النهار: إحياء المفاوضات الحكومية على وقع الإضرابات

تبرز موجة الاضرابات التي تبدأ اليوم باضراب المعلمين ويليه غداً اضراب السائقين العموميين بعض جوانب الازمات الاجتماعية المتفاقمة في ظل أزمة الفراغ الحكومي في البلاد، علما ان احياء المحاولات لتذليل العقبات التي تعترض تأليف الحكومة امس لم يحمل عوامل جديدة من شأنها الايحاء بتجاوز المأزق.
وستتوقف الدراسة اليوم في المدارس الرسمية والخاصة والجامعة اللبنانية بكل فروعها، اذ ينفذ نحو 100 الف معلم في قطاع التعليم الرسمي والخاص اضراباً تحذيرياً بدعوة من هيئة التنسيق النقابية، رفضاَ لحال الجمود والفراغ السياسي والحكومي في البلاد وتحذيراً من تفاقم الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وارتفاع الاسعار وتأكيدا لضرورة تصحيح الاجور واقرار غلاء المعيشة، ويعني ذلك ان نحو مليون تلميذ وتلميذة وطالب وطالبة سيبقون في منازلهم. ويأتي اضراب المعلمين اليوم شاملاً على المستوى السياسي اذ يشارك فيه جميع المعلمين من قوى 8 و14 آذار في موقف لافت بعدما توافقت الروابط والنقابات المدعومة من جميع الاطراف على المطالب والشعارات التي يرفعها المضربون.
وعشية هذه الموجة تجددت المحاولات السياسية لتحريك الجمود الحكومي دونما آمال كبيرة في نجاحها. وقد اجتمع رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي أمس بالمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لـ"حزب الله" حسين الخليل وعرض معهما في الخيارات المتاحة واتفق على متابعة البحث. ولكن فهم من مصادر المجتمعين ان الخليلين ابلغا الرئيس ميقاتي ان العماد ميشال عون لا يزال متمسكاً بمطالبه. وعلم ايضا ان ميقاتي اكد انفتاحه على كل الاجواء الايجابية والاتصالات، لكنه لن يرضخ لا للتهويل ولا للضغوط ولن يغير ثوابته وتمسكه بما ينص عليه الدستور. وقالت أوساط ميقاتي لـ"النهار" ان الاجتماع كان تشاورياً وحمل مؤشرات ايجابية ولكن من دون شيء نهائي. وكرر ميقاتي خلال الاجتماع مطلبه بان تسلمه الكتل النيابية سلة من الاسماء التي تقترحها للحكومة للاستئناس بها لكن الجواب المطلوب لم يأته بعد.
وكان عون كرر اتهامه رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس ميقاتي "بشل ممارسة السلطة التشريعية لان لا معايير لديهما وهما كالساحر الذي يلعب العاب الخفة".
وقالت اوساط ميقاتي تعليقاً على موقف عون ان رئيس الوزراء المكلف يقرأ في كتاب الدستور وهو كتاب واضح وله اصول ومعايير ولا مجال لان تتحول الى لعبة.
وناقش رئيس مجلس النواب نبيه بري امس مع الوزير جبران باسيل عقبات تأليف الحكومة. وعلم ان بري ردد امام زواره ان "لا بديل من الرئيس ميقاتي وان الرجل يواصل مساعيه لتأليف الحكومة، وقد استغرق سواه وقتا اطول في هذه المهمة".

فيلتمان وجوبيه

في غضون ذلك، سجل تطوران يتصلان بالاهتمام الغربي بالوضع اللبناني الراهن. وتمثل التطور الاول في معلومات مؤكدة عن زيارة سيقوم بها مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط السفير جيفري فيلتمان لبيروت الخميس المقبل وتستمر ثلاثة ايام يلتقي خلالها عددا من المسؤولين والسياسيين الذين طلبت مواعيد منهم.
اما التطور الثاني فتمثل في معلومات لـ"النهار" عن لقاء انعقد أمس في باريس وضم النائب وليد جنبلاط والوزير غازي العريضي مع وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه تخلله تشاور في الوضع اللبناني والوضع الاقليمي.
وفي اتصال لـ"النهار" بالوزير العريضي مساء استعجل تأليف الحكومة "في اسرع وقت لمواجهة التحديات السياسية والواقع الاقتصادي والمالي والاجتماعي الضاغط، ذلك أن هذا الواقع اصبح ضاغطاً على الجميع مع النزف المالي والاستحقاقات المالية والحركة المطلبية في الشارع فضلاً عن الادارات المشلولة والفساد المستشري، وكل هذا يفرض وجود حكومة لاتخاذ قرارات على كل المستويات".
وقال: "كل هذا القضايا تعالج، ويا للأسف، بخفة أو بمزايدات فيما المسألة تتجاوز الحسابات السياسية الضيقة وتسجيل النقاط بين الأطراف السياسيين". وإذ جدد رفضه "كل التبريرات التي تعطى لتأخير تشكيل الحكومة، أكد انه يؤيد مطالب نقابات السائقين المحقة "لأن قضيتهم هي قضية فقراء"، كما أيد تحرك المعلمين والأساتذة.

جلسة… لا جلسة

الى ذلك، أثار اتجاه رئيس المجلس الى عقد جلسة تشريعية للمجلس جدلاً نيابياً وقانونياً ودستورياً واسعاً، علماً أن بري سيرأس اليوم اجتماعاً لمكتب المجلس ولجنة الادارة والعدل للبحث في هذا الموضوع والاستماع الى آراء النواب واتخاذ القرار المناسب.
وأوضح بري لـ"النهار" انه "أياً كانت آراء الزملاء النواب فثمة أمور لا بد من البحث فيها وتقديم أجوبة عنها. ومن اولويات الملفات المطروحة أمام المجلس التطرق الى وضع السجون ومسألة انتخاب حاكم مصرف لبنان بالاضافة الى مواضيع أخرى لا ينبغي التفرج عليها".
وعشية هذا الاجتماع واصلت لجنة حقوق الانسان النيابية البحث في التشريعات التي تساعد في تخفيف الاكتظاظ في السجون، في حضور وزيري العدل ابرهيم نجار والداخلية والبلديات زياد بارود.
أما على صعيد التوجهات لعقد جلسة تشريعية، فعلم أن الاتصالات تكثفت بين قوى 14 آذار لبلورة موقف موحد من هذا الاقتراح.
وفيما بدا فريق 8 آذار وتحديداً "تكتل التغيير والاصلاح" مستنداً الى سوابق دستورية لتبنيه هذه الدعوة، برزت آراء أخرى داخل فريق 14 آذار أبرزها يقول بلا ميثاقية الدعوة الى الجلسة ما دامت الحكومة مستقيلة وهذا يعني اختلالاً في توازن المؤسسات الثلاثة، الى رأي آخر يقول إن رئيس المجلس أقفل المجلس سنة ونصف سنة عندما اعتبر حكومة الرئيس فؤاد السنيورة غير ميثاقية ولا يمكنه فتح أبواب المجلس لجلسات عامة بعد اسقاط الحكومة من أجل التغطية على عجز الأكثرية الجديدة عن تأليف الحكومة.
وقد أرجأت "كتلة المستقبل" النيابية موقفها النهائي الى اجتماع تعقده في التاسعة من صباح اليوم قبل التوجه الى اجتماع هيئة مكتب المجلس. وعلم ان الرئيس السنيورة استمهل حسم الموقف لانه يحتاج الى مزيد من المناقشة مع الحلفاء في 14 آذار الذين تواصل معهم أمس، كما الى أخذ رأي خبراء دستوريين.
ويبدو ان هذا التطور فتح الباب على نقاش دستوري وسياسي آخر في شأن اعادة تفعيل حكومة تصريف الأعمال وامكان عقدها جلسات للبحث في ملفات ملحة واستثنائية في مواجهة استحقاقات داهمة على اكثر من صعيد.

السابق
كتلة المستقبل طالبت بأوسع تحرك لإدانة إسرائيل
التالي
الانوار: حملة عون على رئيس الجمهورية وميقاتي تقترب من ذروتها