الهجرة أزمة أوروبا المقبلة

بعد أن كرست أوروبا كافة جهودها ووقتها لحماية منطقة اليورو، وقبل أن تحقق شيئاً يذكر في هذا المضمار تجد نفسها الآن أمام أزمة أخرى لا تقل أهمية تتمثل في قضية «فيزا الشنغن»، فهي الآن تواجه مشكلة جديدة تهدد دول الاتحاد الـ (27)، وهي الهجرة الكبيرة التي سببتها انتفاضة وثورات دول شمال افريقيا.

إن دول الاتحاد الأوروبي عاجزة عن مواجهة وإيجاد جواب معقول على هذا التدفق الهائل الذي يهدد مصالح أوروبا المشتركة، فالأوروبيون لا يتفقون بشأن موضوع الهجرة، حيث إن كل بلد يتصرف على هواه بهذا الخصوص. إيطاليا مثلاً تريد أن تحمي مصالحها من موجة الهجرة السرية الآتية من ليبيا وتونس، فهي ترفض أن تلعب دور الحارس للحدود الأوروبية المشتركة، وبما أنها لم تتوصل إلى حل مع السلطات التونسية الجديدة بخصوص قبولها للمهاجرين فإن روما سوف تمنح المهاجرين غير الشرعيين الإذن بالهجرة المؤقتة، ولكن «فيزا الشنغن» والوثائق التي بحوزة المهاجرين في روما سوف تفتح لهم الأبواب للذهاب إلى كافة أنحاء أوروبا ما عدا بريطانيا وإيرلندا ودول البلقان، ونتيجة هذا القرار الذي اتخذته روما استطاع 20 ألف شخص أن يبلغ جزيرة لامبودوسا، وهذا ما يفرض على فرنسا أن تحضر نفسها لاستقبال أكبر عدد ممكن من المهاجرين، وبالتالي هذا يؤدي إلى احتجاجات ومشاكل سياسية، ولذلك فإن باريس سوف تضع مراقبة على حدود (الفانتميل) أو العشرين، وذلك ما سبب احتجاجات جديدة في بروكسل!!

بالنسبة لرئيس الوزراء الإيطالي «سيلفيو بيرلوسكوني» فإن الوضع لا يحتمل، كما أن حليفه في الحكومة الحزب المتشدد «حلف الشمال» معارض بشدة لكل هجرة غير شرعية، فهو لن يقبل أبداً بوجود مخيمات لاجئين على أبواب فرنسا.
وبالنسبة للفرنسيين عليهم فهم الموقف و تحقيق شرعية ديمقراطية، ففي الوقت الذي كانت فيه البطالة مرتفعة قبل الثورة والتي وصلت حدها الأقصى يتساءل التونسيون: ماذا ستخسر أوروبا بقبولها مهاجرين غير شرعيين؟!! أوروبا لن تخسر شيئاً باحتوائها هؤلاء المهاجرين، ففي كل الأحوال يوجد داخل أوروبا الكثير من العاطلين عن العمل.

ففي عام 2008 اتفق بيرلوسكوني مع القذافي على وقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين مقابل 5 ملايين دولار سنوياً تدفعها روما لطرابلس وهكذا باتفاق مشترك لدول الـ (27) يمكنها أن تجد حلاً لمواجهة أحد أهم تداعيات أحداث شمال أفريقيا.

ترجمة فداء داهود- البعث

السابق
الجمهورية عن مصادر: لا جدول أعمال مسبق للقاء المسيحي
التالي
رداً على الأستاذ طلال سلمان: نصائحكم لسورية تستولد القلق فقد أصبحتم شاهد عيان عن بعد