الحقيقة الكاملة وراء مقتل شاب من غزّة في حلب

تصاعدت في الأيام الأخيرة أنباء عن مقتل فلسطينيين من غزّة في المعارك القائمة داخل سورية، وأخذت هذه الأخبار حيزاً أكبر مع بروز صورة على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام تظهر أحد أبناء غزّة، ويدعى نضال العشّي، مقتولاً وملفوفاً بعلم العصابات المسلحة، في إشارة إلى قتاله مع ما يسمى «الجيش الحرّ» ضد الجيش السوري في حلب.
وفي الوقت ذاته، أخذت وسائل الاعلام الالكترونية والمرئية تبرز هذا الخبر وتعطيه أبعاداً أخرى مؤكدةً خروج مقاتلين من غزّة «للجهاد» في سورية، واصفةً نضال العشي بأنه أول «شهيد» من غزّة يسقط في معارك سورية، حسب ما وصفت وسائل اعلام ما يسمى «المعارضة السورية» والاسلاميين المتطرفين.
في العودة الى حقيقة مقتل الشاب الغزّاوي نضال العشي أكد كل عارفيه أن الصدمة في محيطه وعند ذويه أكبر من حجم الضخ الاعلامي الذي رافق الخبر.
تنفي عائلته كل ما يقال عن ولدها، هذه العائلة التي ما زال أحد أفرادها الكبار في السن يرقد في المستشفى من وهلة الخبر، تؤكد ان ابنها ذهب ليتابع دراسته منذ عام 2010 ولم يعد.
خرج نضال منذ عامين الى سورية في بعثة دراسة، كمثل الكثيرين من اللبنانيين والعراقيين والفلسطينيين والأردنيين الذين تقدم لهم الدولة السورية مساعدات ومنح تعليمية.
ومع اندلاع الحرب على سورية، آذار 2011، أخذ الشارع الفلسطيني موقف المقاوم لها والداعم للدولة والشعب السوري ضد هذ الهجمة، ونضال هو أحد هؤلاء الشبان الذين رفضوا الانخراط في هذه المؤامرة، فهو كما يقول أحد أقربائه في غزّة:»مالو علاقة بهالقصص».
مع تصاعد أعمال العنف والإرهاب داخل الأراضي السورية، وارتفاع نسبة عمليات الخطف، فُقد التواصل بنضال، الذي كان آخر إتصال معه منذ 9 أشهر. حاول أقرباؤه إيجاد وسيلة لمعرفة أي خبر عنه، سواء عبر الفصائل الفلسطينية او الأحزاب الوطنية أو حتى الدولة السورية، فكانت النتيجة وبعد شهرين من البحث أنه اختطف على أيدي العصابات المسلحة، ولم يعرف عنه شيء من بعدها، حيث قال أحد أقربائه «ما خلينا حدا، أو طريقة الا وسألنا، وبعد ما اختفى حوالى السنة عرفنا من يومين انه استشهد».
من يلتقي بعائلة نضال العشي يدرك حجم المأساة، فالأم التي لطالما افتخرت بموقف عائلتها الوطني ترى ابنها، الذي ذهب للدراسة، قتيلاً يتاجر بدمه من دون أن تسطيع حتى ضمه الى صدرها، والجدّة التي لم يبق من عمرها الاّ بعض من قهر الأيام ترقد في غيبوبة داخل احدى مستشفيات غزّة علّها تجد حفيدها الضائع بين مطرقة مصالح دول الاستعمار وعملائهم، وسندان انتهازيهم من الاعلام المأجور والمرتزق.
أكثر ما يؤلم عائلة وأصدقاء نضال العشّي هي تلك الأقلام المأجورة التي تروّج لمقتله بطريقة أو بأخرى، محوّلين صفحاتهم لإقامة الاستعراضات الاعلامية والبطولات الدونكيشوتية على دماء الناس من دون الأخذ بعين الاعتبار الحد الادنى من القيم الانسانية لمثل هذه الحادثة.
في المحصّلة: هنالك شاب من غزّة ظهرت صوره على وسائل الاعلام، بعد خطفه منذ حوالى السنة، ملفوف بعلم العصابات المسلّحة وتم التسويق له إعلامياً بشكل مكثّف من قبل «الاخوان المسلمين» ومواقعهم الالكترونية، (والذين لا ينتمي اليه نضال لا تنظيمياً ولا إيديولوجياً)، وبعض «الاعلاميين» المرتزقة، من دون أن يكون للخبر أي صحة.
من الواضح لكل متابع للأحداث الجارية على الساحة السورية، أن المعركة باتت في أوجها، وأن كل عوامل وأوراق الضغط على الدولة السورية باتت قائمة من قبل الأعداء، وأن «السولد» هو استراتيجية اللعب الوحيدة القائمة الآن.
من هنا يمكن فهم وتفكيك واقعة نضال العشّي، فاليوم بات المطلوب زجّ الشارع الفلسطيني في الاحداث والمواجهة ضد الشعب والدولة السورية بشكل مباشر، ومن الواضح التخطيط له جرى منذ اللحظات الأولى لهذه المواجهة، فـ»المارد الفلسطيني» قوّة لا يستهان بها، وهي الجهة الوحيدة التي تستطيع أخذ بُعد نضالي فعلي بعيداً عن مرتزقة «الناتو» وإرهابيي «القاعدة»، كما أن المخطط المستقبلي يقضي بإنهاك هذه القوّة بصراع مع الدولة والشعب السوري لتمرير مخطط التسوية (التصفية) في المنطقة حسب المنظور «الاسرائيلي»-الأميركي وبناء الدولة الأردنية-الفلسطينية-اليهودية الواحدة بمركز «اسرائيلي»، ودويلات محيطة مفككة تأخذ الطابع الديني والتي لا تملك مقومات الوجود سوى التصارع الدائم في ما بينها لصالح المركز المدير لهذه الصراعات: «اسرائيل». 

السابق
فاشلون.. حتى الاستباحة!
التالي
الصهيونية الثالثة