طبارة لـ«جنوبية»: المسعى الفرنسي نجح حكومياً.. و«حزب الله» يُستنزف شيعياً

رياض طبارة
لم يكن الدور الفرنسي، بعيدا عن قرار الثنائي بالعودة إلى الحكومة، ولو بشكل غير مباشر، إذ لقيت تمنيات باريس بالحفاظ على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي آذانا صاغية لديهم بتشجيع إيراني. اما العامل الداخلي الاهم الذي دفعهم للتراجع، فهو إستشعارهم بأن ثمة إنتفاضة شعبية جدية، على وشك الانفجار حين تجاوز سعر الدولار 33 ألفا.

منذ أن أفرج “الثنائي الشيعي” عن جلسات الحكومة، بإعلانه إنضمام وزرائه إلى إجتماعات مجلس الوزراء، حين يدعو رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لمناقشة “موازنه” العام 2022، والتساؤلات تدور حول “القطبة المخفية” التي دفعت كل من “حزب الله” و”حركة أمل”، إلى إتخاذ هذه الخطوة المفاجئة، علما أن الكثير من المراقبين، ربطوها بما يحصل في فيينا من محادثات، حول الملف النووي الايراني، وآخرون إعتبروها أنها جزء من الضغوط، التي تمارسها الولايات المتحدة على الطبقة السياسية، لإستعادة الحكومة نشاطها.

في مقابل نفى “الثنائي” أي بعد إقليمي أو دولي لقراره، يرى مصدر دبلوماسي ل”جنوبية” أن “فرنسا الداعمة بقوة لحكومة الرئيس ميقاتي وإستمرارها، لم تكن بعيدة عما حصل، خصوصا أن ثمة مصالح مشتركة فرنسية- إيرانية لها طابع تجاري في المرحلة الحالية (من المرجح إتمام صفقة تجارية بينهما خلال الايام المقبلة)، تجعل التمنيات الفرنسية، تلقى آذانا صاغية لدى طهران، التي تريد جمع الاصدقاء الدوليين حولها، وهي في مرحلة تقوية أوراقها، خلال عملية التفاوض الحاصلة في فيينا”.

الاميركيون لا يضغطون تحت عنوان “إما عودة الحكومة إلى الاجتماع أو نتخلى عن مساعدة لبنان”

يضيف المصدر:”تزامت التمنيات الفرنسية وعدم الاعتراض الاميركي عليها، مع عدة عوامل داخلية مهمة، أخذها كل من الرئيس ميقاتي والثنائي بعين الإعتبار، وأولها حالة الغليان الشعبي الكبير التي حصلت بعد وصول الدولار إلى سقف 34 ألف ليرة، والتقارير الامنية التي أظهرت بأن ثمة إنفجار إجتماعي سيحصل، على غرار ما حصل في تشرين 2019″، مشيرا إلى أن “هذه التقارير كانت سببا في إستدعاء كل من الرئيسين نبيه بري وميقاتي لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لإيجاد حل، فكان الاتفاق على السماح للمصارف بشراء الدولار من دون سقف، وللمواطنين بإستبدال الليرة اللبنانية بالدولار على سعر المنصة ولو على حساب الاحتياطي الالزامي”.

ويلفت المصدر إلى أن “الضغط الذي مارسه كل من الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل على حزب الله، وتحميله مسؤولية التعطيل(إبلاغ الرئيس عون النائب محمد رعد الاسبوع الماضي أنه لن يوقع على موافقات إستثنائية مهما حصل)، بالاضافة إلى إدراك الثنائي أنهم سيكونون مادة إنتخابية دسمة لأخصامهم على أبواب الانتخابات تحت عنوان تعطيل البلد كان سببا في التسريع بإتخاذ القرار”.

ويختم المصدر:”كما أن تمكن الثنائي من تجميد عمل المحقق العدلي طارق البيطار في تحقيقات المرفأ (فقدان النصاب الذي يسمح بالبت بدعاوى المقامة ضده من النواب المتهمين)، دفعتهم إلى إتخاذ هذا القرار الصعب ولو على حساب كسر كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي أطلّ يوما عبر الشاشات مطالبا بتنحية قاض غير نزيه على حد تعبيره”.

يوافق سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة على كلام المصدر، ويشرح ل”جنوبية” أن المباحثات الجارية في فيينا، لم تلعب دورا أساسيا في الإنفراجة الحكومية اللبنانية، لأنها معقدة جدا وشاقة، ويلزمها الكثير من الوقت حتى تصل إلى خواتيمها المرجوة”، مشيرا إلى أنه “من المتوقع أن يحصل تنازلات إيرانية خلال المفاوضات، لكن ورقة لبنان ليست قوية على الساحة الدولية، ليتم إستخدامها من قبل إيران بل هناك أوراق أكثر قوة وأهمية”.

إيران على علم بما يحصل و موقف حزب الله داخليا لم يعد مبررا

يضيف:”الاكيد أن إيران على علم بما يحصل، وأعتقد أن الموقف حزب الله داخليا لم يعد مبرر ولم يعد يعطي نتيجة، مع إستمرار إستنزاف الوقت على حساب الشعب اللبناني ومنهم بيئته الشيعية”، معتبرا أن “التجربة أثبتت، أنه لا يستطيع “قبع” القاضي البيطار، ولكن يمكنه تجميد وتأخير عمله كما هو حاصل اليوم، وهذا أمر جيد بالنسبة للثنائي الشيعي في ظل حالة اللوم التي يوجهها إليهم كل اللبنانيين، ومنهم جمهورهم حول تعطيل مجلس الوزراء، والضرر الذي يلحق باللبنانيين نتيجة هذا التعطيل، فكانت الحجة أنهم يعودون إلى الحكومة إنقاذا للوضع الداخلي الاقتصادي المأزوم” .

يجزم طبارة أن “الاميركيين لا يوجهون إنذارا إلى الطبقة السياسية (كنوع من الضغوط)، تحت عنوان “إما عودة الحكومة إلى الاجتماع أو نتخلى عن مساعدة لبنان عبر صندوق النقد الدولي”، لأن هذا يعني خراب كامل للبنان، بل على العكس هم في الفترة الماضية عملوا ولا يزالوا على منع الانهيار مع إستمرار العقوبات على حزب الله”، مشيرا إلى “العقوبات التي فرضوها حرصوا على أن يكون تأثيرها على حزب الله، وليس على مؤسسات الدولة اللبنانية، وقد قاموا بمروحة دراسات حول هذا الموضوع، وتدرجوا في فرض عقوباتهم، إلى أن وصلوا إلى أصدقاء حلفاء حزب الله، لكنهم لم يفرضوها على الشعب اللبناني أو مؤسسات الدولة”.

السابق
بالفيديو: هل يصبح لبنان «خارج الخدمة»؟.. هذا ما أوضحه كريدية لـ«جنوبية»
التالي
آلاف الإصابات بـ«كورونا» في لبنان.. واستقرار بعدّاد الوفيات