانتخابات الأميركية. على أي مرشح للرئاسة أن يكرر عزمه على إبقاء الدولة العبرية متفوقة على كل محيطها. وأن يقسم على ذلك أمام «إيباك»، ويذكر بالقيم المشتركة بين الدولتين، هذه القيم المستمدة، على ما يردد كل المرشحين ومثقفون كبار، من الحضارة اليهودية المسيحية.

لم يقصّر أوباما في أداء هذا «القسم». أكد التزامه الراسخ بأمن إسرائيل وندد بـ «تحركات رمزية لعزلها في الأمم المتحدة». وقال إنه سيقف ضد أي تحرك للاعتراف بالدولة الفلسطينية في المنظمة الدولية.

صحيح أنه أقر بحق الفلسطينيين بإقامة دولة في حدود عام 1967، لكنه طالبهم بالاعتراف بيهودية الدولة، رافضاً ممارسة أي ضغط على إسرائيل، ما يحول هذا الكلام إلى مجرد شعار غير قابل للتطبيق. وقد خبر ذلك أكثر من مرة خلال السنتين الماضيتين، حين اصطدم برفض إسرائيل المطلق للبحث في مسألة المستوطنات. واضطر موفده إلى الشرق الأوسط جورج ميتشيل إلى الاستقالة من مهمته. ولا ننسى أن أهم أوراق اعتماده اغتيال بن لادن، ودعوته المسلمين إلى التصالح مع الغرب.

قدم أوباما بيانه الانتخابي في الشرق الأوسط. وزع المهمات على الشعوب والولاة. كافأ بعضهم وهدد آخرين. وعليه الآن أن يقدم بيانه في الداخل الأميركي. امتحانه الأول سيكون خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي، قبل مثوله أمام «إيباك» لكسب المزيد من الرضا. وقد بدأ الجمهوريون يزايدون عليه في حب الدولة العبرية واحتضانها. وسنشهد الكثير من المناورات بين المرشحين محورها إسرائيل.

السابق
الحياة: فيلتمان استمع إلى ملاحظات على خطاب أوباما
التالي
خطاب أوباما.. لا حلفاء!