الصهيونية الثالثة

الصهيونية المسيحية هي الصهيونية الأولى وابنة الاستعمار، إذ ظهرت مع صعوده ونالت تشجيعه ودعمه في حركتها التبشيرية العالمية،وفي دعمها القوي للمشروع الصهيوني اليهودي الذي يشكل جزءاً رئيساً من حركة الاستعمار، بل هو الجزء الأشدّ عنصرية وبشاعة، أعني الحركة الاستعمارية الاستيطانية الوحيدة الباقية في العالم والتي تشكل تهديداً وجودياً للعالم العربي والإسلامي .
الصهيونية اليهودية هي الصهيونية الثانية، ربيبة الاستعمار والملتحمة بمصالحه ومخططاته. هي تسلّل الأهداف والمطامع الأميركية الصهيونية إلى المجتمعات العربية والاسلامية، لا على مستوى الأنظمة السياسية أو الاحزاب والشخصيات السياسية فحسب، بل على المستوى الاجتماعي والثقافي كذلك.

الصهيونية الثالثة عمل جاد للعودة بالمجتمعات العربية والاسلامية، إلى العصر الجاهلي وحرب البسوس، بل إلى العصر الحجري.
ماهي نتائج مشروع النفاق الأميركي الصهيوني لنشر «الديمقراطية» و«حقوق الإنسان» في العراق ؟
من ساهم في تدمير العمود الفقري لوحدة المجتمع في العراق،أي الجيش العراقي؟
من أطلق حرب الطوائف والمذاهب والقبائل؟
من يموّل ويساند حركات التطرّف الإسلامي ومن يمدّها بالذخائر والأسلحة ؟ ولِمَ لا تنشط هذه الحركات إلاّ في ما يعزّز الفتنة المذهبية ويخدم المشاريع الأميركية الصهيونية؟
لِمَ الصمت والسكوت عن الصراع مع العدو الصهيوني ؟ وما سر العهود والمواثيق مع الإمبريالية الأميركية ؟ ماذا يعني الوصول إلى السلطة تحت رعاية ومظّلة أميركا ووكلائها؟
ما سر التطابق بين المواقف الأميركية والصهيونية وهذه الحركات وغيرها من محور المقاومة، خاصة من النظام السوري وحزب الله؟

الصهيونية الثالثة هي حَرْف الإسلام باسم جماعات اسلامية عن جوهره في الانفتاح على العالم والكون وفي تساميه وارتقائه بفعل الخير من دون تمييز، وتحويله إلى جماعات مغلقة تكفّر بعضها البعض وتقاتل بعضها البعض وتنسى أو تتناسى وجهة الصراع والجهاد وتستقوي بالأجنبي ضد أهلها واخوتها وأبناء مجتمعها .
إنها تسخير أنظمة وجماعات وحركات إسلامية لا لخدمة مشروع قومي ووطني ولا لمصلحة عالم عربي أو عالم اسلامي ، بل لخدمة مصالح فئوية ضيقة تتناقض مع مصالح المجموع العام ولا تخدم سوى تثبيت المشروع الصهيوني ومشاريع الهيمنة الاستعمارية.

الصهيونية الثالثة هي خادمة الاستعمار، لكنها بعد تحقيق أهدافه في تدمير الدول والمجتمعات العربية تكون ضحيته.
الصهيونية حركة سياسية استيطانية ملتحمة بالقوى الاستعمارية، ورغم كونها حركة لا دينية في طبيعة نشأتها وتأسيسها وفي طبيعة مؤسسيها العلمانيين والملحدين في غالبيتهم،غير أنها الحركة الأكثر استخداماً وتوظيفاً للدين في سبيل تحقيق غاياتها السياسية.

وُظّف الدين المسيحي بما يناقض مبادئه وتعاليمه خدمة لمشروع استعماريّ. كما وظّف الدين اليهودي بما فيه من عنصرية وانغلاق في خدمة المشروع الاستعماري الاستيطاني، وتم التخلّي عن التراث اليهودي الأرثوذكسي الذي كان يرى في فكرة العودة إلى فلسطين مشروعاً خلاصياً لا يتحقق إلاً بمعجزة غير بشرية عند مجيء المسيح .

اليوم يتمّ التسلّل إلى الاسلام عبر التوظيف الديني بما يتناقض مع الدين والمجتمع خدمة لبقاء المشروع الصهيوني وديمومته.
الهدف من استخدام الدين استبعاد العقل عن مجال الفعل السياسي والاعتماد على الغرائز والعواطف التي يسهل تأجيجها ويسهل بالتالي تحريك الجماعات البشرية المتحوّلة إلى قطعان يقودها الكرّازون لغايات ومصالح متناقضة مع مصالحهم الأساسية، وتخدم مصالح المخططين والفئة المهيمنة في دوائر الاستعمار وملحقاته.

لا أهداف دينية للغالبية الساحقة من الحركات الدينية في العالم، خاصة في العالم الإسلامي .الأهداف الحقيقية سياسية رخيصة لأنها غير مستقلة وتطرح في سوق المزاد والبازار السياسي. إنها أغراض الوصول السياسي الانتهازي،الملتزمة بالجهات الداعمة والراعية.
الإدارة الأميركية هي الوصية على الأنظمة الداعمة والراعية لهذه الحركات، ومن دون موافقتها وتوجيهاتها لا يمكن فعل شيء.

هدف الصهيونية الثالثة العمل على إلغاء كل مصادر التهديد لأميركا وبالتالي للكيان الصهيوني، وهي المصادر المادية والروحية معاً.
المصادر المادية قوى منظمة ومجهزة وقادرة على الحاق الأذى بالعدو. إنها تنظيمات وأحزاب ودول تواجه العدو الصهيوني والمشاريع الغربية ولا تتلقى أوامرها من واشنطن ولندن وباريس.
المصادر الروحية هي قيم المحبة والرحمة وثقافة الانفتاح والتسامح بين الجماعات المكوّنة للشعب، هي قيم الصبر والتضحية والعطاء والبطولة والشجاعة وعدم الخوف، قيم الجهاد الحقيقي الذي لا يضيّع بوصلته بل يبقى دائماً في الاتجاه الصحيح.

ليس مسلماً من يقول الله أكبر ثم ينبطح أمام رئيس أو أمير أو ملك أو أي انسان،أو يطأطىء الرأس وينحني للارادة الغربية والأميركية ويخشى العربدة الصهيونية .
المسلم الحقيقي هو الذي يجاهد ضد العدو الحقيقي الذي عبر المحيطات ليغزونا ويحتل بلادنا وينهب خيراتنا، وليس مسلماً من يتحالف مع هذا العدو ويسير في ركبه وينفّذ مخططاته.

من هي الدول التي تعمل على تدمير سورية وتدمير كل أشكال المقاومة ضد العدو الصهيوني ؟
من هي الجهات التي تنفق مليارات الدولارات على الإعلام والمؤسسات ورجال الدين لتحويل الصراع ضد العدو الصهيوني إلى وجهة أخرى ؟
من هي الحركات والتنظيمات التي أضاعت مفهوم الجهاد ووجهته ؟
أين هو الجهاد ضد العدو الصهيونيّ وضد مشاريع الهيمنة الغربية ؟
من هي الصهيونية الثالثة التي تعمل جاهدة على بث الفتن الطائفية والمذهبية والإتنية؟  

السابق
الحقيقة الكاملة وراء مقتل شاب من غزّة في حلب
التالي
سورية دائماً وأبداً