نهاية جمهورية ماهر المقداد

اختفى الجناح العسكري لعشيرة آل المقداد، ذهب الرجال ومعهم السلاح. لم يعد لهم وجود، صاروا من الطفار في الجرود، بعدما قرر الجيش القيام بحملة لدهم منازلهم وأوكارهم في الشارع الذي يحمل اسمهم في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وصار ماهر المقداد، الذي كان يهدد ويتوعد ويتغنى بالخطف، يتنقل من منزل الى آخر، فلا يستقر لساعات في مكان واحد، ولا ينام ليلتين متتابعتين في بيت واحد، ولم يعد يجيب على هاتفه الخليوي خوفاً من ملاحقته عبر "داتا المعلومات". بل أكثر من ذلك، صار يؤكد في اطلالاته الإعلامية، المجهولة المكان، انه غير مطلوب، وانه غير مسؤول عن الخطف والأعمال المسلحة، بل أكثر من ذلك انه فقط ناطق بإسم رابطة آل المقداد الجمعية الخيرية الإجتماعية.
دخل الجيش شارع آل المقداد، ولم يجد مواجهة من جناح عسكري، أو حتى سياسي. بل ان كل الأطراف السياسيين أيدوا خطوته، وقد عبر عن ذلك الرئيس نبيه بري بقوله ان حركة "أمل" و"حزب الله" يوافقان على دخول الجيش كل منزل، وليفرض سلطة الدولة، وليلاحق تجار المخدرات، وليذهب بقاعاً وجنوباً.
وهكذا وجد ماهر نفسه، ومن معه، مضطرين لتسليم التركي المخطوف، قبل ان تدهمهم قوة من الجيش، فتحرر الرهينة، وتلقي القبض عليهم متلبسين بالجرم.
فهم آل المقداد الرسالة. لم يصدر عن العشيرة أي بيان استنكار بل اقتنعت، بعد اتصالات، بتأييد حملة الجيش، لئلا تقع الفرقة داخل العائلة الواحدة.
وقال ماهر لمحدثيه عبر الهاتف في اليومين الماضيين: "استعملونا وباعونا بالرخيص، أرادوا مفاوضة التركي على حسابنا. خلصت اللعبة وافهموها متل ما بدكن".
خلصت اللعبة. وتبدل الخطاب. وأكد ماهر المقداد "لن ننجر الى فتنة مع الجيش"، أي الى مواجهة. واستسلامه للحملة ربما ينقذه من التوقيف، ويعيد له حرية الحركة.
اذاً "خلصت قصتنا" ومعها انطفأ حلم ماهر المقداد بالنيابة كما ردد كثيرون، اذ لم يخرج من المواجهة بطلاً. وليس في الأمر شماتة، بل قراءة لواقع مشظى، وخسائره كبيرة. فالتداعيات طالت العشيرة كلها، بل كل العشائر التي عرفت تاريخياً بنبلها وكرمها، فإذا بها تتحول بين ليلة وضحاها، بل تحول أبناءها قطاع طرق وخاطفين. وصارت صورتها بحاجة الى ترميم وتجميل.
في المقابل شكلت الخسائر العشائرية انتصاراً لمنطق الدولة. وسلطة الجيش والأجهزة الأمنية، وظهرت الأخيرة قادرة متى شاءت، ومتى توافر لها الغطاء السياسي من الأحزاب المسيطرة.
صحيح ان ما حصل أساء كثيراً الى صورة الدولة، وضرب الموسم السياحي الصيفي، وافقد الكثير من اللبنانيين ثقتهم بالدولة، لكن الفصل الأخير من "المسلسل التركي" أعاد بعض الثقة بالمستقبل، ربما علّم، من يتعلم، ان منطق الدولة أقوى. 
 

السابق
اعتقال محاضر جامعة الخليل وتفتيش طفلته تفتيشاً عارياً
التالي
لهذا ألغت حفلها في تركيا