خطاب أوباما.. لا حلفاء!

إذا كان هناك عنوان رئيسي، أو ملخص، لخطاب الرئيس الأميركي، فهو الرسالة الواضحة لدول المنطقة: إذا لم تقف معكم شعوبكم فلن نقف معكم! هذا هو مضمون خطاب أوباما، مما يعني أننا أمام نمط جديد من العلاقة بين أميركا ودول المنطقة.
في خطاب أوباما، وهذا ما يجب أن نتنبه له جيدا، والذي جاء في 5671 كلمة، لم ترد كلمة «حلفاء» إلا مرتين فقط: مرة عندما تحدث عن قوات الناتو المشاركة في ليبيا، والأخرى عندما تحدث عن مشروع الدعم الاقتصادي لتونس ومصر بالتنسيق مع البنوك الأوروبية، وكلمة «حليف» مرة واحدة عندما وصف العلاقة بين سوريا وإيران، وهذا مؤشر مهم، ودليل على التحول في استراتيجية واشنطن في المنطقة، وليس فقط الحديث عن القضية الفلسطينية وحدود 1967، وهذا ليس تقليلا مما قاله، لكن لا بد أن نضع الأمر في سياقه، فحديث أوباما عن الحدود يعد بمثابة صفعة لنتنياهو، حيث سحب منه أوباما ورقة تفاوض مهمة. فكلنا يعرف أن لا اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين من دون حدود 1967، ومن هنا يتضح غباء حماس السياسي.. نعم غباء، ويستحقون هذا الوصف بكل جدارة، فموقف حماس من خطاب أوباما، والقائل بأن حديثه عن القضية الفلسطينية جاء «لذر الرماد في العيون»، صدر وأوباما لم يغادر بعد قاعة بنجامين فرانكلين بالخارجية حيث ألقى خطابه، وبينما كان يصافح الحضور، فما الذي يضر لو صمتت حماس يوما واحدا؟!

وعليه، فإن الأهم في خطاب أوباما، وكما أسلفنا، هو أن دول المنطقة وقياداتها ستتطلب نوعا مختلفا من التعاطي مع أميركا، دبلوماسيا، وسياسيا، فأوباما أعلن بوضوح أن استراتيجية بلاده في المنطقة ستكون مبنية على الإصلاح والتغيير، وحقوق المرأة، والحريات، ولا يهم هنا إذا كان الرئيس الأميركي ينطلق من فهم دقيق للمنطقة أم لا.. الأهم أن أوباما يعني ما يقول، وقد حسم أمره، والدليل قوله إن بلاده تكونت من خلال التمرد على إمبراطورية، وخاض أهلها حربا أهلية قاسية ليحصلوا على الحرية والكرامة، حتى قال أوباما إنه لولا ذلك لما كان يقف اليوم أمام شعبه رئيسا. وهذا يعني، وبوضوح، أنه بغض النظر عما إذا كان أوباما يعي طبيعة المنطقة، عن صواب أو خطأ، فإنه قد حسم أمره ليكون في صف حركات التغيير في المنطقة، وليس التحالفات السياسية التقليدية. فأوباما يقول إنه لن يقبل بما هو قائم، بل بما يجب أن يكون، وهذا تحول كبير، وغير مسبوق، ويترتب عليه الكثير. ولذا، رأينا أوباما يصف إيران بالنفاق، وهو صاحب اليد الممدودة لطهران منذ عامين، دون أن تبادله طهران التحية بأحسن منها، أو مثلها. لذا، رأينا أوباما يتحدث بلغة قاسية عن الرئيس السوري، حيث قال إن عليه أن يقود التغيير.. أو يفسح الطريق، أو يغرب، وليس يرحل.

ومن هنا، نقول صحيح أن منطقتنا قد تغيرت، لكن التعامل مع أميركا أيضا قد تغير، وهذا يتطلب الكثير من دول المنطقة، والمتعقلة تحديدا، أما القمعية مثل سوريا وليبيا واليمن فمصيرها محسوم، طال الزمان أو قصر.

السابق
أوباما الثائر يقدم بيانه الإنتخابي
التالي
البناء: أوباما “يُناور”..ودمشق تؤكد أن العقوبات لن تؤثّر في قرارها